تُعَدّ إنجازات مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان تجربةً تستحق أن تُدرَّس، حيث تمكّنت بجهودها المثابرة من احتلال المركز الرابع عربيًّا في قائمة الدول التي تطبق قوانين حقوق الإنسان. وبفضل هذا الإنجاز، حققت المملكة المركز الرابع والثلاثين على مستوى العالم في هذا النطاق.
وتتجلى أهمية حقوق الإنسان بأنها اتفاق عالمي على مجموعة من السلوكيات المشتركة التي توجّه حكومات العالم لتحقيق تلك الحقوق وتجنب أي تصرف يتعارض معها، ويهدف ذلك في النهاية إلى توفير حياة كريمة وكرامة لجميع البشر. وتتعدد مجالات حقوق الإنسان لتشمل كل الأوساط التي يتعامل فيها الإنسان، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي وغيره.
وعادةً ما تتصدر الدول الأجنبية قائمة حقوق الإنسان العالمية، في حين تكون الدول العربية في معظم الأحيان في آخر تلك القائمة. ومع ذلك، استطاعت مملكة البحرين تحقيق تقدم بارز في هذا الصدد بفضل جهودها المستمرة. حيث تُولي مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك حمد ين عيسى آل خليفة اهتمامًا كبيرًا بحقوق الإنسان دون أي تمييز بناءً على جنس الفرد أو لونه أو ديانته، حيث تعمل بكل إصرار على تلبية الاحتياجات الأساسية اللازمة لحياة كل من يعيش على أرضها. وليس هذا فقط، بل تسعى أيضًا إلى توفير فرص حياة كريمة لكل مواطن داخل حدودها.
ومن هنا، سنستعرض أبرز الإنجازات التي حققتها مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان.
إنجازات على المستوى
الوطني في حقوق الإنسان
تسعى البحرين بشكل متواصل ودؤوب إلى تعزيز حقوق الإنسان داخل حدودها، وهنا تتجلى إنجازات دولة البحرين في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الداخلي، فعلى سبيل المثال تم إنشاء «معهد البحرين للتنمية السياسية» في عام 2005، بهدف تعزيز الوعي بأهمية حقوق الإنسان وواجباتها، ونشر الوعي الجماعي حول هذا الأمر. انطلاقا من مبدأ احترام حقوق الآخرين الذي يعزز السلام الداخلي.
بالإضافة إلى ذلك تم تأسيس «جمعية الصحفيين البحرينية» في مدينة المنامة، وتركز الجمعية على استخدام اللغة العربية كوسيلة للتواصل، وتولي اهتماماً كبيراً بحقوق الإنسان وزيادة الوعي الاجتماعي بشأن هذه المبادئ.
وقد أتاحت الدولة استقبال شكاوى المواطنين العاديين والاستجابة لها، من خلال تنظيم «إدارة الديوان الملكي» المسؤولة عن هذه الأمور.
وتولي المملكة اهتماماً كبيراً بمتابعة التطورات في مجال حقوق الإنسان والتعامل مع المشكلات الداخلية المتعلقة بحقوق المواطنين البحرينيين، وذلك من خلال «لجنة حقوق الإنسان» التابعة لمجلس الشورى.
كما تولي المملكة اهتماما بحقوق السجناء وتنمية الإسهامات الشعبية في الشؤون الداخلية، من خلال إنشاء 647 منظمة غير حكومية لدعم المشاركة المدنية.
بالإضافة إلى ذلك تم سن العديد من القوانين لحماية حقوق الطفل والعمل على مكافحة العنف الأسري.
إنجازات على المستوى
العالمي في حقوق الإنسان
تم تأسيس «كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي» في جامعة «لا سايبنزا» في إيطاليا كجهود متميزة لاستهداف التنمية الدولية التي تحقق السلام العالمي والتسامح. وفي إطار تعزيز السلام العالمي، تم إنشاء مركز «الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي» في مدينة لوس أنجلوس.
ونتيجة لأهداف التنمية المتبناة من قبل البحرين، أقرت منظمة الأمم المتحدة يومًا عالميا يسمى «يوم الضمير»، وذلك استجابةً لمبادرة رئيس الوزراء البحريني لتحقيق السلام بين دول العالم.
أيضا تم توقيع العديد من الاتفاقيات على المستوى الدولي والإقليمي فيما يتعلق بحقوق الإنسان، ومن أبرز هذه الاتفاقيات «الميثاق العربي». ونتيجةً للجهود المبذولة، تم انتخاب البحرين لتكون عضوًا في هيئة المنظمات غير الحكومية في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية العالمية، بالإضافة إلى تجديد عضويتها في مجلس حقوق الإنسان للفترة من 2019 إلى 2023.
إنجازات على مستوى حقوق المرأة
تطور احترام حقوق المرأة في أرجاء العالم، وتمكن صوتها القوي من إحداث تغييرات جذرية في قوانين العديد من الدول لتلبية تطلعات هذا النداء العالمي. ومن بين الدول التي رافقت التطور في مجال حقوق المرأة تبرز مملكة البحرين، حيث حققت إنجازات مهمة في هذا المجال. فعلى سبيل المثال تأسس «المجلس الأعلى للمرأة» ومقره مدينة الرفاع في أغسطس عام 2001، وهو مجلس رفيع المستوى يعطي كل اهتمامه لشؤون المرأة البحرينية، كافة، وتترأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة. أيضاً تم التركيز على تعزيز دور المرأة في البحرين، وتخصيص جزء من الميزانية الحكومية لتوفير الرعاية والدعم المناسب لكل سيدة. بالإضافة إلى ذلك شهدت المملكة تحولاً في الوعي الجماعي تجاه قضايا المرأة، وأثبتت الكثير من النساء قدراتهن وكفاءتهن في مختلف المجالات. وكذلك حققت الأستاذة فوزية زينل فوزًا كبيرًا بنسبة 67% في انتخابات رئاسة مجلس النواب، لتصبح أول امرأة في العالم العربي تتولى هذا المنصب بعد انتخابات حرة ونزيهة. أيضاً تمثل النساء نسبة 9% من القضاة في دولة البحرين، بالإضافة إلى ذلك تصل نسبة النساء العاملات في النيابة العامة إلى 5% .. وقد اعتمدت المملكة عام 2008 يوماً وطنيا للمرأة في البحرين، للاحتفال بمرور ثمانين عامًا على بدء تعليم المرأة في مملكة البحرين.
إن مملكة البحرين بقيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تسعى بشكل متواصل إلى توفير كل الحقوق اللازمة للمواطن البحريني، بهدف تحقيق حياة كريمة له. ولتحقيق ذلك، لا تقتصر جهود الدولة على إنشاء منظمات محلية ودولية، بل تعمل أيضًا على تطبيق قوانين حقوق الإنسان بشكل واقعي.
وتتجاوز رؤية البحرين في هذا المجال الحقوق التشريعية، إذ تسعى إلى تحقيق تغيير وتطور مستمر في جميع القطاعات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بما يتماشى مع حقوق الإنسان. وتمثل هذه الرؤية جزءًا أساسيًا من خطة البحرين لعام 2030، حيث يهدف التغيير المستمر الذي يحافظ على كرامة الإنسان إلى تحقيق أهداف طموحة. لذلك، فإن إنجازات البحرين في مجال حقوق الإنسان لا تتوقف عند النقطة التي تم تحقيقها، بل تسعى دائمًا لتحقيق المزيد والأفضل.
{ أكاديمي متخصص في العلوم
الشرعية وتنمية الموارد البشرية
Dr.MohamedFaris@yahoo.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك