لعب البنك المركزي السعودي (ساما)، وهيئة سوق المال دورا رياديا مميزا في دعم وتطوير وتوطين التكنولوجيا المالية في المملكة، وصولا إلى تعزيز الموقع المالي والمصرفي الإقليمي والعالمي للمملكة، وتسهيل إمكانية حصول المستهلكين على قدر مرتفع ومميز ومتنوع من العديد من الخدمات في مجال المدفوعات والإقراض والتأمين والادخار والاستثمار وإدارة الثروات وغيرها، بسرعة وأمان وكلفة أقل .ثم جاءت تداعيات جائحة كورونا (كوفيد-19) لتؤكد أهمية التكنولوجيا المالية ووجوب تسريع الاعتماد على منتجاتها في القطاع المالي والمصرفي. وقد أوضح التقرير السنوي الثاني لفنتك السعودية 2020 أن سـنة (2019-2020) كانـت محوريـة فـي مجـال التكنولوجيا الماليـة فـي المملكـة العربيـة الســعودية، حيــث تــم إحــراز تقــدم كبيــر فــي قطــاع المدفوعــات كإطــلاق خدمــة Apple Pay وإنشــاء شــركة المدفوعــات الســعودية، بالإضافة إلــى وضــع اللوائــح الخاصــة بقطــاع المدفوعــات.
كمـا واصل البنك المركزي الســعودي وهيئــة الســوق الماليــة جهودهـمـا فــي إصــدار تراخيــص البيئــة التجريبيــة التنظيميــة ووضــع اللوائــح الإلزامية لدعــم أنشــطة التكنولوجيا الماليـة، وأطلقـت فنتـك السـعودية عـددا مـن المبـادرات لدعـم مجـال التكنولوجيا الماليـة، بمـا فـي ذلـك دليـل قطـاع التقنيــة الماليــة وبوابــة التوظيــف لدعــم شــركات التقنيــة الماليــة، وأداة تقييــم المســار التشــريعي والتــي تــم تصميمهــا بهـدف مسـاعدة شـركات التكنولوجيا الماليـة علـى فهـم المسـارات التشـريعية للأنشـطة بشـكل أفضـل، بالإضافة إلـى مبـادرة دعـم أبحـاث التقنيـة الماليـة لدعـم الابتـكار القائـم علـى البيانـات فـي مجـال التكنولوجيا الماليـة.
ووفقا لتقرير فنتك السعودية السنوي لعام 2020 ارتفع عدد شركات التقنية المالية في المملكة ثلاثة أضعاف ما كان عليه عام 2019، فقد ارتفع من (20) شركة عام 2019 إلى (60) شركة عام 2020، مع أكثر من (100) شركة تكنولوجيا مالية ناشئة أخرى، مازالت في مرحلة الفكرة أو مرحلة ما قبل الإعلان التجاري. وتتطلع المملكة إلى أن يكون عام 2020-2021 مثمرا في مجال التقنية المالية، فيما تشير التوقعات إلى أن سوق التقنية المالية في المملكة العربية السعودية في عام 2023 سيصل إلى قيم معاملات تزيد على (123) مليار ريال سعودي، نحو (33) مليار دولار أمريكي. وانطلاقا من إيمان البنك المركزي السعودي بأهمية الخدمات المصرفية المفتوحة، وإمكاناتها في دعم عملية الارتقاء بالقطاع المالي والمصرفي السعودي، واستكمالا لجملة السياسات التي اعتمدها البنك لتحقيق أكبر قيمة مضافة ممكنة من التكنولوجيا المالية، فقد أطلق في شهر يناير 2021 مبادرته المتعلقة باعتماد آليات الخدمات المصرفية المفتوحة في المملكة مؤكدا أنها ستعزز الثقة بكل من العملاء والمشاركين في السوق من البنوك، وشركات التكنولوجيا المالية، والهيئات والمؤسسات المالية الأخرى، وبقية أصحاب المصلحة، حيث تؤدي جميع هذه الأطراف دورًا محوريًّا في رحلة الابتكار والشمول المالي. وقد استقبل القطاع المالي والمصرفي وقطاع الأعمال عموما قرار إطلاق الخدمات المصرفية المفتوحة بالمزيد من الترحاب والثقة بالمستقبل الزاهر لاقتصاد المملكة.
كما أطلقت المملكة مسرعة فنتك وهي مبادرة أطلقها البنك المركزي السعودي (SAMA) بالتعاون مع هيئة أسواق المال (CMA) في إطار برنامج تطوير القطاع المالي لدعم تطوير صناعة التقنية المالية في المملكة العربية السعودية على طريق تحويل المملكة العربية السعودية إلى مركز مبتكر للتقنية المالية مع نظام بيئي للتقنية المالية مزدهر ومسؤول. وهي عبارة عن برنامج مصمم بعناية لمساعدة شركات التكنولوجيا المالية على تسريع نموها من خلال خدمات الدعم وورش العمل وجلسات التدريب والإرشاد. ويختتم البرنامج بيوم تجريبي يوفر للشركات إمكانية الوصول إلى مستثمري التكنولوجيا المالية. وبعد الانتهاء من البرنامج، ستتمكن شركات التكنولوجيا المالية المشاركة من مواصلة رحلة الوصول إلى خدمات الدعم من خلال اجتماعات منتظمة مع فريق التسريع.
وحيث إن المواهب والكفاءات البشرية المؤهلة في مقدمة التحديات التي واجهتها شركات التكنولوجيا المالية في المملكة، فقد بذل البنك المركزي السعودي جهودا مميزة في التدريب والتأهيل وتنمية المهارات للمواطنين السعوديين الراغبين بالعمل في هذا القطاع الجديد، فضلا عن تقديم الدعم المالي واللوجستي لريادة الأعمال. بالإضافة إلى ما شهدته الجامعات السعودية الحكومية والأهلية من تسارع في افتتاح الأقسام والبرامج العلمية في تخصصات التكنولوجيا المالية والاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني، وعلوم البيانات وتحليلها، وهندسة البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، ومهارات الإبداع وحل المشكلات، وغيرها من التخصصات ذات العلاقة بالتقنيات المعاصرة وعلوم المستقبل.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك