انطلاقا من إدراك قيادة ومؤسسي كليات عنيزة الأهلية لأهمية أن تكون على الدوام منافسا مميزا وقويا على مستوى ليس مؤسسات التعليم الجامعي في المملكة فحسب، بل على المستوى الخليجي والعربي عموما، لذا فقد حرصت على إبراز قيمها الأكاديمية ورسالتها العلمية الإنسانية، ومواكبتها للتطورات العلمية والتقنية التي يشهدها العالم، من خلال عدة اتجاهات، أولها اعتدال أجور وتكاليف الطلاب المسجلين فيها، فهي الأدنى في المملكة لدرجة أن من يسمع بها يعتقد أنها جامعة خيرية، ويسر آليات وتوقيتات دفعها، فقد وفرت منصة مصرفية للطلاب مفتوحة طيلة العام يدفعون فيها أي مبلغ متيسر لديهم وفي أي وقت لتخفيف العبء المالي عنهم، بحيث ينصب اهتمامهم على طلب العلم والتفوق وليس الانشغال بهم الحصول على تمويل تكاليف دراستهم، علاوة على جهود إدارتها المثمرة في التنسيق مع عديد من المصارف والشركات المالية لتوفير باقات ائتمان تعليمي ميسرة للطلاب الراغبين في الحصول على قروض تعليمية. والثاني حرص الكليات الشديد على تطبيق أعلى معايير الجودة، وحصولها على الاعتماد الأكاديمي غير المشروط، وحرصها على الحصول على الاعتماد البرامجي لجميع برامجها الأكاديمية. والثالث التوسع المدروس في برامجها الأكاديمية والمواكب للتطورات التقنية في العالم والمستشرف لوظائف المستقبل. أما الرابع ونتيجة للسمعة الطيبة التي تتمتع بها الكليات على صعيد وزارة التعليم وعلى صعيد المجتمع السعودي عامة، فقد سمح لها باستضافة عدد من برامج الماجستير والدبلوم العالي التي تقدمها جامعات حكومية، بحيث إن الطالب يدرس في الكليات ويحصل على شهادته من الجامعة الحكومية التي تقدم البرنامج الدراسي.
ويعكس الاتجاه الخامس قدرة الكليات على الاستجابة والتكيف مع الظروف المختلفة دون أن تغادر أهدافها أو تتراجع عن رسالتها ومستوى كفاءتها، فمثلا في ظل تداعيات جائحة كورونا المستجد على صعيد قطاع التعليم استطاعت الانتقال من نمط التعليم الحضوري إلى عدة بدائل أكثر مرونة وفاعلية في التعامل مع الحالات الطارئة كالتعليم عن بعد من خلال تطبيقات البلاك بورد والتطبيقات الأخرى المعتمدة، والتعلم الإلكتروني، وغيرها من الحلول الرقمية، فضلا عن الاستعاضة عن التدريب الميداني بالتدريب بالمحاكاة، وخاصة في التخصصات الهندسية والتخصصات العلمية الأخرى. وفي مرحلة التعافي عززت من قدراتها الرقمية والإلكترونية واعتمدتها تحت سقف التعليم الحضوري.
ومثل الاتجاه السادس ديناميكية الكليات وملاحقتها للتطور وتطلعها للمستقبل انسجاما مع تنامي تنفيذ متضمنات وخطط رؤية المملكة 2030، والذي خلق واقعا علميا وتقنيا وإداريا وتشريعيا جديدا، ما يتطلب البناء عليه والتخطيط لتوفير متطلبات ثمرات التطوير والإصلاح الشامل من الموارد البشرية ذات التأهيل العلمي والمهارى العالي، فانعكس ذلك في مراجعتها المستمرة لخطتها الاستراتيجية لسنوات (2016-2027)، ثم قيامها بإعداد خطة استراتيجية جديدة لسنوات (2023-2027) تستند إلى تحليل استراتيجي عميق وشامل، وخاصة أنها وجدت أن خطتها الاستراتيجية السابقة استنفذت وحققت أهدافها في السنوات (2016-2022)، فكان لابد من مواكبة مسيرة التطور العلمي وتحقيق التقدم المتواصل فمن لا يتقدم يتقادم.
والاتجاه السابع تمثل في حرص إدارة الكليات ومجلس أمنائها على اختيار أفضل الكوادر والكفاءات التدريسية، ومن جنسيات سعودية وخليجية وأجنبية وعربية من (مصر والعراق وسوريا والجزائر والأردن وفلسطين والسودان واليمن) ومن خريجي أفضل الجامعات في العالم. إلى جانب فريق إداري من الموظفين السعوديين الأكفاء. ولا ريب أن هذا التنوع يخلق حراكا وتفاعلا علميا قل نظيره.
ولأجل أن تحافظ الكليات على تميزها جاء الاتجاه الثامن والمتمثل في اعتماد الكليات لمنصة علمية مفتوحة للبحوث والدراسات والكتب المنشورة وبراءات الاختراع، يتنافس أعضاء هيئة التدريس فيها لنشر إنجازاتهم العلمية، وكذلك منصة (بنك راصد) لرصد مختلف نشاطات وإبداعات منتسبي الكليات ووضع التقييم المناسب لها بحيث يتم خلال كل فصل دراسي مراجعة هذه المنصة واحتساب الدرجات التي حصل عليها كل منتسب، ويتم تكريم المتميزين منهم. والاتجاه التاسع والذي أعتقد أنه الأكثر أهمية في بيئات العمل الأكاديمي هو سياسة الباب المفتوح والصراحة والوضوح التي تعتمدها جميع إدارات كليات عنيزة بدءا من مشرفها العام وعمداء الكليات ومجلس أمنائها وصولا إلى موظفيها، حتى تحولت الكليات إلى البيت الثاني لكل منتسب، عضو هيئة تدريس أو موظف أو طالب، وأضحت العلاقات الإنسانية المتميزة بين الجميع محل جذب وتقدير واعتزاز الجميع، وعامل حافز للمزيد من العمل والعطاء والحرص، فكل منتسب يشعر بأنه المالك والمسؤول عن هذه الكليات، ونجاحها من نجاحه، ونجاحه من نجاحها، حتى يمكن القول إن كليات عنيزة تمتلك بحق الريادة في مجال الرقابة الذاتية في جميع تعاملاتها البشرية والمادية، فحتى الذين غادروها لسبب أو آخر استمرت أواصر المحبة والتواصل والشعور بالمسؤولية تجاهها.
كما تتميز الكليات بعمق العلاقة مع خريجيها المنتشرين في مختلف الوظائف والقطاعات الإدارية والهندسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة والذين هم بحق سفراء أوفياء لكلياتهم ولأساتذتهم.
وختاما لابد من القول إن تجربة كليات عنيزة تمثل حالة عربية متطورة تستحق الدراسة والتأمل والمحاكاة، وما أشرنا إليه في سلسلة مقالاتنا لا يمثل إلا جزءا بسيطا من ثراء تجربتها وسعة إنجازاتها وسمو تطلعها ورقي أهدافها.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك