في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي الدولي الدوري في مدينة سانت بطرسبورج الروسية حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقديم جرد مفصل للنتائج التي تحققت خلال السنة الأخيرة وسط حضور بارز ومميز للمشاركين في هذا المنتدى العالمي الذي يقام سنويا بمدينة سانت بطرسبورج والذين تجاوز عددهم هذا العام 12 ألف مشارك قدموا من مختلف دول العالم، وبالحضور البارز لمعرض دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة الذي افتتحه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة والرئيس الروسي فلاديمير بوتين معا بمشاركة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وعدد كبير من المسؤولين والوزراء الجزائريين الذين شاركوا في هذا المنتدى على مدار ثلاثة أيام، حيث وضع الرئيس بوتين النقاط على الحروف، وقدم صورة دقيقة عن الوضع الاقتصادي تحديدا في روسيا الاتحادية. ويمكننا في هذا السياق التوقف عند أهم النقاط التي أعلنها الرئيس بوتين بدقة متناهية:
في البداية وقبل استعراض هذه النقاط وجب أن نوضح أن ادعاءات عزل روسيا الاتحادية التي تشدقت بها الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو عامة قد سقطت في الماء، وأثبتت هذه المشاركة الواسعة في منتدى سانت بطرسبورج أن روسيا ليست معزولة بل إنها في قلب الحدث وإن العديد من الدول المهمة والفاعلة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا كانت في مقدمة الحضور اللافت للنظر.
اولا: أكد الرئيس بوتين أن الاقتصاد الروسي استطاع بعد فترة الصدمة في النصف الثاني من عام 2022 تجاوز تأثير العقوبات الغربية التي تجاوزت 7 آلاف عقوبة استهدفت الاقتصاد وتدميره، ونجحت روسيا نجاحا باهرا في تجاوز مخاطر هذه العقوبات، والدليل أن الناتج المحلي الروسي قد زاد خلال عام 2022 بنسبة 3.3%، كما أن مؤشرات الصناعة زادت بنسبة 2.9% على الرغم من تعرض هذا القطاع للحصار والمقاطعة.
ثانيا: نجاح روسيا خلال السنة والنصف الماضية في تعزيز العمل الحكومي والشراكة مع القطاع الخاص الروسي لإنقاذ الاقتصاد وتعزيز قدرته على الصمود في وجه الحصار، ومن نتائج ذلك أن روسيا تشهد أقل نسبة تضخم في العالم 2.2%، وهذا لوحده مؤشر يؤكد قدرة الدولة الروسية على حماية الاقتصاد وتنويعه وإنقاذه من ضربات الحصار الذي فرض على روسيا، حيث استطاع القطاع الخاص الروسي أن يشغل الفراغ الذي تركته الشركات الغربية المنسحبة من روسيا تنفيذا لسلسلة العقوبات المفروضة عليها، مع أن روسيا لم تطرد أي شركات من السوق الروسي كردّ فعل على العقوبات وتركت الفرصة متاحة لديها للعمل في السوق الروسي، ولكن جميع الشركات انسحبت بضغط من دولها وخوفا من معاقبتها، إلا أن القطاع الخاص الروسي استطاع تشغيلها من خلال 90 ألف مبادرة جديدة للحصول على علامات تجارية روسية بديلا عن العلامات التجارية الأجنبية التي اضطرت إلى الانسحاب بسبب الضغوط الغربية.
ثالثا: نجاح روسيا في فتح أسواق جديدة للسلع الروسية بما في ذلك النفط والغاز والأسمدة والحبوب التي توجهت بوتيرة سريعة وغير مسبوقة نحو دول آسيا وتعزيز الشراكة مع هؤلاء الشركاء الجدد، ولم تخسر روسيا شيئا بل استفادت أكثر من ذي قبل.
رابعا: بدء روسيا في برنامج استراتيجي لبناء 2600 سفينة ضخمة وبناء سفن الاسطول البحري الشمالي وزيادة طاقة النقل بـ34 مليون طن بدءا من هذا العام.
خامسا: تمكن روسيا من تطوير شبكة المواصلات والاتصال والتوسع في توصيل الانترنت إلى ملايين الروس.
سادسا: تطوير السياحة الداخلية الروسية بشكل غير مسبوق حيث قام أكثر من عشرة ملايين روسي برحلات داخلية مما أدى إلى تعزيز البنية التحتية السياحية وبالتالي توفير المزيد من الخدمات السياحية بدلا من إنفاق مليارات الدولارات في السياحة الخارجية.
سابعا: توسع التجارة البينية بين روسيا الاتحادية والعديد من الشركات الدولية باستخدام العملات الوطنية مثل الروبل والروبية الهندية واليوان الصيني والدرهم الإماراتي وغيرها من العملات للخروج من هيمنة الدولار واليورو.
هذه أهم النقاط التي وردت في كلمة بوتين والتي لها تأثير واضح على تطور روسيا وتشكل عالم جديد بعيدا عن الهيمنة الغربية التي يبدو أنها في الاتجاه إلى أخذ حجمها الطبيعي في عالما جديدا متعدد الأقطاب لن يكون ممكنا فيه العودة إلى الوراء.. فروسيا قطب دولي فاعل وقوي، والصين والدول الغربية أقطاب دولية قوية، إضافة إلى قوى صاعدة مثل الهند وجنوب إفريقيا والبرازيل والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والجزائر. إنه إذن عالم جديد سيظهر للوجود بفضل الجرأة الروسية التي تمردت على الهيمنة الأمريكية والغربية التي استمرت أكثر من ثلاثة عقود.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك