عالم يتغير
فوزية رشيد
بين توحيد الصفوف الفلسطينية وتفعيل منظمة التحرير؟
{ أحداث غزة التي تجاوزت كل ألم بالكوارث التي حلتّ بها وبأهلها، تضيف ألمًا آخر لكل من يتابع الظروف القاهرة فيها، ومن كل شعوب العالم، التي تشعر بالعجز لفعل شيء لإيقاف العدوان الوحشي، الذي لا يزال يفتك بالأطفال والنساء والشيوخ والشباب من دون استثناء! فيما الكيان الصهيوني يتصرّف وكأن ما يقوم به في حرب الإبادة التي يسلطها على غزة، هي مهمته «المقدسة» دون وازع إنساني أو أخلاقي! حتى تحوّلت المشاهد الكارثية هناك إلى كابوس يؤرق كل صاحب ضمير حيّ في العالم!
* بات واضحًا اليوم من يقبع في ظل المأساة ومن يتحرّك في ضوئها من الدول! وقد أصبحت الغيوم السوداء تظلل العالم كله ودوله وشعوبه، وهي ترى حجم (الاستقواء الصهيوني للكيان) على كل ما خطه هذا العالم من قوانين ومبادئ، وما خطته المنظمات من أسس إنسانية وحقوقية وأخلاقية! فإذا بها جميعًا أمام ما يحدث في «غزة» مجرد حبر على ورق! لكأن الإنسانية سجينة في عزلتها!
والبشرية تعيش حالة «استعباد عالمي» غير مسبوق!
{ الجميع يطل على المآسي التي أصابت الشعب الفلسطيني منذ 1948، فيستجمع أوراقها معًا لتختزل نفسها فيما يجري منذ ما يقارب الخمسة أشهر، بوجه لم يعرفه العالم كله من الوحشية والعنصرية والإبادة والتجويع وقتل الأطفال والنساء، ووحدها «غزة» تعرف حجم المُصاب لأنها تعايش كوارثه كل لحظة!
ووحدهم الفلسطينيون يدركون أن العالم أكثر عجزًا منهم، وأقل صبرًا واحتمالاً وإيمانًا! ولذلك هم يواجهون العالم وأباطرة الغرب، الذين كما اغتصبوا وطنًا ليس لهم ليعطوه هدية لصهاينة العالم! فإنهم (يريدون اليوم انتزاع الروح الفلسطينية وهويتها وتاريخها من هذه الأرض)!
حتى تجرأ وزير «الأمن القومي الإسرائيلي» ليقول بصلافة منقطعة النظير إنه (لا يوجد شعب فلسطيني! هذا اختراع جديد!). وحتى يقول «نتنياهو» (لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية، هذا وهم)!
{ بهذين القولين للوزير «الإسرائيلي» ولرئيس «حكومة الاحتلال الصهيوني»، انكشفت أسس ما يدور اليوم في غزة، وأن الهدف هو القضاء على الشعب الفلسطيني وعلى قضيته، وهو ما أكده «بايدن» بأن (لا استقرار في الشرق الأوسط من دون اعتراف دول المنطقة بالدولة اليهودية)! أي بفلسطين خالية من الفلسطينيين لتكون خالصة لليهود وحدهم!
أما ماذا يُقال في توصيف هذا، فقد قيل الكثير ولا داعي للتكرار لأن التكرار الزائف قائم أصلاً في التصريحات والاجتماعات (الزائفة) حول حلّ الدولتين!
اليوم ليس أمام الشعب الفلسطيني و«قواه الوطنية» إلا توحيد صفوفه، وإعادة تفعيل دور «منظمة التحرير الفلسطينية» ونبذ كل انقسام، والعودة إلى مفاعيل الثورة الفلسطينية، كما بدأت منذ عقود طويلة! هم وحدهم القادرون على إعادة ترتيب الأوراق الوطنية خارج حسابات ما بعد «اتفاقية أوسلو، لأن القادم بالنسبة إليهم وإلى كل فلسطين، هو الأكثر شراسة لتنفيذ أجندة الاحتلال الصهيوني والغرب الاستعماري، الذي لا يريد شيئًا يذكِّره بوجود شعب فلسطيني أو قضية فلسطينية أو وطن فلسطيني!
ولم يبق أمام الشعب الفلسطيني إلا العودة إلى أبجديات نضاله الأولى، وإلى لمّ صفوفه بعد كل ما أصابه، وقد تركه الجميع وحيدًا في خندقه!
{ ما تسبب به الانقسام الفلسطيني كثير وأثره فادح، وتداعياته خطيرة داخل الشعب الفلسطيني نفسه، مثلما على المحيط العربي والدولي! لم يعد هناك وقت لرفاهية العجز أو التراجع، إن أرادت القوى الوطنية الفلسطينية وفصائلها تحرير الأرض والحصول على الحقوق المسلوبة، وتفادي القضاء على القضية الفلسطينية برمتها! كل ما سبق حرب الإبادة على غزة في كفة، وما بعدها في كفة أخرى، بالنسبة إلى تقرير المصير الفلسطيني ووطنه التاريخي، الذي يُراد اليوم سلبه بالكامل منه، (بأجندة استعمارية شرق أوسطية) لم تتوقف منذ «سايكس – بيكو»!
{ لا عذر للفصائل الفلسطينية بعد اليوم إن لم تُوحّد خطاها، وإن لم تعد إلى أبجدية خطابها الأول بعد اغتصاب وطنها!
وإن لم تثبت للعالم كله أنها لن تتراجع عن قضيتها، وأول الطريق لذلك وحدة صفوفها في وجه كل الأجندات والمخططات التي تعمل على سلب الروح منها!
لا قيمة اليوم لحديث «حلّ الدولتين» فلم تعد هناك أرض تُقام عليها الدولة! ولا نية لا لكيان الاحتلال ولا للغرب الاستعماري في إقامة دولة قابلة للحياة للفلسطينيين! كل ذلك الكلام والحديث المهترئ عن حلّ الدولتين، مجرد إضافة لتضييع الوقت منذ «اتفاقيات أوسلو»! (فإن لم يسدّ الفلسطينيون أنفسهم ثغرات نضالهم الوطني، فلن يفعل ذلك لهم أحد)!
لا بدّ من «رؤية فلسطينية جديدة» تتناسب مع ما هو مطروح من أجندات ومخططات، لتصفية القضية، بل واغتصاب كامل الأرض الفلسطينية، لتكون لليهود وحدهم! وذلك أصبح اليوم من خطابات «العلنية» وليس «السرّ» للقادة الصهاينة في فلسطين وفي العالم الغربي، الذي يتصرف كالخروف المنقاد لحبل الولايات المتحدة! فهل تقوم القوى الفلسطينية بما هو عنصر بقاء لها ولشعبها وأرضها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك