العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

نصيحة من تروتسكي لبايدن

تحدثت‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬عن‭ ‬الانتقادات‭ ‬الحادة‭ ‬التي‭ ‬يوجهها‭ ‬ساسة‭ ‬وأعضاء‭ ‬كونجرس‭ ‬وكتاب‭ ‬أمريكيون‭ ‬لإدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬بسبب‭ ‬ردها‭ ‬الذي‭ ‬اعتبروه‭ ‬ضعيفا‭ ‬ومتخاذلا‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬بعد‭ ‬استهداف‭ ‬قاعدة‭ ‬أمريكية‭ ‬ومقتل‭ ‬وإصابة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجنود‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬محللين‭ ‬أمريكيين‭ ‬وصحف‭ ‬أمريكية‭ ‬كبرى‭ ‬بسبب‭ ‬ضعف‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬وعجزها‭ ‬عن‭ ‬ردع‭ ‬إيران‭ ‬وحماية‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬هي‭ ‬والقوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭.‬

صحف‭ ‬أمريكية‭ ‬كبرى‭ ‬نشرت‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬مقالات‭ ‬حادة‭ ‬انتقادا‭ ‬للرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬وإدارته‭. ‬ويكفي‭ ‬مثالا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عند‭ ‬مقالين‭ ‬نشرتهما‭ ‬صحيفتان‭ ‬أمريكيتان‭ ‬كبيرتان‭.‬

صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬نشرت‭ ‬مقالا‭ ‬افتتاحيا‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬هل‭ ‬سيتمكن‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬ردع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف؟‮»‬‭. ‬يتوقف‭ ‬المقال‭ ‬عند‭ ‬الضربات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬شنتها‭ ‬أمريكا‭ ‬ضد‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ومدى‭ ‬جديتها‭ ‬وجدواها،‭ ‬وتشير‭ ‬بداية‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬حرصت‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحذر‭ ‬هذه‭ ‬المليشيات‭ ‬مسبقا‭. ‬تشير‭ ‬الصحيفة‭ ‬إلى‭ ‬حرص‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يعلنوا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أيام‭ ‬عدة‭ ‬أنهم‭ ‬لن‭ ‬يستهدفوا‭ ‬إيران‭ ‬مباشرة،‭ ‬وإنما‭ ‬المليشيات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وهو‭ ‬بمثابة‭ ‬تحذير‭ ‬مسبق‭ ‬واضح‭ ‬كي‭ ‬يستعدوا‭. ‬وتقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬قيادات‭ ‬المليشيات‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬أن‭ ‬يدّعوا‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يتلقوا‭ ‬تحذيرا،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يبتعد‭ ‬عن‭ ‬المناطق‭ ‬المستهدفة‭ ‬فهؤلاء‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬الإرهابيين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬صمما‮»‬‭.‬

مقال‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬يشير‭ ‬الى‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكي‭ ‬لويد‭ ‬أوستن‭ ‬الذي‭ ‬لوح‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬بالقدرة‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬المزيد‮»‬،‭ ‬وتساءلت‭: ‬المهم‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬ستستخدم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬القدرة‭ ‬لإرسال‭ ‬رسالة‭ ‬ردع‭ ‬جادة‭ ‬إلى‭ ‬إيران؟

ردا‭ ‬على‭ ‬السؤال‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬الهجمات‭ ‬الانتقامية‭ ‬الأمريكية‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ضعيفة‭ ‬ولم‭ ‬تأت‭ ‬بالنتيجة‭ ‬المرجوّة‭ ‬منها،‭ ‬والتحذيرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬ترسل‭ ‬رسالة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬إنزال‭ ‬أضرار‭ ‬جسيمة‭ ‬بالمليشيات،‭ ‬وهذه‭ ‬بدورها‭ ‬قد‭ ‬تترجم‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬المخاوف‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭.‬

في‭ ‬التقييم‭ ‬النهائي‭ ‬تقول‭ ‬الصحيفة‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬ألا‭ ‬تنتهي‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬خشية‭ ‬العدو‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬تفوق‭ ‬خشية‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬الأمر‭ ‬نفسه‮»‬‭.‬

الصحيفة‭ ‬تقول‭ ‬بوضوح‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬خائف‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وإيران‭ ‬ليست‭ ‬خائفة،‭ ‬وطالما‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬فلن‭ ‬يتوقف‭ ‬الخطر‭ ‬الإيراني‭.‬

صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬بدورها‭ ‬نشرت‭ ‬مقالا‭ ‬يذهب‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬نفسه‭. ‬موضوع‭ ‬المقال‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬الضربات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬المليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬كفيلة‭ ‬بردع‭ ‬إيران‭ ‬ومواجهة‭ ‬خطرها؟

كاتب‭ ‬المقال‭ ‬يشير‭ ‬بداية‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬حوالي‭ ‬160‭ ‬هجوما‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭. ‬هذا‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الهجمات‭ ‬المباشرة‭ ‬التي‭ ‬يشنها الحوثيون المدعومون‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬على سفن‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.‬

ويقول‭ ‬الكاتب‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬وجهت‭ ‬الضربات‭ ‬الأخيرة‭ ‬المحدودة‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬

إرسال‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬طهران‭ ‬لتجنب‭ ‬التصعيد‭.‬

‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬رأي‭ ‬الكاتب‭ ‬ان‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬لن‭ ‬تفي‭ ‬بالغرض‭ ‬ولن‭ ‬تضع‭ ‬حدا‭ ‬للاستفزازات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولن‭ ‬تحقق‭ ‬هدف‭ ‬بايدن‭ ‬بوقف‭ ‬التصعيد‭.‬

يورد‭ ‬الكاتب‭ ‬مقولة‭ ‬للزعيم‭ ‬الثوري‮ ‬ليون‭ ‬تروتسكي‭ ‬يقول‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬قد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مهتما‭ ‬بالحرب‭.. ‬لكن‭ ‬الحرب‭ ‬مهتمة‭ ‬بك‮»‬‭.‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المقولة‭ ‬يقول‭ ‬الكاتب‭: ‬‮«‬قد‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬مهتمين‭ ‬بشنّ‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬لكن‭ ‬إيران‭ ‬مهتمة‭ ‬بشن‭ ‬الحرب‭ ‬علينا‮»‬‭.‬

يعتبر‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حل‭ ‬لردع‭ ‬إيران‭ ‬ووقف‭ ‬هجمات‭ ‬عملائها‭ ‬إلا‭ ‬باستهدافها‭ ‬مباشرة‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬فرس‭ ‬النبي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬أطلقت‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬لغم‭ ‬إيراني‭ ‬كاد‭ ‬أن‭ ‬يغرق‭ ‬فرقاطة‭ ‬أمريكية‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬كانت‭ ‬طهران‭ ‬تهاجم‭ ‬فيها‭ ‬باستمرار‭ ‬سفن‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬أغرقت‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ست‭ ‬سفن‭ ‬إيرانية‭ ‬ودمّرت‭ ‬منشأتين‭ ‬للاستخبارات‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬نفط‭ ‬قديمة‭.‬

ويختم‭ ‬الكاتب‭ ‬المقال‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬استخدمت‭ ‬إيران‭ ‬وكلاءها‭ ‬لإشعال‭ ‬الحرائق‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬إخمادها‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬مصدر‭ ‬الحرائق‭ ‬نفسه،‭ ‬أي‭ ‬المرجل‭ ‬ذاته‮»‬‭.‬

المقالان‭ ‬يلخصان‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مهمة‭ ‬مطروحة‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اليوم‭ ‬ترفض‭ ‬سياسة‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬وطريقته‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التهديد‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬هي‭ ‬وعملاؤها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا