تعد تقنيات الحوسبة السحابية Cloud Computing في مقدمة الابتكارات التقنية المعاصرة التي تشهد استخداما واسعا لما تحمله من العديد من المزايا الاقتصادية المهمة للشركات التي تستخدمها، وتلك التي توفرها، فضلا عما تخلقه من بيئة تقنية مواتية لأعمال الشركات الناشئة في مختلف القطاعات الاقتصادية. وقد عرفت بانها نموذج تقني لتمكين مستعمل شبكة الإنترنت من النفاذ الشبكي من أي مكان في العالم، وفي أي وقت عند الحاجة الى مجموعة من موارد الحوسبة القابلة للتشكيل مثل «الشبكات، وقواعد البيانات، التخزين، البرمجيات، التطبيقات، والخدمات، والتحليل الذكي للأعمال، وغيرها» والتي يمكن توفيرها، وتسليمها بسهولة ويسر، وبأقل عمل إداري ممكن أو تدخل من قبل مورد الخدمة.
كما عرفت بأنها آلية جديدة للحوسبة تتضمن مجموعة من التطبيقات والخدمات، يتم من خلالها توفير موارد قابلة للتطوير بشكل ديناميكي، وتعمل على شبكة موزعة باستخدام موارد افتراضية، ويمكن الوصول إليها عن طريق بروتوكولات الانترنت ومعايير الشبكات المشتركة.
وعموما، فإن الحوسبة السحابية هي طريقة تسمح للشركات الناشئة باستئجار تكنولوجيا المعلومات بدلاً من شرائها أو الاستثمار المكلف في قواعد البيانات والبرمجيات والأجهزة، حيث تختار الشركات الناشئة الوصول إلى الحوسبة التي تحتاج إليها عبر السحابة، وتدفع للشركة الموفرة لها مقابل استخدامها وبأسلوب يشبه دفع فواتير الماء والكهرباء. وتتحمل الشركة الموفرة لخدمات الحوسبة السحابية مسؤولية إدارة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتكامل التطبيقات وتطوير الوظائف والقدرات الجديدة الخاصة بالعميل من أجل الحفاظ على مواكبة متطلبات السوق. وأطلق مفهوم السحابة Cloud على هذا النوع من المحاسبة تشبيها بالسحابة (الغيمة) للتعبير عن شبكة الانترنت والفضاء الإلكتروني عموما.
وتقسم الحوسبة السحابية إلى أربعة انواع رئيسية هي: الحوسبة السحابية الخاصة، حيث تُستخدم السحابة الخاصة حصريا من قبل مؤسسة واحدة، يمكن استضافتها في موقع المؤسسة أو في مركز بيانات موفر الخدمات السحابية، مثل الحوسبة السحابية للحكومة الالكترونية، حيث تقدم خدماتها لمواطنيها فقط ومن خلال رقم وطني معين، والحوسبة السحابية الخاصة ببنك، يقدم خدماته لعملائه فقط، وعادة توفر السحابة الخاصة مستوى عاليا من الأمان والتحكم.
أما النوع الثاني فهو الحوسبة السحابية العامة، وهي عبارة عن خدمات تجارية تقدمها الشركة مزودة الخدمة لعملاء متعددين من دون أي خصوصية لأي منهم ما داموا ملتزمين بعقد الخدمة، حيث توجد البنية التحتية للحوسبة السحابية العامة في مقر الشركة مزودة الخدمة، وهي تقوم بتوفيرها للعملاء عبر الإنترنت.
والنوع الثالث هو الحوسبة السحابية الهجينة، وهي مزيج من الحوسبة السحابية الخاصة والحوسبة السحابية العامة، حيث يمكن أن يكون للشركة الناشئة حوسبة سحابية خاصة بها، توفر من خلالها مجموعة من الخدمات لعملائها، فيما تلجأ إلى الشركات الموفرة لحلول الحوسبة السحابية لتقديم خدمات أخرى لعملائها، وعموما يستضيف عملاء الحوسبة السحابية الهجينة تطبيقاتهم الرئيسية للأعمال على خوادمهم الخاصة لتوفير مزيد من الأمان والتحكم، وتخزين تطبيقاتهم الثانوية في موقع الشركة موفرة خدمات الحوسبة السحابية.
أما النوع الرابع فهو الحوسبة السحابية المحمولة، إذ إنها تتم من خلال الهاتف المحمول، وعبر الاتصالات اللاسلكية، لذا تتوقع شركة IBM أن أغلب الموظفين في الشركات إن لم يكن جميعهم، سيستخدمون هذا النوع من الحوسبة السحابية، إلا أن التحدي الذي سيواجههم يتمثل في امكانات سرقة، أو اختراق هواتفهم المحمولة.
وتتسم الحوسبة السحابية بمجموعة من السمات المميزة لها، منها: مركزية المستخدم، حيث يعد عند اتصاله بالسحابة مالكا لما تخزنه من مستندات وتطبيقات وبيانات، ويصبح بإمكانه مشاركتها لغيره من المستخدمين عبر الإنترنت. والسمة الأخرى مركزية المهام، إذ إنها تركز على طلبات المستخدمين وكيفية توفيرها. والسمة الثالثة مركزية البنية التحتية، مما يجعل الشركات الناشئة متحررة من أعباء وتكاليف إنشائها، وصيانتها وتطويرها وإدارتها، إذ إن تلكم المهام من مسؤولية الشركة الموفرة لها. والسمة الرابعة مركزية البرمجيات والتطبيقات والمستندات، حيث يتم تشغيلها وتخزينها وتحريرها بخوادم السحابة عبر أي جاهز حاسوب متصل بشبكة الإنترنت، مما يجعلها متاحة في كل الأوقات والأماكن.
وللموضوع بقية في المقال القادم إن شاء الله.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك