قد لا يمضي عقد وتكون بعده معظم الأسلحة الموجودة حاليا ليست ذات قيمة بعد أن بدأت الولايات المتحدة والدول الكبرى الأخرى باستخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في العمليات العسكرية الأكثر دقة وفاعلية وقوة، حتى إسرائيل التي تسابق الزمن لتسجيل تفوقها في هذا المجال كشفت أنها استخدمت في عدوانها الأخير على غزة طائرات الشبح التي تمتلك قدرات خاصة لتحديد أماكن وجود قيادات الجهاد الإسلامي وضمان اغتيالهم.
والسؤال هنا هل الدول العربية وجيوشها جاهزة لحروب المستقبل التي ستدار وتنفذ بواسطة الذكاء الاصطناعي؟
إن من سيحسم شكل وطبيعة النظام الدولي، وحتى مستقبل العالم للعقود التالية هو الطرف الأكثر تطورا في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب، ويمتلك الأتمتة القادرة على حسمها بأقل قدر من الخسائر البشرية، وبالنسبة إلى معظم الدول فإن الفجوة كبيرة الآن بما هي عليه الأسلحة وتكنولوجيا الحروب فكيف يمكن تخيل الفجوة بعد أن تصبح الأسلحة أقرب إلى عالم الخيال العلمي منها إلى الواقع، حيث ستتحول الحروب إلى لعبة يتحكم بها حاسوب واحد قد تصل دقة أدائه إلى نسبة المئة بالمئة.
طائرات الجيل الرابع وحتى الخامس ستتحول إلى خردة ومعها عشرات الآلاف من الدبابات والمدافع، فالسيطرة ستكون لأسلحة لا يستخدمها البشر بشكل مباشر، ربما السؤال الأهم هنا أين نحن في مسألة الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامه في النواحي العسكرية؟
كنا نعتقد في السابق أن العالم يتغير بسرعة من حولنا بشكل يدهشنا، ولكن ما قد يحصل من الآن فصاعدا هو غياب القدرة على استيعاب التغير القادم والذي ستدخل معه البشرية مرحلة مختلفة بالكامل، نحن نعيش لحظة تاريخية فريدة لن يكون العالم بعدها كما كان قبلها، إنها مسألة عقد من الزمان أو أكثر قليلا ليصبح العالم الذي نعيش فيه اليوم كأنه فيلم بالأسود والأبيض بالنسبة إلى ما هو قادم.
فالمقولة القديمة «لا شيء مستحيل في المستقبل وإنما المستحيل هو استرجاع الماضي» قد تنتهي ويصبح حتى استرجاع الماضي أمرا ممكنا مع قفزة الذكاء الاصطناعي.
وفي نظرة للواقع العربي الراهن فإن التوقعات قاتمة، ففي وقت تنجز فيه الدول المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، القفزة المشار إليها، فإن عدد من الدول العربية إما تمزقها الأزمات الداخلية، أو هي في عداد الدول المفلسة، قد يكون لدى دولنا الغنية، وخاصة دول الخليج، فرصة الحصول على تذكرة دخول إلى العالم الجديد، ولكن علينا أن نأخذ بالاعتبار أيضا أن فرص تطوير أشكال جديدة للطاقة مع تطور الذكاء الاصطناعي هي أكبر اليوم بما لا يقاس، من هنا وجب دق جرس الإنذار كي تستفيد دولنا الغنية مما لديها من ثروة واللحاق بركب التطور وأن تقدم لشقيقاتها الدول العربية الأخرى العون والمساعدة
وقد يكون الأمر والحالة هذه ثمة حاجة إلى توسيع دائرة سؤال مفاده: هل العرب مؤهلون لخوض حروب المستقبل؟ ويواكبه سؤال آخر: هل العرب مؤهلون لدخول عصر الذكاء الاصطناعي؟
في ضوء حقائق ومعطيات الواقع العربي اليوم ربما من الصعب ذلك، فما العمل؟ هل نستسلم لمنطق التراجع وعدم مواكبة التطور العلمي ونبقى، أو نقبل البقاء في الجزء المعتم من الحضارة الإنسانية؟
الأسئلة هنا موجهة إلى الشعوب العربية أكثر منها إلى النخب التي يمكن أن تستخدم عقلها في البحث عن وسيلة إنقاذ، لن نفقد الأمل فالأمة العربية لا ينقصها الذكاء الطبيعي والمهم أن نبدأ فورا لنكون جزءا من المستقبل.
{ كاتب من فلسطين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك