العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

النخبة الشيطانية ونظرية البيبسي والكولا!

{‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الأول‭ ‬للمشروبات‭ ‬الغازية‭ ‬المضرّة‭ ‬بالصحة،‭ ‬بحسب‭ ‬الاكتشافات‭ ‬الطبية‭ ‬لاحقا،‭ ‬كان‭ ‬البيبسي‭ ‬وكانت‭ ‬الكولا‭ ‬أو‭ ‬الكوكاكولا‭ ‬تتربعان‭ ‬على‭ ‬عرش‭ ‬تلك‭ ‬المشروبات‭ ‬إيذانا‭ ‬بدخول‭ ‬مرحلة‭ ‬غازية‭ ‬جديدة‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬ما‭ ‬يضر‭ ‬بها‭! ‬شركتان‭ ‬كبريان،‭ ‬التنافس‭ ‬بينهما‭ ‬مطرد‭ ‬وعلى‭ ‬أشده‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬أعداد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬المستهلكين،‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬التنافس‭ ‬حد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الشركتين،‭ ‬لتطل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬المفاجأة‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬عنها،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬الشركتين‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭! ‬فلِمَ‭ ‬إذًا‭ ‬كان‭ ‬الصراع‭ ‬بينهما‭ ‬والمالك‭ ‬واحد؟‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬النخبة‭ ‬الدولية‭ ‬أو‭ ‬الشيطانية‭ ‬أن‭ ‬الصراع‭ ‬مهم‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬العالم؛‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يخلق‭ ‬روح‭ ‬التنافسية‭ ‬وبالتالي‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الابتكار،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬ألا‭ ‬تعلم‭ ‬الأطراف‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬الصراع‭ ‬حقيقيا‭! ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬فإن‭ ‬خيوط‭ ‬اللعبة‭ ‬كلها‭ ‬بيد‭ ‬ذات‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬معطيات‭ ‬الصراع‭ ‬وكيفيتها‭ ‬وكيفية‭ ‬استمرارها‭ ‬أو‭ ‬إيقافها‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر‭! ‬القصة‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬البيبسي‭ ‬والكولا،‭ ‬وإنما‭ ‬تم‭ ‬طرحه‭ ‬كنموذج‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬ذات‭ ‬النخبة‭! ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭ ‬العالمي‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمال‭ ‬والتجارة‭! ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الإعلام‭ ‬والعوالم‭ ‬الافتراضية‭ ‬مؤخرا؛‭ ‬لأن‭ ‬الذي‭ ‬يدير‭ ‬الصراعات‭ ‬والأزمات‭ ‬والحروب‭ ‬والأوبئة‭ ‬وقتل‭ ‬البشر‭ ‬أيضا،‭ ‬هي‭ ‬ذات‭ ‬النخبة‭ ‬الشيطانية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬العلوم‭ ‬الباطنية‭ ‬والمنظمات‭ ‬السرية‭ ‬والسحر‭ ‬الأسود‭! ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬ضمان‭ ‬الاستمرارية‭ ‬لوجودها‭ ‬وسطوتها‭ ‬وهيمنتها‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬الأرض‭! ‬وما‭ ‬الأيديولوجيات‭ ‬المتضاربة‭ ‬والمتصارعة‭ ‬كمثال‭ ‬آخر،‭ ‬إلا‭ ‬أحد‭ ‬ابتكاراتها‭! ‬وأبرز‭ ‬عنوان‭ ‬لذلك‭ ‬هو‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قائما‭ ‬بين‭ ‬الرأسمالية‭ ‬والشيوعية‭ ‬والاشتراكية‭! ‬أو‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭! ‬وهناك‭ ‬كتب‭ ‬وتوثيق‭ ‬من‭ ‬كتّاب‭ ‬غربيين‭ ‬يلحقون‭ ‬الأيديولوجيتين‭ ‬لذات‭ ‬الأيدي‭ ‬الماسونية‭ ‬الخفية‭! ‬مثلما‭ ‬قرار‭ ‬إزالة‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬ليخرج‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬عالم‭ ‬القطبين‭ ‬والحرب‭ ‬الباردة‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬الاستفراد‭ ‬الرأسمالي‭ ‬بالنظام‭ ‬الدولي‭ ‬الغربي‭ ‬وبإدارة‭ ‬وسطوة‭ ‬ذات‭ ‬النخبة‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬الأيديولوجيات‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬حقيقي‭ ‬بحسب‭ ‬نظرية‭ ‬البيبسي‭ ‬والكولا،‭ ‬ولكنه‭ ‬يبقى‭ ‬صراع‭ ‬تكتيكي‭ ‬لاستمرار‭ ‬الصراع‭ ‬الدولي‭ ‬وتوالد‭ ‬الحروب‭ ‬وتجذر‭ ‬الأزمات‭! ‬فيما‭ ‬البوتقة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬من‭ ‬الثروات‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬في‭ ‬خزينة‭ ‬النخبة‭ ‬الشيطانية‭ ‬التي‭ ‬ترعى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خفي‭ ‬أيضا‭ ‬الثورات‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬والعالم‭ ‬منها‭ ‬الثورة‭ ‬الفرنسية‭ ‬وبعدها‭ ‬الثورة‭ ‬البلشفية‭! ‬ومنها‭ ‬الحربان‭ ‬العالميتان‭ ‬الأولى‭ ‬والثانية‭! ‬ومنها‭ ‬إنشاء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والانقلابات‭ ‬المدبرة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬الجنوبية‭ ‬وفي‭ ‬العالم،‭ ‬ومنها‭ ‬أجندة‭ ‬تقسيم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإسقاط‭ ‬الأنظمة‭ ‬باسم‭ ‬الدمقرطة‭! ‬ومنها‭ ‬حتى‭ ‬جلب‭ ‬الملالي‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬‮«‬الشاه‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬الدور‭ ‬الإيراني‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬شيعي‭ ‬طائفي‭ ‬لزرع‭ ‬الفتن‭ ‬وزرع‭ ‬الطائفية‭ ‬والمليشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬لخلخلة‭ ‬استقرار‭ ‬أهم‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طيات‭ ‬أراضيها‭ (‬نفط‭ ‬وغاز‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الثروات‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭!‬

والوقائع‭ ‬والأحداث‭ ‬خير‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬بما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬ثقل‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬والثروات‭ ‬والإمكانيات‭ ‬البشرية‭ ‬والدينية،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭ ‬لخدمة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬وترويضها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬صراع‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬قادمة‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬عالمية‭ ‬ستنشأ‭ ‬وأهمها‭ ‬الصين‭!‬

{‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬كمثال‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران‭ ‬هو‭ ‬تخادم‭ ‬المصالح‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬أمريكية‭ ‬لتحالف‭ ‬خفي‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬فيما‭ ‬الصراع‭ ‬التكتيكي‭ ‬والمصالح‭ ‬المتضاربة‭ ‬مستمرة‭ ‬وحقيقية،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬البيبسي‭ ‬والكولا‭! ‬وحيث‭ ‬لإيران‭ ‬أهمية‭ ‬استراتيجية‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬دور‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬أمر‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ (‬أكثر‭ ‬وظيفية‭ ‬وعضوية‭) ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬إنشائها‭ ‬لخدمة‭ ‬الأهداف‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الجيوستراتيجية‭ ‬للنخبة‭ ‬أو‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‭ ‬الغربي‭ ‬القائم‭!‬

{‭ ‬وكان‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التخادم‭ ‬والصراع‭ ‬معا‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬وإيران‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الدولة‭ (‬شيعية‭) ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬عداء‭ ‬للغرب‭! ‬لكي‭ ‬تنطلي‭ ‬اللعبة‭ ‬على‭ ‬العرب‭ ‬وأن‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هي‭ ‬المنقذ‭! ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬خرجت‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬صراعها‭ ‬عن‭ ‬إطار‭ ‬اللعبة‭ ‬المرسومة،‭ ‬فذلك‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ردع‭ ‬تكتيكي‭ ‬لإعادتها‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬المرسوم‭! ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬الضربات‭ ‬المدروسة‭ ‬للمليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران‭! ‬هي‭ (‬لعبة‭ ‬المكر‭ ‬والخبث‭) ‬من‭ ‬النخبة‭ ‬الشيطانية،‭ ‬وحيث‭ ‬يظهر‭ ‬أن‭ ‬قطع‭ ‬الشطرنج‭ ‬ومنها‭ ‬إيران‭ ‬موظفة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬داخل‭ ‬استراتيجية‭ ‬النخبة‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭! ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أظهرت‭ ‬إيران‭ ‬رأسها‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالحها‭ ‬الخاصة‭ ‬كالاستيلاء‭ ‬على‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬نفط‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة،‭ ‬فإن‭ ‬عصا‭ ‬النخبة‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التمادي‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصة‭ ‬لإيران‭! ‬ومرة‭ ‬أخرى‭ ‬قصة‭ ‬البيبسي‭ ‬والكولا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا