العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٦ - السبت ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

استراتيجيـة ألـمـانيا للأمــن القومي

بقلم: د. أشرف محمد كشك

الاثنين ٢٦ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬الرابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬يونيو2023‭ ‬أعلن‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتس‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬مع‭ ‬أربعة‭ ‬من‭ ‬وزرائه‭ ‬وهم‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬والدفاع‭ ‬والمالية‭ ‬أول‭ ‬استراتيجية‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬لألمانيا‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬والتي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬40‭ ‬صفحة‭.‬

ومع‭ ‬التسليم‭ ‬بأن‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول‭ ‬تحدد‭ ‬أولوياتها‭ ‬الأمنية‭ ‬وقدراتها‭ ‬وسبل‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬فقد‭ ‬تضمنت‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬رؤية‭ ‬ألمانية‭ ‬شاملة‭ ‬لتلك‭ ‬التهديدات‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬لافتاً‭ ‬ثلاثة‭ ‬أمور‭ ‬أولها‭: ‬إنه‭ ‬قبل‭ ‬العنوان‭ ‬الرئيسي‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬وضعت‭ ‬ثلاث‭ ‬كلمات‭ ‬وهي‭: ‬الدفاع‭ ‬والصمود‭ ‬والاستدامة‭ ‬كأولويات‭ ‬محددة‭ ‬لتلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬كركائز‭ ‬أساسية‭ ‬لها،‭ ‬وثانيها‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬تهم‭ ‬كل‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬الألمانية‭ ‬ولكن‭  ‬اختيار‭ ‬الوزراء‭ ‬الأربعة‭ ‬ذوي‭ ‬العلاقة‭ ‬المباشرة‭ ‬بتلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وهم‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬والدفاع‭ ‬والمالية‭ ‬أمر‭ ‬ذو‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬التهديدات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬وكذلك‭ ‬دور‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬أهداف‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المتطلبات‭ ‬المالية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬صراحة‭  ‬وزير‭ ‬المالية‭  ‬كريستيان‭ ‬ليندنر‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الحصص‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬ستتغير‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام‮»‬،‭ ‬وثالثها‭: ‬تأكيد‭ ‬المصادر‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬أنه‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تقييم‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭ ‬حول‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬الاستراتيجية‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬تكتسب‭ ‬مضامين‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬دولية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وما‭ ‬رتبته‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬بالغة‭ ‬لمنظومة‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحدي‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬للدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬ألمانيا‭.‬

‭ ‬الإطار‭ ‬العام‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬يحدد‭ ‬وبوضوح‭ ‬أهداف‭ ‬ألمانيا‭ ‬من‭ ‬إصدارها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التوقيت،‭ ‬وقد‭ ‬تمثل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسس‭ ‬وهي‭ ‬الدفاع‭: ‬وقد‭ ‬حددت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المقصودة‭ ‬بها‭ ‬وهو‭ ‬تقوية‭ ‬الجيش‭ ‬وكذلك‭ ‬تطوير‭ ‬أجهزة‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬وحماية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬ودعم‭ ‬قدرات‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الكوارث،‭ ‬وقد‭ ‬لوحظ‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬حديث‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬عن‭ ‬الدفاع‭ ‬بالإضافة‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬القدرات‭ ‬الدفاعية‭ ‬والأمنية‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تأكيد‭ ‬للدفاع‭ ‬الجماعي‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬وخاصة‭ ‬عضوية‭ ‬ألمانيا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬ترتيبه‭  ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬قبل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيان‭ ‬أن‭ ‬ألمانيا‭ ‬تؤكد‭ ‬دعمها‭ ‬للحلف‭ ‬كمظلة‭ ‬أمنية‭ ‬جماعية‭ ‬لأوروبا‭ ‬وبالتالي‭ ‬تؤكد‭ ‬التزامها‭ ‬بتخصيص‭ ‬نسبة‭ ‬2%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لنفقات‭ ‬الدفاع،‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬دعم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وتضامنه‭ ‬وتكامله‭ ‬وتأييد‭ ‬انضمام‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬لعضويته‭ ‬مثل‭ ‬دول‭ ‬غرب‭ ‬البلقان‭: ‬أوكرانيا،‭ ‬مولدوفا،‭ ‬وعلى‭ ‬المدى‭ ‬البعيد‭ ‬جورجيا،‭ ‬ويتمثل‭ ‬الأساس‭ ‬الثاني‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الصمود‭: ‬ووفقاً‭ ‬لاستراتيجية‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬قيم‭  ‬النظام‭ ‬السياسي‭  ‬والتصدي‭ ‬لمحاولات‭ ‬تقسيم‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭ ‬وفقاً‭ ‬للقدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تأمين‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬التبعية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬التوريد،‭ ‬ووفقاً‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬ضرورة‭ ‬لدعم‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وكذلك‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية‭ ‬ومواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬أما‭ ‬الأساس‭ ‬الثالث‭ ‬فهو‭:  ‬الاستدامة‭: ‬ويقصد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مواجهة‭ ‬تأثيرات‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطط‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬تبعات‭ ‬تلك‭ ‬القضية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نظم‭ ‬زراعية‭ ‬وغذائية‭ ‬مستدامة،‭ ‬وتطوير‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الاكتشاف‭ ‬المبكر‭ ‬للأوبئة‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وبعضها‭ ‬كان‭ ‬معلنا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كسياسات‭ ‬ثابتة‭ ‬لألمانيا‭ ‬سواء‭ ‬دعم‭ ‬الناتو‭ ‬أو‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أو‭ ‬مواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬فإن‭ ‬هناك‭ ‬ثلاثة‭ ‬مؤشرات‭ ‬مهمة‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬أمامها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭  ‬المؤشر‭ ‬الأول‭: ‬الربط‭ ‬الواضح‭ ‬بين‭ ‬تحولات‭ ‬البيئة‭ ‬الخارجية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬وما‭ ‬يتطلبه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ضرورة‭ ‬مشاركة‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تلك‭ ‬التحديات‭ ‬وهي‭ ‬نقطة‭ ‬محورية،‭ ‬أما‭ ‬المؤشر‭ ‬الثاني‭: ‬بالرغم‭  ‬من‭ ‬أنها‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬ألمانيا‭ ‬أن‭ ‬تصدر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والظروف‭ ‬التي‭ ‬أوجدتها‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬لألمانيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التسلح‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لافتاً‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لم‭ ‬تركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬مسألة‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬بل‭ ‬أقرت‭ ‬وبوضوح‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬أيضاً‭ ‬مخاطر‭ ‬التهديدات‭ ‬السيبرانية‭  ‬وكذلك‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬وبرأيي‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬له‭ ‬وجاهته‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬التهديدات‭ ‬وخاصة‭ ‬السيبرانية‭ ‬قد‭ ‬أعادت‭ ‬ترتيب‭ ‬قوة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وفقاً‭ ‬لما‭ ‬تمتلكه‭ ‬من‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬درء‭ ‬مخاطرها،‭ ‬أما‭ ‬المؤشر‭ ‬الثالث‭: ‬فهو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬التطورات‭  ‬الدولية‭ ‬الراهنة‭ ‬وخاصة‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ومضمون‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وخاصة‭ ‬لجهة‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬الاستقلالية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬وفكرة‭ ‬التكامل‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الداخلي‭ ‬بين‭ ‬جهود‭ ‬المؤسسات‭ ‬المختلفة‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الخارجي‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬أو‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬صراحة‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬بالنسبة‭ ‬لنا‭ ‬يبقى‭ ‬الارتباط‭  ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والتحالف‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬أمراً‭ ‬مركزياً‮»‬‭.‬

‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بها‭ ‬ربط‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬ثلاثة‭ ‬عناوين‭ ‬وهي‭: ‬الهوية‭  ‬الأمنية،‭ ‬القيم‭ ‬والمصالح،‭ ‬البيئة‭ ‬الأمنية‭  ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭  ‬مراجعة‭ ‬أمنية‭ ‬شاملة‭ ‬ولكنها‭ ‬تحول‭ ‬جوهري‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬ألمانيا‭ ‬لأمنها‭ ‬القومي‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اعتقاد‭ ‬مفاده‭ ‬أن‭ ‬الحماية‭ ‬مؤكدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مظلة‭ ‬الناتو‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الناتو‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قوة‭ ‬الردع‭ ‬لأوروبا‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬ألمانيا‭ ‬ولكن‭ ‬صدور‭ ‬تلك‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والحديث‭ ‬صراحة‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬ألمانيا‭ ‬لقائمة‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬تغيراً‭ ‬تشهده‭ ‬البيئة‭ ‬الأمنية‭ ‬الأوروبية‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خطير‭ ‬يتطلب‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أطر‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬أيضاً‭ ‬رؤى‭ ‬أمنية‭  ‬وطنية‭  ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المستجدات،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬فإن‭ ‬تحديد‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬وترتيبها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬يحدد‭ ‬الأولويات‭ ‬الأمنية‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬لارتباط‭ ‬ذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬بالقدرات‭ ‬المالية‭ ‬بما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬كل‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬ثالثة‭ ‬كان‭ ‬عنوان‭ ‬البيئة‭ ‬الأمنية‭ ‬لافتا‭ ‬لتأكيد‭ ‬أن‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وإن‭ ‬جاءت‭ ‬استجابة‭ ‬لتحديات‭ ‬محددة‭ ‬فإنها‭ ‬سوف‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬أمنية‭ ‬بها‭ ‬تحولات‭ ‬عديدة‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ - ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬محدود‭ ‬مقارنة‭ ‬بالبيئة‭ ‬الأوروبية‭- ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬وبعض‭ ‬الأزمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الراهنة‭ ‬مثل‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬ألمانيا‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬سواء‭ ‬كملاذ‭ ‬لعمل‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬ترتبه‭ ‬تلك‭ ‬الصراعات‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬موجات‭ ‬اللاجئين‭ ‬لأوروبا،‭ ‬ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ذلك‭ ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬إشارة‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬للسياسة‭ ‬الألمانية‭ ‬تجاه‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي‭ ‬عموماً‭.‬

ومجمل‭ ‬القول‭ ‬تعد‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وثيقة‭ ‬مهمة‭ ‬لكونها‭ ‬تتضمن‭ ‬رؤية‭ ‬ألمانية‭ ‬شاملة‭ ‬لتهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬وكيفية‭ ‬مواجهتها‭.    ‬

{‭ ‬مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية ‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا