العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

صحوة العرب.. أحلام يقظة

تحدثت‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬عن‭ ‬معاهدة‭ ‬الدفاع‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توقيعها‭ ‬عام‭ ‬1950،‭ ‬وعن‭ ‬قرار‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬عام‭ ‬1915‭ ‬بإنشاء‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬عربية‭ ‬موحدة،‭ ‬أي‭ ‬جيش‭ ‬عربي‭ ‬موحد،‭ ‬لحماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وكيف‭ ‬انتهى‭ ‬الأمر‭ ‬بالمعاهدة‭ ‬وبهذا‭ ‬القرار‭ ‬بأن‭ ‬يصبحا‭ ‬مجرد‭ ‬حبر‭ ‬على‭ ‬ورق‭.‬

الأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬انه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬العرب‭ ‬يمتلكون‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬المشتركة‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬حال‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬اليوم‭. ‬لو‭ ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬الرادعة‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬قد‭ ‬تجرأت‭ ‬علينا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬واستباحت‭ ‬الساحة‭ ‬العربية،‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬قد‭ ‬تجرأ‭ ‬على‭ ‬شن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وما‭ ‬كانت‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬قد‭ ‬تدمرت‭ ‬وضاعت‭.‬

السؤال‭ ‬المهم‭ ‬هو‭: ‬لماذا‭ ‬يعجز‭ ‬العرب‭ ‬عن‭ ‬توحيد‭ ‬صفوفهم‭ ‬وإنشاء‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمننا‭ ‬القومي‭ ‬وعن‭ ‬دولنا؟

بداية،‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬كثيرا،‭ ‬وعن‭ ‬حق،‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬القوى‭ ‬والدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬المعادية‭ ‬في‭ ‬إفشال‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لإنشاء‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭.‬

هذا‭ ‬صحيح‭ ‬تماما،‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬المعادية‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬الطامعة‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية،‭ ‬تلتقي‭ ‬معا‭ ‬عند‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬محاربة‭ ‬أي‭ ‬تجربة‭ ‬وحدوية‭ ‬عربية،‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬نجاح‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬جادة‭ ‬للتوحيد‭ ‬العربي‭ ‬وإنشاء‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العسكري‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬السياسي‭. ‬يفعلون‭ ‬هذا‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬مخططاتهم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفرقة‭ ‬العربية‭.‬

لكن‭ ‬دور‭ ‬القوى‭ ‬والدول‭ ‬الأجنبية‭ ‬ليس‭ ‬تفسيرا‭ ‬كافيا‭ ‬أو‭ ‬وحيدا‭ ‬للحال‭ ‬الذي‭ ‬وصلنا‭ ‬إليه‭. ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تتحمل‭ ‬بداهة‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأساسية‭.‬

أسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬تخصنا‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أوصلتنا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬العجز‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬يدركه‭ ‬الجميع‭ ‬ولا‭ ‬شك،‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬رسمية‭ ‬عربية‭ ‬جماعية‭ ‬لإنشاء‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬قادرة‭ ‬وفاعلة‭. ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬جماعي‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يختفي‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬قرار‭ ‬القمة‭ ‬بإنشاء‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة‭.‬

ولأنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬إرادة‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬فمن‭ ‬البديهي‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬استرتيجية‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬العربي‭ ‬ولحماية‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬في‭ ‬غياب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تتصرف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إزاء‭ ‬أي‭ ‬تهديد‭ ‬أو‭ ‬خطر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬جزرا‭ ‬منعزلة‭ ‬لا‭ ‬يجمع‭ ‬بينها‭ ‬شيء‭. ‬كلٌ‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يحلو‭ ‬له‭.‬

الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬الكارثي‭ ‬أنه‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬توحيد‭ ‬الجهود‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تحوّل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬وتنافس‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬دولا‭ ‬متعادية‭.‬

في‭ ‬المحصلة‭ ‬النهائية‭ ‬لكل‭ ‬هذا،‭ ‬وغيره‭ ‬كثير،‭ ‬انتهى‭ ‬بنا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬العربي‭ ‬عن‭ ‬تكوين‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬قادرة‭ ‬ورادعة‭.‬

الأمر‭ ‬المحزن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أمرين‭:‬

الأول‭: ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تمتلك‭ ‬أكبر‭ ‬قاعدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للتوحد‭. ‬نعني‭ ‬قاعدة‭ ‬الوحدة‭ ‬الشعبية‭ ‬بين‭ ‬أبناء‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬جميعا،‭ ‬كما‭ ‬تمتلك‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬لتكوين‭ ‬القوة‭ ‬الموحدة‭.‬

والثاني‭: ‬أن‭ ‬الأخطار‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭ ‬أخطار‭ ‬وجودية‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭. ‬أخطار‭ ‬بسببها‭ ‬تدمرت‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬ونتعرض‭ ‬اليوم‭ ‬للإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬كي‭ ‬يصحو‭ ‬العرب‭.‬

ورغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه،‭ ‬فإن‭ ‬الأوان‭ ‬لم‭ ‬يفت‭ ‬بعد‭ ‬تاريخيا‭ ‬كي‭ ‬يستفيق‭ ‬العرب‭ ‬ويستيقظوا‭ ‬ويوحدوا‭ ‬صفوفهم‭ ‬ويقرروا‭ ‬إنشاء‭ ‬قوة‭ ‬عربية‭ ‬موحدة‭ ‬رادعة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمننا‭ ‬ودولنا‭ ‬ومواجهة‭ ‬الأعداء‭.‬

أم‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬صحوة‭ ‬العرب‭ ‬سيظل‭ ‬هكذا‭ ‬مجرد‭ ‬حلم‭ ‬من‭ ‬أحلام‭ ‬اليقظة؟

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا