يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
الإرهاب الصهيوني لأمريكا
انتفاضة طلاب الجامعات في أمريكا دليل حيوية المجتمع الأمريكي وشهادة حضارية إنسانية للرأي العام الأمريكي. الانتفاضة تؤكد انه في نهاية المطاف فإن الرأي العام الأمريكي ينحاز للحق والعدل ويرفض حرب الإبادة الصهيونية في غزة والجرائم الصهيونية، وان في أمريكا قوى مجتمعية حيوية وحية تتحرك من اجل المبادئ والقيم الإنسانية.
لهذا، ولأسباب أخرى، يعتبر الكثيرون في أمريكا ان هذه المكارثية الجديدة التي تشهدها البلاد وهذا القمع والإرهاب الشامل للطلاب امر غريب من وجهة نظر المصلحة الأمريكية، ويتساءلون عن الأسباب التي قادت الى هذا الوضع.
أسباب كثيرة تجعل هذا الوضع غريبا وغير مفهوم تماما.
في مقدمة هذه الأسباب ان الآراء والمطالب التي يطرحها الطلاب في انتفاضتهم ليست آراءهم ومطالبهم فقط وانما تعبر عن قطاع كبير من الرأي العام الأمريكي. هذا ما تؤكده مثلا استطلاعات الرأي حول الموقف من حرب إبادة غزة. ليس هذا فحسب، بل أصبح معروفا ان كثيرين داخل المؤسسات الأمريكية الرسمية يتبنون هذ الرأي وهذه المطالب بدليل الرسائل التي بعثها اعداد كبيرة من الموظفين في مختلف المؤسسات يعبرون فيها عن ذلك.
الأمر الآخر ان هذه المكارثية الجديدة التي تجتاح امريكا في مواجهة حركة الطلاب تدمر صورة أمريكا في العالم وتنسف كل دعاواها عن انها دولة قائدة في حماية الحريات وحقوق التعبير عن الرأي وحقوق الانسان بصفة عامة.
ومن المثير للغرابة أيضا ان هذا يحدث في الوقت الذي تدرك فيه الادارة الأمريكية، ويقول مسؤولوها هذا علنا، ان الموقف الأمريكي من حرب إبادة غزة ومشاركتها الفعلية فيها قد يدمر حظوظ الرئيس بايدن في الفوز في انتخابات الرئاسة القادمة.
لكل هذا يتساءل الكثيرون في أمريكا اليوم عما وراء هذه المكارثية الجديدة وكل هذا العنف مع الطلاب.
والجواب الذي يكاد يجمع عليه الكل هو، اللوبي الصهيوني ودوره المدمر في أمريكا. وهذا صحيح تماما.
الحملة المكارثية الحالية على الطلاب يقودها اللوبي الصهيوني.. هو الذي يخطط لها وينفذها.
هذه الحركة الطلابية التي تجتاح كل جامعات أمريكا تمثل بالنسبة للوبي الصهيوني مصدر فزع كبير. اللوبي يفرض سطوته على الحياة السياسية الأمريكية منذ عقود طويلة. وفي حرب ابادة غزة الحالية بذل هذا اللوبي جهودا هائلة كي يبقي الدعم الأمريكي الأعمى للكيان الصهيوني وكي يحول دون الانتقادات الحادة للكيان سياسيا واعلاميا. وقد نجح اللوبي في مهمته الى حد كبير جدا. لكن حركة الطلبة الحالية التي جذبت انتباه العالم كله من شأنها ان تقلب الرأي العام الأمريكي ضد الكيان الصهيوني وجرائمه ولصالح الفلسطينيين. كما انه من المؤكد ان تتأثر بها المؤسسات الرسمية بهذا القدر او ذاك.
لهذا تصدى اللوبي الصهيوني لهذه الحركة منذ البداية بمنتهى العنف واتبع كل الأساليب القذرة.
هذا اللوبي هو الذي دفع أعضاء الكونجرس إلى شن حملة مكارثية على الطلاب والأساتذة ورؤساء الجامعات بما له من نفوذ مالي وسياسي وتأثير على الكونجرس.
واللوبي هو الذي شن حملة التشهير بالطلاب والأساتذة بنشر أسمائهم والتحريض عليهم.
الحديث يطول عما يفعله اللوبي الصهيوني لكنه باختصار كما ذكرنا هو الذي يقود هذه الحملة المكارثية في أمريكا اليوم.
في الحقيقة اتضح ان نفوذ هذا اللوبي الصهيوني في أمريكا أكبر وأعمق بكثير مما يتصور الكثيرون. أعضاء اللوبي يمارسون إرهابا صهيونيا لأمريكا على كل المستويات.
غير ان الحديث عن دور اللوبي الصهيوني لا يمكن ان يخفي الوجه الآخر للقضية. نعني انه ما كان للوبي ان يلعب هذا الدور الهائل لولا ضعف القيادات الأمريكية.
لم يحدث في تاريخ أمريكا كلها ان كانت القيادات الحاكمة ضعيفة بهذا الشكل في مواجهة الكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني مثلما هو الحال اليوم. قيادات تبدو عاجزة تماما وغير قادرة على ان تفعل شيئا دفاعا حتى عن المصلحة الأمريكية نفسها.
لنتأمل مثلا ماذا قال الرئيس الأمريكي بايدن حول مظاهرات الطلبة. الرئيس الأمريكي المفروض انه حامي الحريات وحقوق التعبير عن الراي للطلاب وغيرهم. لكنه خرج ليقول ببساطة أن هذه المظاهرات «معادية للسامية». هكذا ببساطة كأنه يتحدث باسم اللوبي الصهيوني لا باسم الدستور والمصلحة الأمريكية .
عموما في المحصلة النهائية أمريكا هي التي تدفع ثمن هذا الخضوع للصهاينة وهذه المكارثية الجديدة التي تجتاح البلاد. تدفع الثمن من مكانتها العالمية التي ومن ديمقراطيتها والقيم التي تقول انها تدافع عنها، ومن ثقة الشعب الأمريكي في النظام السياسي.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك