عالم يتغير
فوزية رشيد
هل عاد التحايل الأمريكي على القضية الفلسطينية؟!
{ منذ زمن وهم يحاولون تصفية القضية الفلسطينية! ولكن فلسطين وقضيتها وحكاية شعبها عادت إلى المسرح العالمي بقوة منذ العدوان الصهيوني على غزة وجرائم الحرب والإبادة الجماعية! 4 أشهر من البربرية وصمود أهل غزة، أحرجا الكيان الصهيوني وكشف مآلات الدعم والإسناد الأمريكي والغربي، لأن ذلك الصمود كان خارج كل التوقعات الصهيونية!
كل شعوب العالم تطالب بالعدالة للشعب الفلسطيني والقصاص من مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني والداعمين له، لذلك عادت أمريكا ومعها الجوقة الغربية متمثلاً في «الاتحاد الأوروبي» التابع، (للترويج لحل الدولتين) وسرعان ما بذخ الإعلام الغربي والعربي بأخبار «خطة السلام الأمريكية»! أو الصفقة الجديدة في «مؤتمر باريس» الذي ضم في اجتماعاته أطرافًا أمريكية وإسرائيلية وقطرية ومصرية، لتبدأ مع الصفقة سلسلة جديدة من التحايل الأمريكي على القضية الفلسطينية استكمالاً لما هو معتاد خلال العقود الماضية! اتفاقيات وحتى التوقيع على الورق ثم اكتشاف السراب والدوران مجددًا حول الطاحونة!
{ بعد 4 أشهر من عدوان وحشي على غزة وأهلها أدركت الولايات المتحدة أنها أمام مهمة (إنقاذ الكيان الصهيوني من نفسه)، بعد أن خسر عسكريًا في القضاء على حماس وتحرير الرهائن، مثلما خسر سياسيًا وإعلاميًا وقانونيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا أمام شعوب العالم! وما حققه هو التدمير الممنهج لكل «البنية التحتية» في غزة، وقتل وإصابة (100 ألف فلسطيني) حتى الآن، معظمهم من الأطفال والنساء بجرائم حرب لا تزال قيد النظر في «محكمة العدل الدولية» في ضوء استمرار الاحتجاج الشعبي العالمي!
{ من يعرف خارطة الطريق الأمريكية الصهيونية تجاه فلسطين وقضية شعبها، يعرف أن الولايات المتحدة لطالما مارست (الخداع السياسي والدبلوماسي) وتحايلت على الحقوق الفلسطينية والوصول إلى حل عادل للقضية!
فما مواصفات (الدولة) التي يتم الترويج لها للتحايل على الضغوط التي يواجهها الكيان والغرب لإيقاف العدوان الذي لا يزال يحصد أرواح المدنيين ويدّمر في غزة كما يحلو للصهاينة؟!
يريدون دولة (خالية الدسم، ممزّقة بالمستوطنات) التي تتصاعد مشروعات إقامة المزيد والمزيد منها في الضفة وهذه المرة في غزة كما يخططون! يريدون (دولة منزوعة السلاح ومن دون أية مقاومة للمحتل)، وحيث لا يوجد في العالم كله دولة منزوعة السلاح! هناك مناطق منزوعة السلاح لا دول!
يريدون (دولة منزوعة السيادة والاستقلالية والحرية السياسية والاقتصادية)! ويريدون «القدس» بترتيبات تبقيها تحت حكم وسيطرة الكيان الصهيوني! ولا أحد في الإدارة الأمريكية يتحدث عن حدود الرابع من يونيو حزيران 67، وهي 22% مما تبقى للفلسطينيين! ولا عن العاصمة القدس! المستوطنات مستمرة وباقية، و75% من الأرض في الضفة الغربية تحت قبضة «الاحتلال الصهيوني»! فعن أي حل للدولتين يتحدثون إذًا؟!
{ إنها «الطبخة المسمومة» المغطاة بعسل الوعود والاتفاقيات وحتى التوقيعات! حتى يتم إنقاذ الكيان الصهيوني من مأزقه وتحقيق أهدافه بالتحايل السياسي!
الولايات المتحدة تعمل على (تشكيل مسرح جديد للشرق الأوسط)، كما يعرف الجميع للحفاظ على بقاء الكيان الصهيوني (قويًا) وتحقيق إدماجه في الوسط العربي بشكل كامل عبر «التطبيع»! لكأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يريدان (تحقيق نصر للكيان الصهيوني عبر السياسة والدبلوماسية) وكما حدث مع مسار المفاوضات والسلام بعد «أوسلو» فإن «نتنياهو» يريد اتساع نطاق «التطبيع» بأي ثمن، خاصة أنه مرهون ليس (بتنفيذ فوري وعملي وحقيقي) لقيام دولة فلسطينية، وإنما مجرد وعود وورق وتواقيع! بانتظار رئيس أمريكي جديد، يغيرّ مسار اللعبة كلها بما يخصّ القضية، ولكن بعد أن يكون العرب قد دخلوا في التطبيع! وبذلك يكون الكيان الصهيوني قد حقق أهدافه! ويكون «بايدن» قد أظهر لناخبيه أنه أوقف الحرب وإن لفترة ووعد بدولة فلسطينية وحقق التطبيع مع العرب!
{ هو تصوّر أمريكي للخروج من مأزق غزة لحل القضية عبر صفقة بها «خداع كبير» والرهان على الزمن بعد ذلك! لن يفشل هذا التصور إلا بتشبث الفلسطينيين بنضالهم، خاصة أنهم والعرب يدركون أن حلّ الدولتين انتهى عمليًا في إطار العنصرية السارية منذ البداية في الكيان الصهيوني وعدم القبول بسلام حقيقي وشامل!
ولهذا لن يتحقق عبر (الصفقة الأمريكية – الغربية) قيام دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 67! ولن يتحقق إنهاء المستوطنات وإزالتها!
ولا الاعتراف «الإسرائيلي» بدولة كاملة السيادة والاستقلالية، وعودة اللاجئين! والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية! لن يتحقق ذلك إلا باستمرار النضال الفلسطيني والمقاومة بالسلاح!
ولهذا المرشح من جولات «بلينكن» والحل الأمريكي هو عودة (التحايل) السياسي والدبلوماسي كما قلنا، والهدف إعادة المنطقة العربية إلى (معادلة التطبيع) قبل 7 أكتوبر 2023! وتقوية الكيان الصهيوني وعودة «القيادة الأمريكية المركزية» وسياسة «إدارة الصراعات»، وليس حلها، لتعود المنطقة إلى استمرار «عدم الاستقرار»! لو كانت سياسة الولايات المتحدة! استقرار المنطقة وسلاحها ونموها، فإنها لن تكون هي نفسها التي عرفها ويعرفها العالم كقوة إمبريالية استعمارية، تمارس الخداع والتحايل لتحقيق أجنداتها!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك