للمرة الأولى ومنذ تعيينه قائدًا لجيش الاحتلال، أدلى بتصريحات علنية الجنرال هآرتسي هاليفي تولى رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي مع مطلع عام 2023، ليصبح القائد الـ23 للجيش الصهيوني ويحل محل رئيس الأركان المنتهية ولايته أفيف كوخافي، الذي أنهى ولاية استمرت أربع سنوات قاد خلالها الجيش في فترة من عدم اليقين المتزايد بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي.
الجنرال هليفي شغل قبل ذلك منصب نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، وهو منصب محوري على طريق الوصول إلى القمة، تولى زمام الأمور في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل تصاعدا للعنف في الضفة الغربية، ومجموعة من التحديات على حدودها مع غزة ولبنان، وحملة آخذة بالتطور ضد إيران في سوريا.
وقد أعلن عن خطته متعددة السنوات، وعبّر فيها عن رؤيته وفلسفته إزاء الجيش، والبيئة التهديدية والفرص والعراقيل المستقبلية أمامه، دون إعلان اسمها بعد، ربما لعدم اكتمال محاورها.
هليفي شغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية (آمان) منذ سبتمبر 2014 كما شغل منصب قائد الكلية الدولية للقيادة والأركان الذراع، وقائد فرقة الجليل العسكرية، وعمل قائدا للواء المظليين.
اعتبر هليفي الخطة التي يعمل عليها تكميلية، ويمكن وصفها بأنها طابق ثالث لخطة «جدعون» التي أعدها القائد الأسبق للجيش جادي آيزنكوت، وخطة القائد السابق أفيف كوخافي المسماة «تنوفا»، وترتكز على عدة مفاهيم: المعرفة، الدقة، القوة، الحرب النفسية، الجغرافيا المعقدة، والمرونة.
مع العلم أن هاليفي، وهو يذكر أهم معالم خطته في خطابه بمؤتمر هرتسليا، ذكر أنها تتبلور في عدة مجالات رئيسية، هي: بناء الجيش، إيران والحرب متعددة الجبهات، المناورة الحديثة، الحدود الآمنة، الثقافة والمسؤولية والمبادرة للجندي في الميدان.
بدا لافتًا أن ما أعلنه هاليفي لم يحز على نشر كبير في وسائل الإعلام الإسرائيلية، بالرغم من أنها المرة الأولى التي يتحدث فيها، ويكشف عن بعض تفاصيلها، ربما رغبة بالانتظار لتجهيزها بصورة كاملة، أو يجري الاحتفاظ بمسودتها الأساسية بصورة سرية لدى دائرة الأبحاث في هيئة أركان الجيش.
يتزامن حديث هاليفي عن محاور خطة جيش الاحتلال القادمة في وقت يواجه فيه جملة من التحديات العسكرية والأمنية المحيطة بالدولة العبرية، ويتوقع نشوب أي مواجهة على الجبهات القتالية المرشحة: الشمالية والجنوبية والبعيدة.
يمكن الحديث بصورة أولية إن المحاور تكشف ضمنًا عن إستراتيجية جيش الاحتلال فيما ينوي فعله في الأوضاع العادية والطوارئ والحروب، واعتبارها حجر الزاوية في مسار السلوك الأمني العسكري المرتقب للدولة الصهيونية في الفترة القادمة.
في الوقت ذاته فلعلّ هاليفي أراد من تسريب بعض من محاور خطته الإستراتيجية مخاطبة المستوى السياسي الإسرائيلي، والإيضاح له أن هذا ما يمكن أن تطلب فعله من الجيش، وهذا ما يمكن أن نوفره أو نحققه، لكن المطلوب من الحكومة ومجلس الوزراء الكابينيت، أن يحددا للجيش بدقة أهداف العمليات العسكرية، وتحت أي قيود يعملون، وأي ضغوط توضع عليهم عندما يعملون، وما النتائج المطلوبة.
لا يختلف اثنان على أن المحاور الأساسية التي أعلنها هاليفي أخذت بعين الاعتبار دروس الحروب الأخيرة، ولا سيما في غزة بين أعوام 2008-2023، إذ برزت فيها أخطاء نبعت من عدم فهم الأوامر بتحديد أهداف الحرب، وتعريف الحسم والانتصار، ولماذا يجب أن يطمح، وما حدود تقسيم الوظائف بين السياسي والعسكري.
يمكن تأكيد أن المحاور الأولية التي أعلنها هاليفي موجهة إلى أعضاء المجلس الأمني المصغر والجمهور، وكذلك لقوى المقاومة ودول المواجهة بهدف ردعهم، ما يجعلها أكثر من تعليمات ميدانية قتالية، وأقل من نظرية أمن قومي، لكنها تعد خطوة لافتة في تاريخ جيش الاحتلال جديرة بالتأمل والدراسة.
{ أكاديمي من فلسطين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك