يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
قمة البحرين العربية .. التحديات الكبرى
كل أبناء الأمة العربية يتطلعون إلى القمة العربية التي ستحتضنها البحرين بعد يومين. يتطلعون إلى القمة بكثير من الأمل ويريدون أن تكون قمة تاريخية تدشن عهدا جديدا في تاريخ الأمة والعمل العربي المشترك.
القمة تنعقد في وقت هو أخطر الأوقات التي مرت بها الأمة العربية.
لم يحدث أن كانت الأخطار والتحديات التي تواجه الأمة على هذه الدرجة من الجسامة مثلما الحال اليوم. يكفي أن شعبا عربيا يُباد أمام أنظارنا وأنظار العالم في غزة بما يعنيه ذلك من أبعاد وتبعات كارثية كبرى ستطول كل الوطن العربي. ويكفي أن كل الدول والقوى المعادية للأمة أصبحت تستبيح سيادة دولنا واستقلالها بلا رادع. ويكفي أن العالم كله أصبح عمليا يتعامل مع الأمة العربية كما لو أنها لم تعد موجودة ولم يعد لها أي وزن أو تأثير في عالم اليوم والمستقبل.
على ضوء مثل هذه التحديات والأخطار الكبرى يتطلع أبناء الأمة العربية إلى قمة البحرين.
ولا شك أن استضافة البحرين للقمة هي فرصة لأن تكون قمة عربية تاريخية تلبي ولو قدرا من تطلعات أبناء الأمة.
بداية، الكل يعلم أن مبادرة جلالة الملك باستضافة القمة الحالية رغم الأوضاع العربية المأساوية والتحديات الكبرى هي تجسيد لالتزام عروبي أصيل وبالرغبة الشجاعة في مواجهة التحديات وبلورة مواقف عربية فعّالة تحمي الأمة وأمنَها.
مواقف البحرين العروبية وحرصها على التضامن العربي مشهودة وكل العرب يعرفونها.
والبحرين من أكبر الدول العربية القادرة على تقريب وجهات النظر وتحقيق توافق بين الدول العربية بحكم علاقاتها الطيبة مع الكل بلا استثناء.
لهذا فإن آمالا عربية كبيرة معقودة على قمة البحرين.
حين يجتمع القادة العرب، هناك حقائق أساسية عن الوضع العربي اليوم المفروض أنها واضحة بالنسبة إليهم.
أول هذه الحقائق يتعلق بحرب الإبادة الصهيونية على أهلنا في غزة.
هذه الحرب كشفت بداية عن عداء متأصل للأمة العربية ليس من جانب العدو الصهيوني فقط، ولكن من الدول الغربية رغم كل علاقاتها وروابطها مع الدول العربية.
أهم وأخطر قضية هنا أن هذه الحرب كشفت عجز الأمة العربية أمام العالم. الدول العربية بكل إمكاناتها وقدراتها عجزت عن ردع العدو الصهيوني وعن إجباره على وقف الحرب وعجزت عن حماية الشعب الفلسطيني.
هذا العجز يعني أن هناك خللا عميقا في العمل العربي المشترك.
ويعرف الكل أن استمرار هذا الوضع وهذا العجز ستكون له تداعيات استراتيجية في منتهى الخطورة على الأمة العربية. الأمر لا يقتصر هنا على تصفية القضية الفلسطينية إذا ترك العدو الصهيوني يكمل مخططاته من دون ردع، وإنما سيمتد مخطط الإبادة ليشمل الوطن العربي كله. الأمن القومي العربي في مهب الريح.
والأمر لا يقتصر على التحديات التي تفرضها الحرب الصهيونية على غزة، وإنما هناك تهديدات جسيمة أخرى تعصف بالأمة العربية وكل دولنا وشعوبنا.
في الكلمة التي ألقاها أمس في الاجتماع التحضيري للقمة، لخّص الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، بشكل مختصر ودقيق، أهم وأخطر التحديات التي تواجهها الأمة العربية والمطروحة على القمة، بالإضافة إلى العدوان الصهيوني على غزة ، حين قال: «القمة العربية تنعقد في وقت باتت فيه الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية مهددة بتقويض أركانها، وغياب حضورها نتيجة نزاعات داخلية، يضاف إلى ذلك خطر المليشيات المسلحة التي زادت من وتيرة الإرهاب، وتهديد الأمن الإقليمي، وهي جزء من التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، الأمر الذي يتناقض مع كافة المواثيق الدولية».
لنتأمل ما قاله الشيخ الدكتور عبدالله بن أحمد وسندرك جسامة الأخطار والتهديدات للأمة العربية وبالتالي التحديات الكبرى المطروحة على القمة.
لهذا الكل يتحدث عن أن قمة البحرين «نقطة تحول» و«علامة فارقة» في تاريخ الأمة ومسيرة العمل العربي المشترك.. وهكذا.
والأمر هكذا بالفعل.
يمكن أن نصف القمة بأنها قمة «أن تكون الأمة أو لا تكون».
القمة مطالبة بأن تثبت للعالم أننا أمّة حيّة قادرة على الدفاع عن دولها وأمنها وأبنائها. مطالبة بأن تثبت للعالم أننا قادرون على ردع الأعداء ومواجهة التحديات.
للحديث بقية بإذن الله.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك