العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

إيهود أولمرت يكشف المخطط!

في‭ ‬مقال‭ ‬نشره‭ ‬مؤخرا‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬إيهود‭ ‬أولمرت‮»‬‭ ‬وضح‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الكيان‭ ‬أرادت‭ ‬صناعة‭ ‬نموذج‭ (‬الإبادة‭ ‬والتدمير‭) ‬في‭ ‬غزة‭ ‬كمؤشر‭ ‬لما‭ ‬سيحدث‭ ‬لاحقا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقدس‭! ‬وأن‭ ‬الهدف‭ ‬الأسمى‭ ‬لـ‮«‬بن‭ ‬غفیر‮»‬‭ ‬و«سمورتيش‮»‬‭ ‬ليس‭ ‬غزة،‭ ‬المعركة‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬الضفة‭ ‬والأقصى‭! ‬ومطلوب‭ ‬‮«‬تطهير‮»‬‭ ‬الضفة‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وكذلك‭ ‬القدس‭ ‬والأقصى‭ ‬لتكون‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ (‬يهودية‭ ‬خالصة‭)!‬

من‭ ‬خلال‭ ‬مقاله‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أولمرت‮»‬‭ ‬يفضح‭ ‬أهداف‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬و«بن‭ ‬غفير‮»‬‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الكنيست‭ ‬أقر‭ ‬أن‭ (‬لا‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭)! ‬وبذلك‭ ‬تم‭ ‬إنهاء‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وحيث‭ ‬ما‭ ‬أراده‭ ‬ويريده‭ (‬المتطرفون‭ ‬المسيطرون‭ ‬على‭ ‬العقل‭ ‬الصهيوني‭ ‬داخل‭ ‬الكيان‭)‬،‭ ‬إعلان‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬لنقل‭ ‬المعركة‭ ‬إلى‭ ‬القدس‭ ‬والضفة‭ ‬التي‭ ‬يمارس‭ ‬فيها‭ ‬الجنود‭ ‬الصهاينة،‭ ‬اقتحامات‭ ‬يومية‭ ‬واعتقالات‭ ‬بل‭ ‬وتجريف‭ ‬الشوارع‭ ‬تمهيداً‭ ‬لدخول‭ ‬أسهل‭ ‬للدبابات‭ ‬لاحقا‭!‬

هذا‭ ‬الرهان‭ ‬المتطرف‭ ‬والإجرامي‭ ‬على‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير‭ ‬عبر‭ ‬الإبادة‭ ‬والتجويع‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬يراد‭ ‬تكراره‭ ‬لاحقا‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقدس‭! ‬وحيث‭ ‬الاستخفاف‭ ‬بالمقدسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬لم‭ ‬يثن‭ ‬المتطرفين‭ ‬عن‭ ‬الاستهتار‭ ‬برمزية‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وقدسيته‭ ‬لدى‭ ‬عامة‭ ‬المسلمين،‭ ‬و‭(‬ما‭ ‬يؤجل‭ ‬مخططهم‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬فقط‭ ‬عدم‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬نموذج‭ ‬غزة‭) ‬بسبب‭ ‬صمود‭ ‬أهلها‭ ‬ومقاومتها‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬أبشع‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬الحروب‭!‬

أي‭ ‬أنه‭ ‬بقدر‭ ‬صمود‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬والمقاومة‭ ‬ستتأخر‭ ‬معركة‭ ‬الضفة‭ ‬والأقصى‭ ‬الطاحنة‭! ‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ (‬التخطيط‭ ‬العنصري‭ ‬المدمر‭) ‬فإن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني،‭ ‬يرى‭ ‬أنه‭ ‬وكهدف‭ ‬معلن‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬‮«‬أية‭ ‬مقاومة‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ولدى‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والقدس‭! ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬تهجير‭ ‬أهلها،‭ ‬لكي‭ ‬تبدأ‭ ‬المعركة‭ ‬الأساسية‭ ‬بحسب‭ ‬المخطط‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬والأقصى‭!‬

في‭ ‬2021‭ ‬حين‭ ‬اقتحام‭ ‬الأقصى،‭ ‬كان‭ ‬للمقاومة‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬مقاوم‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬عدم‭ ‬تكراره،‭ ‬مثلما‭ ‬عدم‭ ‬تكرار‭ ‬مقاومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭! ‬وخاصة‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر،‭ ‬التي‭ ‬زلزلت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بناه‭ ‬الاحتلال‭ ‬عبر‭ ‬عقود‭ ‬منذ‭ ‬نشوء‭ ‬كيانه‭! ‬

والمطلوب‭ ‬هو‭ ‬إخراج‭ ‬‮«‬غزة‮»‬‭ ‬أولاً‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬مواجهة‭ ‬قادمة‭ ‬في‭ ‬الأقصى‭ ‬والضفة‭! ‬وثانياً‭ ‬جعل‭ ‬الآليات‭ ‬الوحشية‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬هو‭ ‬للقضاء‭ ‬عليها‭ ‬وتجويع‭ ‬أهلها‭ ‬وقتلهم‭ ‬بالقصف‭ ‬أو‭ ‬بالجوع‭ ‬وبالمرض‭ ‬والأوبئة،‭ ‬ليأخذ‭ ‬اليأس‭ ‬طريقه‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬نحو‭ ‬إخلاء‭ ‬المكان‭ ‬والهجرة،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬استعداداً‭ ‬لما‭ ‬يراه‭ (‬العقل‭ ‬المتطرف‭ ‬الصهيوني‭) ‬للحرب‭ ‬‮«‬الاستراتيجية‮»‬‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬والاستفراد‭ ‬بالأرض‭ ‬الفلسطينية‭!‬

بالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬مختلف‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬والمقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬صمودها‭ ‬هو‭ ‬صمود‭ (‬وجودي‭) ‬مهما‭ ‬علت‭ ‬جبال‭ ‬المآسي‭! ‬وأن‭ ‬معركة‭ ‬غزة‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬قادمة‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين،‭ ‬وأن‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬وخاصة‭ ‬بعقله‭ ‬المتطرف‭ ‬وهو‭ ‬يخطط‭ ‬للاستيلاء‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬فلسطين،‭ ‬وإخلائها‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬مقاومة‭ ‬للاحتلال،‭ ‬بل‭ ‬ومن‭ ‬الوجود‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ (‬قد‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬لغة‭ ‬السلام‭ ‬تماما‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬والتهجير‭)! ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬إعلان‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬التراب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وعلى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬أرضهم‭! ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬التصورات‭ ‬السلمية،‭ ‬التي‭ ‬امتد‭ ‬أمدها‭ ‬لعقود‭ ‬طويلة‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬اتفاقيات‭ ‬أوسلو‮»‬‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬أية‭ ‬نتيجة‭ ‬سوى‭ ‬التلاعب‭ ‬بالزمن‭ ‬والوقت‭ ‬والمصير‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬تلك‭ ‬التصورات‭ ‬لن‭ ‬تنتج‭ ‬لدى‭ ‬الصهاينة‭ ‬رؤية‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬روجوه‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل،‭ ‬حول‭ ‬أساطيرهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬الملفقة،‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬التلمود‭ ‬الذي‭ ‬كتبه‭ ‬حاخامات‭ ‬يهود،‭ ‬هو‭ ‬المنطلق‭ ‬لكل‭ ‬المخططات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬مضت‭ ‬وبالمثل‭ ‬المخططات‭ ‬القادمة‭!‬‭ ‬والتي‭ ‬كشف‭ ‬جزءاً‭ ‬منها‭ ‬‮«‬إيهود‭ ‬أولمرت‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقالته،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬نتاج‭ ‬عقول‭ ‬المتطرفين‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الصهيونية‭ ‬الراهنة،‭ ‬وليست‭ ‬نتاج‭ ‬سيرورة‭ ‬فكرية‭ ‬ومعتقدية‭ ‬يسير‭ ‬على‭ ‬خطاها‭ ‬الصهاينة‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬نشوء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭! ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬مهم‭ ‬الالتفات‭ ‬إليه‭!‬

ما‭ ‬يفاجئ‭ ‬الصهاينة‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الصمود‭ ‬الأسطوري‭ ‬للفلسطيني‭ ‬والتشبث‭ ‬بأرضه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬الضفة‭ ‬أو‭ ‬القدس‭! ‬والتاريخ‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بين‭ ‬المحتل‭ ‬والشعب‭ ‬الذي‭ ‬يقاوم‭ ‬الاحتلال‭ ‬يبقى‭ ‬مفتوحا‭! ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬مارس‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بيده‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬للطغيان‭ ‬والوحشية‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب،‭ ‬بل‭ ‬والسياسات‭ ‬التي‭ ‬أنتجت‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وتضليل‭ ‬العقل‭ ‬العربي‭ ‬لإزاحة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬أجندة‭ ‬أولوياتها‭ ‬وعملها‭ ‬الجاد‭ ‬والنتيجة‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬رأيناه‭ ‬ونراه‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬أهلها‭ ‬وبشكل‭ ‬أسطوري‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭! ‬

مثل‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬لا‭ ‬يسهل‭ ‬فرض‭ ‬المخططات‭ ‬عليه‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراءها‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬غزة‭ ‬تواجه‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإنما‭ ‬القوة‭ ‬الغربية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬العالمية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭!‬

وكما‭ ‬قلنا‭ ‬هي‭ ‬أبواب‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬اليوم‭ ‬مغلقة‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬عالمية‭ ‬فارقة‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬هي‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬بقدر‭ ‬صمود‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وهم‭ ‬يقاومون‭ ‬أعتى‭ ‬القوى‭ ‬الصهيونية‭ ‬العالمية‭! ‬وكما‭ ‬رحل‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬المليون‭ ‬ونصف‭ ‬مليون‭ ‬إسرائيلي‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬أرضهم‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬منذ‭ ‬بدء‭ ‬أحداث‭ ‬غزة‭ ‬فقد‭ ‬تستمر‭ ‬هجرة‭ ‬آخرين‭ ‬منهم‭ ‬لأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬متشبث‭ ‬بأرضه‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا