يبدو أن بعض مسؤولي إدارة بايدن في عجلة من أمرهم لقبول إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية، والذي يسمح بالدخول المشترك القصير الأجل بين الدول المشاركة والولايات المتحدة الأمريكية .. إنه لأمر محير حقا.
أقول إنه أمر محير؛ لأن كلاً من وزارتي الخارجية والأمن الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية تعلمان حق العلم وتدركان تمام الإدراك أن إسرائيل لا تفي بأحد الشروط الأساسية للدخول في برنامج الإعفاء من التأشيرة.
يجب أن تضمن أي دولة تسعى للقبول في البرنامج المعاملة الكاملة بالمثل، أي «المعاملة المتساوية وحرية السفر لجميع مواطني الولايات المتحدة الأمريكية بغض النظر عن الأصل القومي أو الدين أو العرق». فشلت إسرائيل باستمرار في تلبية هذا المعيار من خلال التمييز في كثير من الأحيان ضد العرب الأمريكيين على حدودها.
وثقت منظمات وجماعات الحقوق المدنية مئات القصص من الأمريكيين العرب، وخاصة الأمريكيين الفلسطينيين، الذين تعرضوا لمضايقات لساعات من قبل السيطرة الإسرائيلية على الحدود أو منعوا تمامًا من الدخول وأجبروا على العودة إلى ديارهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد دفع هذا الأمر وزارة الخارجية الأمريكية في وقت سابق إلى إصدار تحذير من السفر أشارت فيه إلى أن «المواطنين الأمريكيين من أصول عربية أو مسلمة (بمن في ذلك الأمريكيون الفلسطينيون) واجهوا صعوبات كبيرة ومعاملة غير متكافئة وعدائية في بعض الأحيان على حدود إسرائيل ونقاط التفتيش».
في عام 2014، وهي المرة الأخيرة التي كان هناك ضغط لقبول إسرائيل في برنامج الإعفاء، رفضت وزارة الخارجية الأمريكية الطلب الذي تقدمت به السلطات الإسرائيلية على وجه التحديد بسبب معاملتها التمييزية للعرب الأمريكيين.
لم يقتصر الأمر على بقاء الوضع على حاله، بل أصبح الدخول أكثر تقييدًا. فلماذا تحاول إدارة بايدن الآن التسرع في قبول إسرائيل في البرنامج؟
وصفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل مؤخراً الخطوات التي يتخذها بعض المسؤولين الأمريكيين لمساعدة إسرائيل في التغلب على قضية المعاملة بالمثل. سيبدأون، على الأرجح في يوليو الجاري، فترة تجريبية مدتها 30 يومًا ستنفذ خلالها إسرائيل عملية جديدة لفحص الدخول.
وكما هو موضح في المقال، خلال هذا الشهر، سيتمكن الأمريكيون الفلسطينيون من التقدم بطلب للحصول على تصريح سفر مدة 90 يومًا.. خلال هذه المدة التجريبية تريد الولايات المتحدة الأمريكية من إسرائيل أن تثبت أن فئة معينة من الأمريكيين الفلسطينيين قادرة على التقدم عبر الإنترنت.. للحصول على تأشيرة واستخدامها بنجاح لدخول مطار بن غوريون في إسرائيل.
في حين أن القدرة على التقديم عبر الإنترنت والدخول عبر مطار تل أبيب (بدلاً من إجبارهم على استخدام جسر اللنبي من الأردن) يعد تحسينًا لبعض الفلسطينيين، فإن هذه الطريقة تبقى، في أحسن الأحوال، غير كافية وهي أمر مذل في أسوأ حالاته.
في المقام الأول، كما وصف بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، تنطبق إجراءات هذه الفترة التجريبية فقط على ما يقرب من 70 ألف أمريكي من أصل فلسطيني يحملون حاليًا بطاقات هوية فلسطينية.
ويستثنى من ذلك مئات الآلاف من الفلسطينيين الأمريكيين الذين إما لا يملكون وثائق فلسطينية وإما لا يريدونها، ويرغبون فقط في السفر بجواز سفرهم الأمريكي. وبالنسبة إلى أولئك الذين يحملون بطاقات هوية فلسطينية، يبدو أن الفترة التجريبية تتطلب فقط من إسرائيل قبول «كتلة معينة» غير محددة من المتقدمين للحصول على التأشيرة.
بالإضافة إلى ذلك، تستثني الفترة التجريبية مجموعات كبيرة أخرى أبلغت عن تمييز خطير عند الدخول أو الخروج. ويشمل ذلك الأمريكيين العرب الآخرين أو المسلمين الأمريكيين، وخاصة أولئك الذين سافروا إلى الدول العربية أو ذات الأغلبية المسلمة.
وفي الحقيقة، فإن الإجراءات المتبعة في هذه الفترة التجريبية لا تعالج مشكلة المضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيون في نقاط التفتيش أو عند المغادرة. وأخيرًا، لا توضح هذه الفترة التجريبية التشغيل الفعلي لبرنامج الإعفاء، والذي من المفترض أن يسمح بالدخول من دون طلب أو إذن مسبق.
على سبيل المثال، قيل للإسرائيليين إنه إذا تم قبول بلدهم في البرنامج، فسيكون بإمكانهم دخول الولايات المتحدة الأمريكية بدون تأشيرة. من المفترض أن تعني المعاملة بالمثل أن جميع الأمريكيين، بمن فيهم العرب الأمريكيون، يجب أن يكونوا قادرين على دخول إسرائيل بنفس الطريقة - بدون تأشيرة.
وبدلاً من إثبات قدرة إسرائيل على تلبية شروط برنامج الإعفاء، فإن هذه الفترة التجريبية، كما تم تصميمها، توفر ببساطة لإسرائيل حلاً للسماح بالوصول إلى عدد محدود من الفلسطينيين. هذا ليس معنى المعاملة بالمثل.
إن التقليل من شأن الشروط التي يجب أن تمتثل لها إسرائيل للدخول في البرنامج -لأنها لا تستطيع غير ذلك- ينتهك الشرط القانوني للمعاملة بالمثل الكاملة وسينظر إليه على أنه يقوض حقوق المواطنة لأولئك الأمريكيين العرب الذين قد لا يزالون خاضعين للمعاملة التمييزية عند الدخول والخروج.
بينما تجادل إسرائيل بأن سياساتها الحدودية تمليها مخاوف أمنية، هناك العديد من الحالات المسجلة للمعاملة التمييزية أو رفض الدخول التي تثير الشكوك بشأن هذا الادعاء.
إن رفضها الدوري لقب جوازات السفر الأمريكية التي يحملها الأمريكيون من أصل فلسطيني (حتى أولئك الذين ولدوا في الولايات المتحدة الأمريكية) ومعاملة الأمريكيين العرب الذين سافروا إلى لبنان أو مصر يتحدثون عن مضايقات أكثر من مجرد مسألة الأمن. على أي حال، إذا أصرت إسرائيل على مواصلة سياساتها، فلا ينبغي للولايات المتحدة الأمريكية، بل إنه لا يمكنها أن تمنح إسرائيل امتياز الاعفاء من التأشيرة.
إن تأكيد حقوق المواطنة الأمريكية هو ما يجب أن يتوقعه الأمريكيون من حكومتهم. لذلك فإن السماح لإسرائيل بتصنيف بعض الأمريكيين كمواطنين من الدرجة الثانية أمر لا يمكن تحمله. لا ينبغي لإدارة بايدن أن تسلك هذا الطريق لمجرد أن تفعل ما يبدو أنه خدمة تقدمها في عام الانتخابات لإسرائيل.
لا شك أن الأمريكيين من أصل عربي ليسوا وحدهم الذين يبدون مثل هذا الإصرار الكبير على حماية حقوقهم. فقد أوضح بعض وزراء الخارجية الأمريكيين السابقين الذين تحدثت معهم أن سلوك إسرائيل غير مقبول.
دعمت رسائل عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وأعضاء الكونجرس، وست منظمات ليبرالية أمريكية يهودية بارزة، الأمريكيين العرب من خلال دعوة الإدارة الأمريكية الراهنة إلى وقف قبول إسرائيل في برنامج الإعفاء حتى تتمكن إسرائيل من إظهار قدرتها واستعدادها لذلك – أي احترام شرط المعاملة بالمثل.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك