عالم يتغير
فوزية رشيد
إيهود أولمرت يكشف المخطط!
في مقال نشره مؤخرا رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق «إيهود أولمرت» وضح فيه أن حكومة الكيان أرادت صناعة نموذج (الإبادة والتدمير) في غزة كمؤشر لما سيحدث لاحقا في الضفة والقدس! وأن الهدف الأسمى لـ«بن غفیر» و«سمورتيش» ليس غزة، المعركة الحقيقية هي الضفة والأقصى! ومطلوب «تطهير» الضفة من الفلسطينيين وكذلك القدس والأقصى لتكون «إسرائيل» (يهودية خالصة)!
من خلال مقاله يبدو أن «أولمرت» يفضح أهداف «نتنياهو» و«بن غفير»! وخاصة أن الكنيست أقر أن (لا دولة فلسطينية)! وبذلك تم إنهاء اتفاقيات أوسلو والسلطة الفلسطينية، وحيث ما أراده ويريده (المتطرفون المسيطرون على العقل الصهيوني داخل الكيان)، إعلان شهر رمضان لنقل المعركة إلى القدس والضفة التي يمارس فيها الجنود الصهاينة، اقتحامات يومية واعتقالات بل وتجريف الشوارع تمهيداً لدخول أسهل للدبابات لاحقا!
هذا الرهان المتطرف والإجرامي على التطهير العرقي والتهجير عبر الإبادة والتجويع في غزة، يراد تكراره لاحقا في الضفة والقدس! وحيث الاستخفاف بالمقدسات الإسلامية أيضاً في القدس، لم يثن المتطرفين عن الاستهتار برمزية شهر رمضان وقدسيته لدى عامة المسلمين، و(ما يؤجل مخططهم هذا هو فقط عدم الانتهاء من نموذج غزة) بسبب صمود أهلها ومقاومتها في وجه أبشع جرائم حرب مرت على تاريخ الحروب!
أي أنه بقدر صمود أهل غزة والمقاومة ستتأخر معركة الضفة والأقصى الطاحنة!
وبالنسبة إلى هذا (التخطيط العنصري المدمر) فإن الاحتلال الصهيوني، يرى أنه وكهدف معلن منذ بداية العدوان على غزة، لابد من القضاء على المقاومة «أية مقاومة» في غزة ولدى الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس! ولابد من تهجير أهلها، لكي تبدأ المعركة الأساسية بحسب المخطط في الضفة والأقصى!
في 2021 حين اقتحام الأقصى، كان للمقاومة رد فعل مقاوم وهذا ما يجب عدم تكراره، مثلما عدم تكرار مقاومة الاحتلال بأي شكل! وخاصة بما تم في 7 أكتوبر، التي زلزلت كل ما بناه الاحتلال عبر عقود منذ نشوء كيانه!
والمطلوب هو إخراج «غزة» أولاً من أية مواجهة قادمة في الأقصى والضفة! وثانياً جعل الآليات الوحشية في حرب الإبادة على غزة، هو للقضاء عليها وتجويع أهلها وقتلهم بالقصف أو بالجوع وبالمرض والأوبئة، ليأخذ اليأس طريقه في عقول الفلسطينيين نحو إخلاء المكان والهجرة، وكل ذلك استعداداً لما يراه (العقل المتطرف الصهيوني) للحرب «الاستراتيجية» القادمة في فلسطين، والاستفراد بالأرض الفلسطينية!
بالمقابل فإن الأمر مختلف بالنسبة إلى أهل غزة والمقاومة الفلسطينية، التي ترى أن صمودها هو صمود (وجودي) مهما علت جبال المآسي! وأن معركة غزة هي مرحلة في حرب قادمة لتحرير فلسطين، وأن هذا الاحتلال الصهيوني وخاصة بعقله المتطرف وهو يخطط للاستيلاء على كامل فلسطين، وإخلائها من أية مقاومة للاحتلال، بل ومن الوجود الفلسطيني، إنما هو (قد خرج من لغة السلام تماما إلى لغة التطهير العرقي والتهجير)! وهذا يعني إعلان حرب شاملة على كامل التراب الفلسطيني، وعلى الفلسطينيين في أرضهم! مما يعني في النهاية أن كل التصورات السلمية، التي امتد أمدها لعقود طويلة منذ «اتفاقيات أوسلو» دون تحقيق أية نتيجة سوى التلاعب بالزمن والوقت والمصير الفلسطيني، تلك التصورات لن تنتج لدى الصهاينة رؤية تختلف عن ما روجوه منذ زمن طويل، حول أساطيرهم ومعتقداتهم الملفقة، التي جعلت من التلمود الذي كتبه حاخامات يهود، هو المنطلق لكل المخططات السياسية التي مضت وبالمثل المخططات القادمة! والتي كشف جزءاً منها «إيهود أولمرت» في مقالته، باعتبار أنها نتاج عقول المتطرفين في الحكومة الصهيونية الراهنة، وليست نتاج سيرورة فكرية ومعتقدية يسير على خطاها الصهاينة منذ ما قبل نشوء الكيان الصهيوني! وهذا الأمر مهم الالتفات إليه!
ما يفاجئ الصهاينة بشكل عام هو هذا الصمود الأسطوري للفلسطيني والتشبث بأرضه سواء في غزة أو الضفة أو القدس! والتاريخ في النهاية بين المحتل والشعب الذي يقاوم الاحتلال يبقى مفتوحا! وخاصة أن الاحتلال مارس كل ما بيده من أوراق للطغيان والوحشية وجرائم الحرب، بل والسياسات التي أنتجت الانقسام الفلسطيني وتضليل العقل العربي لإزاحة القضية الفلسطينية من أجندة أولوياتها وعملها الجاد والنتيجة هو ما رأيناه ونراه في غزة من مواجهة أهلها وبشكل أسطوري لحرب الإبادة الجماعية!
مثل هذا الشعب لا يسهل فرض المخططات عليه مهما بلغت القوة التي تقف وراءها الصهيونية العالمية التي جعلت غزة تواجه ليس فقط الكيان الصهيوني وإنما القوة الغربية الاستعمارية العالمية بقيادة الولايات المتحدة!
وكما قلنا هي أبواب قد تبدو اليوم مغلقة في مرحلة عالمية فارقة ولكنها في الوقت ذاته هي مفتوحة على كل الاحتمالات بقدر صمود الفلسطينيين وهم يقاومون أعتى القوى الصهيونية العالمية! وكما رحل ما يقارب المليون ونصف مليون إسرائيلي من الأرض التي هي ليست أرضهم في فلسطين منذ بدء أحداث غزة فقد تستمر هجرة آخرين منهم لأنهم يعرفون جيدا أن الشعب الفلسطيني متشبث بأرضه حتى الموت!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك