بدعوة كريمة من صديقي العزيز منير المغربي زرت المغرب الشقيق فترة امتدت لأكثر من ثلاثة أسابيع، اكتشفت ألوانا من الحضارة والجمال والإنسانية لهذا البلد المغاربي الرائع، على الرغم من أنني زرت المغرب في السابق لكن هذه الزيارة الأخيرة بفضل مرافقة صديقي منير لي في جولة عبر أهم المدن المغربية وبفضل طول المدة اكتشفت أشياء كثيرة رائعة من حضارة المغرب الغنية بالطبيعة الجميلة والآثار التاريخية والإنسان المغربي المضياف والمثقف.
أكثر ما لفت انتباهي في هذه الرحلة الطويلة نسبيا كما أسلفنا، اكتشاف الحضارة المغربية التي تقع في الشمال الغربي من القارة الإفريقية ويعود تاريخ قيامها إلى عصور بعيدة تعود إلى ما قبل الميلاد، وتركت هذه القرون العديدة بصماتها في تاريخ هذا البلد وما عاصرته من حضارات إفريقية، ويخبرنا هذا التاريخ الذي لا تزال جوانب منه باقية بأن عددا كبيرا من الدول والمماليك قد مرت على هذا البلد وتركت آثارها في المباني والأسواق لدرجة أن بعض المباني انتقلت ملكيتها على مدار العقود إلى أكثر من خمس أو ستة أجيال ولا تزال باقية وحولت بعضها إلى فنادق ذات طابع أثري وهي حضارة متفتحة بحكم موقعها الجغرافي، لذلك تركت آثارا وتقاليد وتراثا ثقافيا راسخا خصوصا منذ القرن السابع الميلادي وحتى اليوم في الثقافة الإسلامية التي جاء بها الدين الإسلامي العظيم الذي ترك آثارا بارزة في شخصية الإنسان المغربي وعاداته وتقاليده إلى اليوم.
وتعرفت أيضا خلال هذه الزيارة على مقومات أخرى للحضارة المغربية، خاصة الموقع الجغرافي الذي يمتاز به المغرب، موقع استراتيجي يربط بين الشمال والجنوب بين الشرق والغرب إضافة إلى الطقس المعتدل والأجواء المنعشة التي ساعدت على التنوع في الطبيعة من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الغرب المحيط الأطلسي ومن الجنوب الصحراء الكبرى ومن الشرق الجزائر، وفر ذلك التنوع فرصا متعددة للتنمية الاقتصادية والسكانية واستفاد الإنسان المغربي من الثروة الحيوانية والزراعة والصناعة التي جعلت من المغرب بلدا بإمكانيات كبيرة دولة ثرية غنية بطبيعتها ومقوماتها البشرية والاقتصادية.
وما يلفت الانتباه في هذا البلد التنوع العجيب بين مكونات الشعب المغربي والتسامح اللافت بين فئاته ومختلف المكونات المذهبية والعرقية والدينية، ولذلك لا تسمع إلا عبارة أنا مغربي أيا كان الشخص أمازيغيا أو عربيا أو مسلما أو غير مسلم، وما يلفت أيضا ما يتمتع به المواطن المغربي من ذكاء ومن خبرات ومهارات في الصناعة والتجارة وغيرها، فالمواطن المغربي يشغل مختلف الوظائف الكبرى والصغرى التخصصية والحرفية، ترى المغربي يعمل في الفنادق وفي المطاعم وفي المؤسسات الكبيرة والصغيرة وهو الطبيب والمهندس والمحامي ومبرمج الكمبيوتر وسائق التاكسي وسائق الشاحنات الثقيلة والجرافات وعامل البناء وفي الكراجات وفي محطات التزود بالوقود وفي كل مكان، فالإنسان المغربي يعمل في كل المجالات فلا توجد عمالة وافدة في المغرب تقريبا، وهذا ما لفت انتباهي بشكل كبير وترك انطباعا إيجابيا عن اعتماد المغرب على الأيدي العاملة الوطنية وعلى سواعد أبنائه في كل المجالات.
أما الأسواق المغربية فتتميز بطابعها التقليدي الذي لا تزال تحتفظ به، فهي تعج بالمشغولات اليدوية والحلويات المغربية الشعبية والملابس ذات الخصوصية المغربية، وتعج بالمطاعم الشعبية التي تقدم خدماتها الغذائية لمرتادي السوق مثل الحريرة والحلويات المغربية اللذيذة المتميزة.
الشعب المغربي يعشق كرة القدم فخلال نقل المباريات على الهواء المباشرة مهما كانت سواء الدوري الأوروبي أو الإفريقي أو المباريات الدولية ترى المقاهي ممتلئة عن بكرة أبيها بالناس صغارا وكبارا لمشاهدة المباراة ويتفاعلون معها وكأن المنتخب المغربي لكرة القدم طرف فيها.
ويمكن أن أشير في ختام هذه الجولة السريعة في الحضارة المغربية الوطنية إلى ان الشعب المغربي شعب وطني متمسك بسيادته ووحدة أراضي بلده.
فقد فتحت هذه الرحلة نوافذ واسعة لهذه التجربة التي خضتها خلال زيارتي للمغرب الشقيق، ولكنني مازلت متعطشا لمعرفة المزيد عن هذا البلد لزيارته مرة أخرى والتعرف على مدن مغربية أخرى لم أتمكن من زيارتها في هذه الجولة الأولى، وشكرا لصديقي العزيز منير المغربي على هذه الدعوة التي أتاحت لي التعرف على تاريخ وحضارة القطر المغربي وطيبة شعبه الشقيق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك