جريمة إسرائيلية جديدة ارتكبتها حكومة الترويكا الصهيونية الفاشية وجيشها المعتدي وقوات النخبة في وحداتها العسكرية المختلفة وفي مقدمتها قوات المستعربين والطيران الحربي، الذي شن ست عشرة غارة على مخيم ومدينة جنين منذ الساعة الواحدة والنصف فجر الاثنين الموافق الثالث من يوليو الجاري، وقامت بشكل ممنهج بقصف وتدمير بيوت المواطنين ومسرح الحرية وأكثر من مسجد وقصفت المستشفيات، فضلا عن تخريب وتدمير خطوط المياه، وقطعت التيار الكهربائي عن المدينة عموما والمخيم خصوصا، وجرفت الشوارع ودمرت البنية التحتية، وفتحت شوارع موازية خشية من العبوات الناسفة، وقامت بإطلاق الرصاص والقنابل على كل مواطن يسير في الشوارع، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى الشهداء والجرحى، الذين بلغ عددهم المعلن في اليوم الأول لجريمة العدوان تسعة شهداء وما يزيد على ثمانين جريحا.
ورغم كل القوات والمعدات المستخدمة في جريمة الحرب الجديدة، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أهدافه، وتم كشف المستعربين وقطع الطريق من قبل الشبان الأبطال على مخططهم الإجرامي الفاشي، ونتيجة فشله وخشيته من الأسلحة البسيطة وإرادة المناضلين الأبطال لجأ الجيش لاعتلاء أسطح البنايات وحفر جدران الشقق لتمكين قناصتهم من قتل أي إنسان فلسطيني يتحرك، ليس هذا فحسب، بل إنهم لم يتمكنوا من التحرك في الشوارع، وقاموا باحتلال بيوت المواطنين وهدم جدرانها والتنقل من خلالها.
وطالب أكثر من خبير ومراقب سياسي وعسكري وإعلامي إسرائيلي بانسحاب الجيش الإسرائيلي فورا خشية من عش الدبابير الفلسطيني، لأن الفدائيين تمكنوا من الانتشار في محيط المخيم، وأوقعوا إصابات مباشرة في صفوف القوات الغازية لجنين غراد ومخيمها الشامخ.
ومع ذلك ارتأى جيش العصابات الصهيونية تمديد جريمة حربه لأربع وعشرين ساعة إضافية لتحقيق أهدافه، ولكن لا أعتقد أن نتنياهو وحكومته الفاشية مستعدون لدفع ثمن سياسي، لا سيما أنه قام بتنفيذ الاقتحام لجنين ومخيمها أولا لتحسين صورة رئيس الوزراء، الذي تآكلت شعبيته؛ ثانيا وتراجعت مكانة ائتلافه الفاشي؛ ثالثا خشية من ردود الفعل العربية والإسلامية والدولية، مع أنه أخذ الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية.
ومن المؤكد أن جرائم إسرائيل المارقة والخارجة على القانون الدولي لن تتوقف، وستعمل على تسريع خطاها لإضعاف وعي الشعب الفلسطيني، وإخضاعه لإملاءاتها وبرنامجها التطهيري والعنصري، لأن واشنطن تقف خلفها وتغطي جرائمها، وتبرر عدوانها الوحشي ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وبالتالي لن تكف عن جرائمها الوحشية حتى تصل إلى أهدافها في إقامة الدولة الإسرائيلية الكاملة على فلسطين العربية التاريخية، وتصفية السلطة الوطنية، والإتيان على أدواتها العملية وسلطتها الفعلية، رغم ادعاءاتها الكاذبة، أنها «تريد بقاء السلطة»، والنتيجة أن حكومة نتنياهو السادسة لم تتعلم من تجربة الخمسة وسبعين عاما الماضية، ولم تدرك حتى الآن، أن الشعب الفلسطيني الذي اكتوى بنيران إقامة الكيان الصهيوني على أنقاض نكبته، لن يرفع الراية، ولن يستسلم أبدا، والنصر بالضرورة سيكون له.
وحسنا فعلت القيادة الفلسطينية بعقد اجتماع قيادي برئاسة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) في مقر المقاطعة مساء الاثنين الماضي، نتجت عنه جملة من القرارات المهمة شملت الدعوة لاجتماع آخر للأمناء العامين للفصائل برئاسة الرئيس عباس لتدارس الوضع واشتقاق رؤية برنامجية سياسية وكفاحية وقانونية تستجيب لمصالح الشعب وأهدافه وثوابته الوطنية، وطالبت الأمم المتحدة بإلغاء عضوية إسرائيل فيها، لأنها لم تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، التي أصّلت لوجودها، ووقعت على الالتزام بتنفيذ القرارين 181 و194 الأمميين، اللذين تعهدت الحكومة الأولى بقيادة بن جوريون بتنفيذهما، وطالبت بالحماية الدولية، وأعلنت وقف الاتصالات كافة مع الدولة الصهيونية اللقيطة، واستمرار وقف التنسيق الأمني، وطالبت الأجهزة الأمنية بتحمل مسؤولياتها للدفاع عن الشعب، وأعلنت تقليص العلاقات مع كل من أمريكا وبريطانيا المسؤولتين عن وعد بلفور وجرائم إسرائيل المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، ودعت القيادة الفلسطينية الى ملاحقة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، وأكدت أنها ماضية في الانضمام إلى باقي المنظمات الدولية، وأكدت التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد وبالثوابت الوطنية، وتمسكها بالوحدة الوطنية، وتصعيد المقاومة بكل أشكالها.
{ كاتب صحفي فلسطيني
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك