عالم يتغير
فوزية رشيد
«الحوثيون» والبحر الأحمر!
{ الذي يتراءى بشكل واضح لأي مراقب أن البحر الأحمر كممر تجاري دولي لم يعد آمنا، وأن تأثيرات ذلك على التجارة الدولية والإقليمية وعلى «قناة السويس» كان ولايزال هو التأثير الأكبر! هذه الأزمة المتفاقمة التي كان عنوانها الأساس (الدفاع عن غزة) والوقوف معها تحولت في النهاية إلى أخذ جباية على السفن ليسمح لها بالمرور عبر البحر الأحمر! وحيث هناك مؤشرات بأن المبالغ التي يتم تحصيلها تصل إلى 2 مليار دولار! أما عن هذه الأموال فالسؤال يلح على المراقب: أين تذهب؟! حتما لن تذهب إلى غزة، أو أهلها! وإنما هي في حضن الخزينة التي يقفل عليها الحوثيون ولا يستفيد منها حتى أهل اليمن الذين يعانون بدورهم الويلات الكبرى منذ الانقلاب الحوثي!
{ المتضرر الأكبر هي مصر التي تزداد الأزمات من حولها سواء على حدودها مع غزة والكيان الصهيوني أو مع السودان أو إثيوبيا أو البحر الأحمر وباب المندب الذي يعطل الحوثيون حركة التجارة الحرة فيهما! بل إن التأثيرات على الصين وعلى صادراتها تعتبر بدورها الأكبر، وخاصة ما يتعلق بمشروعها حول طريق الحرير!
وكل المؤشرات الأخرى تنبئ بأن قطع الطريق في البحر الأحمر عن طريق باب المندب بحجة غزة، جاء ضرره دوليا وإقليميا وعربيا أكثر بكثير من أي ضرر أصاب الكيان الصهيوني! كما جاء للحصول على أموال لتمويل مليشيات الحوثي نفسه ولكأن باب المندب قد تم وضع اليد عليه، رغم أنه ممر تجاري دولي!
{ من المفارقات في هذا الشأن بما يخص البحر الأحمر، أن التحالف الذي أنشأه الأمريكيون لم ينتج عنه أي ردع للحوثيين! بل ولا حتى الضربات التي قامت بها، وقام بها البريطانيون على الحوثيين ومراكزهم كما قيل أنتجت أية ثمار رادعة! فهل تقف أمريكا وبريطانيا عاجزتين إن أرادتا حقيقة القيام بردع «الحوثي» أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟! وفي الأصل من الذي وقف في وجه التحالف العربي خاصة في الحديدة قبل سنوات، لكي يسيطر الحوثي بعدها ويهدد حركة التجارة والسفن في الخليج والبحر الأحمر كما يفعل اليوم؟! وهل استطاع الحوثيون وقف إطلاق النار في غزة أم أن العدوان استمر بدوره دون رادع؟!
{ من الواضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا تتخذان موقفا غريبا من تهديدات الحوثيين للبحر الأحمر! ولكأن صناعة الأزمة في محيط المنطقة وبحارها هدف بدوره لهما! ولكأنه لم يكتف الطرفان باستمرار العدوان البربري على غزة ومحاولات إنهاء القضية الفلسطينية حتى جاء هذا الصراع الجديد المحتدم وكأنه صراع بين أمريكا وأحد وكلاء إيران في المنطقة وهنا هو «الحوثي» ليسهم في إشعال المزيد من فتائل النيران بهدف توسيع رقعة الأزمات والصراعات على خلفية ما يدور في غزة فلسطين!
{ الخطابات المتشنجة التي يبثها المتحدث الإعلامي الرسمي للحوثيين توضح أن نبرة التحدي تتصاعد! وصولا إلى القيام بما يقوم به قطّاع الطرق من فرض الجباية على السفن التي أغلبها لا تمت للمصالح الإسرائيلية بصلة! وإنما بمصالح دول أخرى منها دول عربية وعلى رأسها المصالح الاقتصادية المصرية التي تضررت الموارد لديها من قناة السويس بسبب ما يقوم به الحوثيون! فيما لم تستفد غزة وأهلها إلا هواء الشعارات الرنانة! وتماما كما تفعل إيران بما يخص القضية الفلسطينية!
{ إنه سوق الصراعات المفتوح في المنطقة لتتداخل أوراق وكلاء إيران والمليشيات التابعة مع أوراق الأجندة الأمريكية التي تصرح بأنها لا تريد توسعة رقعة الحرب إقليميا، فيما هي على أرض الواقع تتواطأ مع كل الظروف التي تؤدي إلى توسعتها! فهل يخدم الحوثيون الهدف الأمريكي، أم أنهم وهم يخدمون أهدافهم للتمويل الذاتي من خلال جباية الرسوم على السفن يخدمون الهدفين معا، وحيث يتضح أن الإبقاء على «القوة الحوثية» ومصادر تمويلها هو هدف أمريكي بريطاني أيضا!
{ إن ما يقوم به الحوثيون في البحر الأحمر لم يخدم ولن يخدم غزة ولم يضر ولن يضر الكيان الصهيوني رغم الشعارات المرفوعة! ولذلك لا بد من التخلص من «عقدة غزة» فيما يفعله هؤلاء في البحر الأحمر! مثلما التخلص أن الوقوف ضدهم يعني الوقوف مع الكيان الصهيوني في حربه على غزة! ولكي تتم رؤية الصورة كاملة لا بد من التخلص من المتاجرة الحوثية بغزة، فيما مردود ما يفعلونه في البحر الأحمر هو جباية الأموال لأنفسهم! وصناعة السمعة بأنهم يفعلون ذلك من أجل أهل غزة، وبأنهم مقاومون للاحتلال الصهيوني الذي لم تتعرض قاعدته على بعد كيلومترات من باب المندب لأي استهداف حوثي! لا بد من ترتيب الأوراق حتى تتضح الرؤية التي لا يراها الأغلب!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك