عالم يتغير
فوزية رشيد
استهداف مصر!
{ منذ أن بدأ العدوان على غزة، ووضع الكيان الصهيوني (بدعم أمريكي غربي) قضية التهجير القسري أولا ثم التهجير الطوعي على طاولة التنفيذ، حتى زادت أولا الإغراءات الاقتصادية والمادية المقدمة لمصر من تلك الأطراف لفتح حدودها للنازحين في غزة نحو معبر رفح إلى سيناء! فلما واجهت مصر هذا المقترح برفض شامل لأسباب مختلفة أهمها «الأمن القومي المصري»، وبالتوازي معه عدم قبول التهجير لأنه يتضمن (تصفية القضية الفلسطينية)، هنا زادت الضغوط والتهديدات والتصريحات العدائية سواء من قادة الكيان الصهيوني أو من المؤسسات التابعة للنخبة الدولية، والنظام الدولي الغربي مثل صندوق النقد الدولي الذي منذ أن ارتبطت مصر بديونها معه 2017، لم يكف عن إملاءاته وشروطه وضغوطه سواء من حيث رفع الدعم عن قطاعات حيوية كثيرة أو تعويم (الجنيه)! حتى وصل الجنيه المصري اليوم في السوق السوداء إلى (65 جنيها مقابل دولار واحد)! ولأسباب مختلفة أخرى منها تفاقم هذه «السوق السوداء» مقابل البنوك المصرية التي لا تزال تصرف الدولار مقابل 31 جنيها، ولكن صندوق النقد الدولي يريد تعويما آخر وآخر للجنيه، حتى يقترب صرف الدولار في البنوك المصرية من صرفه في السوق السوداء.
{ نتنياهو وعدد من قادة الكيان الصهيوني لمحوا ثم صرحوا بما معناه بأن مصر إن لم تقبل الإغراءات لحل مشاكلها الاقتصادية وديونها والاستثمارات الخارجية مقابل مساحة من سيناء لتوطين الفلسطينيين النازحين من غزة، فإنها ستواجه صعوبات كبيرة! صندوق النقد الدولي ما إن يضع قدمه في أي بلد حتى يتحول إلى دور (القاتل الاقتصادي) وهذا ما تعرفه كل الدول التي تضطر إلى الاستدانة من الصندوق! ولكن الضغوط الخارجية لا تكتسب قوتها إلا من (استغلال الظروف الداخلية) أو السياسات الداخلية «الاقتصادية والاستثمارية» وجدول الأولويات فيها! ونشوء السوق السوداء وتضخمها بشكل منفلت يطرح وجوب تقييم تلك السياسات لإنقاذ مصر مما يستهدفها داخليا وخارجيا! لسنا خبراء في الاقتصاد ولكن نطرح الصورة العامة!
{ النخبة العالمية أو الحكومة الخفية تستهدف مصر منذ عقود ومخططها في ذلك الاستهداف (معلن) باعتبارات التقسيم والإضعاف! وحيث العراق وسوريا يليهما في الإسقاط مصر، حيث لم تنجح النخبة في ذلك في 2011 على يد الإخوان، ومع تزايد قوة الجيش المصري في السنوات الماضية وتنويع التحالفات ومصادر السلاح من دول مختلفة، كان لا بد من تحويل المخطط من الثورات البرتقالية ومن المواجهة العسكرية إلى الضغوط الاقتصادية! وهنا يأتي دور صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات التصنيف الائتماني في النظام الدولي الاستعماري؟! ولذلك طرحت مؤسسة (موديز) تقييمها حول تراجع التصنيف الائتماني لمصر من (B- إلى C-) كما دخلت مؤسسة (جي بي مورغان) على الخط مؤخرا لتطرح استبعاد السندات المصرية بالجنيه من المؤشر الذي تعمل وفقه! وهذا يعتبر ضغطا كبيرا خاصة في هذه المرحلة!
{ الاقتصاد المصري يتعرض اليوم لأزمة بسبب الاعتداءات الحوثية على السفن في البحر الأحمر فيتوقف ريع القناة من العملة الصعبة أو الاعتماد على السياحة التي تتعرض لتفاوتات بين صعود وهبوط، بحسب الظروف، مما يجعلها مصدر دخل غير ثابت بدورها!
{ إن المنطقة العربية التي تعرضت خلال العقود الماضية للكثير من عوامل الاهتزاز والضعف والإفشال تدرك شعوبها أن بقاء القوة المصرية وبقاء مصر قوية هو أهم عوامل قوتها الذاتية أيضا، وخاصة بعد تحويل العراق وسوريا خارج معادلة تلك القوة! وتأثير محاولات إسقاط مصر اقتصاديا وبشكل عام سيكون كبيرا على كامل المنطقة العربية وعلى الخليج العربي، الذي يبرز فيه الدور السعودي إلى جانب الدور المصري في الإبقاء على ما تبقى من التماسك العربي وأمنه القومي! لذلك من المهم الالتفات اليوم إلى الضغوط غير المسبوقة على مصر داخليا وخارجيا! والتي تعمل معا على تفكيك الجبهة الداخلية واستنزاف الجيش لصالح أجندات المخططات الماسونية والصهيونية المعلنة والتي تستهدف الخليج والسعودية بالتوازي مع استهداف مصر!
هناك حاجة إلى تحرك عربي سريع لمواجهة تلك الاستهدافات التي تصاعدت ضغوطها بشكل كبير على مصر وغدا ستتصاعد على دول عربية أخرى خاصة السعودية ودول الخليج العربي! وما المخططات المطروحة حول غزة وفلسطين إلا بداية المرحلة الجديدة من تلك الاستهدافات! حفظ الله مصر وكل دولنا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك