العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

مقال رئيس التحرير

أنـــور عبدالرحمــــــن

غــــــزة بين الفنـــاء والبقــاء

العملُ‭ ‬العسكريُّ‭ ‬الإسرائيليُّ‭ ‬مدعومًا‭ ‬بالتأييدِ‭ ‬المطلقِ‭ ‬من‭ ‬الدولِ‭ ‬الأوروبيَّة‭ ‬والولاياتِ‭ ‬المتحدةِ‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وبشحناتِ‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إرسالُها‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الطائراتِ‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية،‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إزالةِ‭ ‬الحياة‭ ‬عن‭ ‬غزة‭.‬

غزة‭ ‬يصلُ‭ ‬حجمُها‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مساحة‭ ‬البحرين،‭ ‬وبكثافةٍ‭ ‬سكانيَّة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬إنسان،‭ ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬عددَ‭ ‬الشهداءِ‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والرجال‭ ‬والشيوخ‭ ‬سيكون‭ ‬بمئاتِ‭ ‬الألوف‭.‬

هل‭ ‬العالمُ‭ ‬الغربيُّ،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬أمريكا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬وصلَ‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجةِ‭ ‬من‭ ‬اللاإنسانية؟‭!‬

مؤتمرُ‭ ‬يوم‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬القاهرة،‭ ‬كشف‭ ‬بصورةٍ‭ ‬جلية،‭ ‬أن‭ ‬الغربَ‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬قتلَ‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬حلالٌ‭ ‬عليهم‮»‬،‭ ‬وهنا‭ ‬استعملنا‭ ‬كلمةَ‭ ‬‮«‬حلال‮»‬،‭ ‬لأن‭ ‬العقلَ‭ ‬البشريَّ‭ ‬يعجزُ‭ ‬عن‭ ‬تصوُّرِ‭ ‬الهول‭ ‬المخيف‭ ‬للحصيلة‭ ‬النهائية‭ ‬لهذه‭ ‬العمليةِ‭ ‬الوحشيَّة‭!‬

نقولُ‭ ‬هذا،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تشهدُ‭ ‬فيه‭ ‬فلسطين‭ ‬أعلى‭ ‬قدرٍ‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬عدالةِ‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تشهدُه‭ ‬طيلةَ‭ ‬7‭ ‬عقودٍ‭ ‬من‭ ‬وجودِ‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬نقولُ‭ ‬هذا،‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬المحطاتِ‭ ‬الإخباريَّةَ‭ ‬الغربيَّةَ‭ ‬تقدِمُ‭ ‬على‭ ‬فرضِ‭ ‬رقابةٍ‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬الصورِ‭ ‬والأخبار‭ ‬المرسَلةِ‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬وكالاتٍ‭ ‬أجنبية‭ ‬وأفراد‭ ‬لكشف‭ ‬ممارسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كما‭ ‬ترفضُ‭ ‬تقبُّلَ‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬أو‭ ‬بثها‭.‬

بل‭ ‬دفع‭ ‬الصمتُ‭ ‬الغربيُّ‭ ‬عن‭ ‬الفظائعِ‭ ‬المرتكبة‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬وزارات‭ ‬خارجية‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬الاحتجاج‭ ‬عند‭ ‬رؤسائهم،‭ ‬وأقدمَ‭ ‬عددٌ‭ ‬منهم‭ ‬على‭ ‬الاستقالةِ‭ ‬لرفضهم‭ ‬القيودَ‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬أعمالهم‭ ‬اليومية‭.‬

أعدادُ‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬العواصمِ‭ ‬الأوروبيَّةِ‭ ‬المختلفة،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬بقيةِ‭ ‬المدن‭ ‬شرقًا‭ ‬وغربًا،‭ ‬خرجت‭ ‬تأييدًا‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬وتعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬التعاطفِ‭ ‬الإنسانيِّ،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬الحكوماتِ‭ ‬الغربيَّة‭ ‬لا‭ ‬تضعُ‭ ‬اعتبارًا‭ ‬لنداءاتِ‭ ‬شعوبها‭.‬

إن‭ ‬الإصرارَ‭ ‬الغربيّ‭ ‬الحكومي‭ ‬على‭ ‬تدميرِ‭ ‬وقتلِ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإبادتهم‭ ‬من‭ ‬الوجود،‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬نابعٌ‭ ‬من‭ ‬ولائهم‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الكراهيةَ‭ ‬متأصلةٌ‭ ‬في‭ ‬نفوسِ‭ ‬المسيسين‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬العقليةِ‭ ‬الاستعماريَّة؟‭!‬

هذه‭ ‬العقليةُ‭ ‬التي‭ ‬تحاولُ‭ ‬تكرارَ‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬أسلافهم‭ ‬بين‭ ‬القرنين‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬جرائمَ‭ ‬بحق‭ ‬عديدٍ‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الشرق،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬ما‭ ‬أقدمَ‭ ‬عليه‭ ‬الاستعمارُ‭ ‬من‭ ‬قمع‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬عام‭ ‬1857‭ ‬لإخماد‭ ‬الثورةِ‭ ‬الهندية‭ ‬العظيمة،‭ ‬وطال‭ ‬اثنائه‭ ‬القمع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سنة،‭ ‬وأُبيد‭ ‬خلالَه‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الهند‭ ‬عشراتُ‭ ‬الألوف،‭ ‬والعجيب‭ ‬أن‭ ‬كلَّ‭ ‬رجالاتِ‭ ‬الهند‭ ‬العظماء‭ ‬وُلدوا‭ ‬بعد‭ ‬إخماد‭ ‬الثورة،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬المهاتما‭ ‬غاندي،‭ ‬روبندرونات‭ ‬طاغور،‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬جناح،‭ ‬ذاكر‭ ‬حسين،‭ ‬وأبو‭ ‬الكلام‭ ‬آزاد،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬وقفوا‭ ‬ونادوا‭ ‬باستقلال‭ ‬الهند،‭ ‬حتى‭  ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1947،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬جناح‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬باكستان،‭ ‬وكلكم‭ ‬تعلمون‭ ‬ماذا‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬7‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحرر،‭ ‬وقدمت‭ ‬الجزائر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬شهيد‭.‬

ألم‭ ‬تتعلموا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقبةِ‭ ‬التاريخيَّة‭ ‬الماضية‭ ‬شيئا‭ ‬من‭ ‬الدرس؟‭!‬

علما‭ ‬بأن‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬ليسوا‭ ‬أبناءَ‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬نتيجةُ‭ ‬الهجرة‭ ‬اليهودية‭ ‬هربًا‭ ‬من‭ ‬أحكامِ‭ ‬القمع‭ ‬الأوروبيِّ‭ ‬لليهود‭ ‬في‭ ‬بلدانهم‭ ‬الأصلية،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬اليهود‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬أصولٍ‭ ‬ألمانية،‭ ‬بولندية،‭ ‬فرنسية،‭ ‬وإنجليزية،‭ ‬وهكذا‭.‬

ويستطيعُ‭ ‬الإنسانُ‭ ‬أن‭ ‬يقولَ‭ ‬إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬التخلصَ‭ ‬من‭ ‬أخطائهم‭ ‬وجرائمهم،‭ ‬على‭ ‬حسابِ‭ ‬العرب‭ ‬والفلسطينيين‭.‬

نحن‭ ‬في‭ ‬عالمٍ‭ ‬كثير‭ ‬التغير،‭ ‬وللإنصاف‭ ‬والحق،‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬يعارضُ‭ ‬وحشيةَ‭ ‬حكومتهم‭.‬

وبصفتي‭ ‬شخص‭ ‬عاصر‭ ‬الجرائمَ‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنواتٍ‭ ‬طويلة‭ ‬خلال‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬والحالي،‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬سيحدثُ‭ ‬في‭ ‬الأيامِ‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة،‭ ‬سيغيِّرُ‭ ‬مفهوميةَ‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬العرب‭ ‬تجاه‭ ‬الغرب،‭ ‬إذ‭ ‬إنهم‭ ‬رأوا‭ ‬بأعينهم‭ ‬الازدواجيةَ‭ ‬الغربيَّة،‭ ‬التي‭ ‬تفرقُ‭ ‬بين‭ ‬قيمةِ‭ ‬الإنسان‭ ‬الإسرائيليِّ‭ ‬والإنسان‭ ‬الفلسطينيِّ،‭ ‬هذه‭ ‬الازدواجية‭ ‬التي‭ ‬تهدمُ‭ ‬أسسَ‭ ‬القانونِ‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬واتفاقياتِ‭ ‬ومعاهدات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يتشدقون‭ ‬بها‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارا‭.‬

ما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬جرائمَ‭ ‬إسرائيليَّة‭ ‬برعايةٍ‭ ‬غربيَّة‭ ‬يؤكِّدُ‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدعُ‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬سقوطَ‭ ‬كلِّ‭ ‬أقنعةِ‭ ‬النظام‭ ‬العالميِّ‭ ‬الذي‭ ‬تأسسَ‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬العالميَّة‭ ‬الثانية‭ ‬بكل‭ ‬قوانينه‭ ‬وقيمه‭ ‬ومنظوماته‭ ‬الحقوقية،‭ ‬وأن‭ ‬البشريةَ‭ ‬تحتاجُ‭ ‬إلى‭ ‬نظامٍ‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬ومساواة،‭ ‬وأن‭ ‬يتخلصَ‭ ‬العالمُ‭ ‬من‭ ‬الفوقيةِ‭ ‬التي‭ ‬يمارسُها‭ ‬أهلُ‭ ‬الشمال‭ ‬تجاه‭ ‬الجنوب،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نظلَّ‭ ‬متحدين‭ ‬وراء‭ ‬قضيتِنا‭ ‬وأن‭ ‬يكونَ‭ ‬لنا‭ ‬صوتٌ‭ ‬واحد‭ ‬لنتشاركَ‭ ‬بفعاليةٍ‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬نظامٍ‭ ‬جديد،‭ ‬وكفى‭ ‬فرقة‭ ‬وتفرق‭ ‬وراء‭ ‬أهدافٍ‭ ‬ضيقة‭ ‬تقزم‭ ‬من‭ ‬قدراتنا‭ ‬وإمكاناتنا‭ ‬كشركاء‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬المستقبل‭.‬

على‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬15‭ ‬يومًا،‭ ‬سقطت‭ ‬محطاتٌ‭ ‬وقنواتٌ‭ ‬غربية‭ ‬كنا‭ ‬نحسبُها‭ ‬تتبنى‭ ‬قيمًا‭ ‬عريقةً،‭ ‬في‭ ‬معركةِ‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬أو‭ ‬نقل‭ ‬الحقائق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬لكنها‭ ‬كشفتْ‭ ‬عن‭ ‬الوجهِ‭ ‬القبيحِ‭ ‬للإعلامِ‭ ‬الموجه‭ ‬الذي‭ ‬يتبنى‭ ‬التضليلَ‭ ‬واختلاقَ‭ ‬القصص‭ ‬الإخباريَّةِ‭ ‬المزوَّرة‭ ‬لتبرير‭ ‬أفعال‭ ‬الاحتلال‭ ‬وتشويه‭ ‬المقاومة،‭ ‬وتبارت‭ ‬هذه‭ ‬المحطاتُ‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬في‭ ‬ادعاء‭ ‬مظلومية‭ ‬واهية‭ ‬للإسرائيليين‭.‬

ورغم‭ ‬القيودِ‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬بعضُ‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬تمكن‭ ‬شبابُنا‭ ‬وشباتنا‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬الحواجز،‭ ‬وكشفوا‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬الغربيِّ‭ ‬حقيقةَ‭ ‬ما‭ ‬يحدثُ‭ ‬من‭ ‬جرائمَ‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الاحتلال،‭ ‬ورأينا‭ ‬أعلامَ‭ ‬فلسطين‭ ‬ترفرفُ‭ ‬داخل‭ ‬ملاعب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الأوروبيَّة‭ ‬ودعواتٍ‭ ‬لوقف‭ ‬القتل‭ ‬الوحشي‭ ‬بحق‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬فلسطيني‭.‬

لكي‭ ‬نعلمَ‭ ‬حجمَ‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬غزة،‭ ‬فقد‭ ‬نشر‭ ‬موقعُ‭ ‬‮«‬إندبندنت‭ ‬عربية‮»‬‭ ‬إحصائيةً‭ ‬نقلا‭ ‬عن‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الفرنسية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬حتى‭ ‬18‭ ‬أكتوبر‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12845‭ ‬مبنى‭ ‬تم‭ ‬تدميرُه‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كما‭ ‬تعرض‭ ‬9055‭ ‬مبنى‭ ‬لأضرارٍ‭ ‬جسيمة‭ ‬جعلته‭ ‬غير‭ ‬صالحٍ‭ ‬للسكن،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬121‭ ‬ألف‭ ‬مبنى‭ ‬تضرَّرَ‭ ‬جزئيًّا،‭ ‬جراء‭ ‬القصف‭ ‬الجوي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتواصل،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬بالاجتياحِ‭ ‬البري‭ ‬الذي‭ ‬سيودي‭ ‬بأرواح‭ ‬مئات‭ ‬الألوف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الأبرياء‭ ‬الذين‭ ‬ستكون‭ ‬دماؤهم‭ ‬في‭ ‬رقاب‭ ‬كلِّ‭ ‬زعماء‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬ساند‭ ‬ودعم‭ ‬وشجع‭ ‬الفظائعَ‭ ‬المرتكبة‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬بذريعة‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها،‭ ‬متغافلين‭ ‬عن‭ ‬أبسط‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬وطنٍ‭ ‬يأويه‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الظلامِ‭ ‬الدامسِ‭ ‬واليأسِ‭ ‬القاتل،‭ ‬يستطيعُ‭ ‬كلُّ‭ ‬عقلٍ‭ ‬يتحلى‭ ‬بالرزانةِ‭ ‬الفكريَّةِ‭ ‬أن‭ ‬يتمسكَ‭ ‬بالأمل‭ ‬ويرى‭ ‬الضوءَ‭ ‬الخافت‭ ‬في‭ ‬نهايةِ‭ ‬النفق،‭ ‬ذلك‭ ‬الضوء‭ ‬الذي‭ ‬يحملُ‭ ‬شعلتَه‭ ‬طفلٌ‭ ‬صغير،‭ ‬سيبقى‭ ‬مدافعًا‭ ‬عن‭ ‬أرضِه،‭ ‬حاملا‭ ‬لواءَ‭ ‬أمته،‭ ‬رغم‭ ‬طبولِ‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يدقها‭ ‬أعداؤه،‭ ‬هذه‭ ‬الشعلة‭ ‬التي‭ ‬ستكونُ‭ ‬نقطةَ‭ ‬تحول‭ ‬ستغيِّرُ‭ ‬المشهدَ‭ ‬العالمي،‭ ‬وتجبرُه‭ ‬على‭ ‬العودةِ‭ ‬إلى‭ ‬رشدِه‭ ‬المفقود‭.‬

والحال‭ ‬في‭ ‬غزةَ‭ ‬يذكِّرني‭ ‬بمقولةِ‭ ‬جلال‭ ‬الدين‭ ‬الرومي‭ ‬‮«‬إنهم‭ ‬مشغولون‭ ‬بالدماءِ‭ ‬وبالفناء،‭ ‬أما‭ ‬نحن‭ ‬فمشغولون‭ ‬بالبقاء‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"أنـــور عبدالرحمــــــن"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا