تقوم التربية الأخلاقية على تفعيل مجموعة من المبادئ والسلوكات السوية في نفوس الاطفال لإنشاء جيل سوي واعٍ يتبع القيم والاخلاق الحميدة النابعة من تراثنا وقيمنا الاسلامية، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». والتربية الاخلاقية تهدف الى تعزيز القيم الانسانية السامية التي حثت عليها الديانات السماوية، مثل الصدق، الامانة، العدالة، التعاون، الاحترام والتسامح وغيرها... وتحفيز الفرد على تطبيق هذه القيم في حياته اليومية، سواء مع العائلة او مع الاقران في المدرسة او في المجتمع. وتعد التربية الاخلاقية عاملا مهما في تطوير النمو الشخصي والاجتماعي والمهني وتسهم في بناء مجتمعات أكثر تحضرا وترابطا.
تشير الدراسات الى ان تطبيق القيم الاخلاقية في المدارس يؤدي الى العديد من المؤشرات الايجابية ، فهو يحسن العلاقة الاجتماعية بين الطلاب ويعمل على تعزيز التفاعل الإيجابي وتحسين الاحترام المتبادل على حد سواء. وتشير دراسة جيمس كومرز الى ان تطبيق القيم الاخلاقية في المدارس يسهم في تحسين التحصيل الاكاديمي، فالتفاعل والتعاون الايجابي مع الاقران والمعلمين يؤثر إيجابا على التحصيل والأداء الأكاديمي. وأشار جون ديوي في كتابه «المبادئ الأخلاقية في التربية» الى ان التربية الاخلاقية تسهم في تطوير الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس وتعزيز مهارة الاتصال مع الآخرين، كما تسهم في الانضباط المدرسي والحفاظ على بيئة تعليمية آمنة ومحترمه، كما أشار الى دورها في تنمية المجتمع من خلال تحقيق الاصلاح الاجتماعي، من خلال تعليم الطلاب كيفية التعامل مع القضايا الاجتماعية المهمة وتشجيعهم على المشاركة في المجتمع والعمل على تحسينه.
وللمعلم دور مهم في تعزيز التربية الاخلاقية بين الطلاب، فعندما يتبنى المعلم القيم الاخلاقية المختلفة، فإن ذلك يقود الى تعلم الاطفال هذه القيم وتطبيقها، فهو يمثل نموذجا حيا للسلوك الاخلاقي، وبالتالي يكسب المعلم ثقة طلبته واحترامهم ويرتفع مكانته في نظرهم. فالمعلم قد يشجع طلبته على المبادرة والمشاركة في الانشطة الصفية الخاصة وتشجيعهم على القيام بأعمال تعزز القيم الاخلاقية، كما يمكن للمعلم تشجيع الطلاب على الحوار البناء والنقاش الحر المفيد وتشجيعهم على التعاون وتبادل الافكار والآراء بطريقة لائقة.
وللأسرة الدور الكبير في تعزيز القيم الأخلاقية لدى أطفالهم، فالأب والأم هما القدوة لابنائهما، فتبني قيم مثل الصدق والأمانة والعدالة تشجع الابناء على تعلمها وتطبيقها. على الوالدين التواصل مع ابنائهما بشكل فعال والاستماع الى مشاكلهم ومشاركة تجاربهم، وذلك لتعزيز الثقة والاحترام المتبادل وتحفيزهم على التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحيحة وايجابية، كما يجب على الوالدين تعزيز الثقة بالنفس لدى أطفالهما وتطوير مهاراتهم وقدراتهم والثقة في قدراتهم لتشجيعهم على التعامل بشكل إيجابي مع العالم من حولهم ، وللوالدين دور في تحفيز السلوك الايجابي لدى أطفالهما وتشجيعهم على القيام بالأعمال الخيرية، وذلك لتعزيز بعض القيم مثل العطاء والتسامح والتعاون ومساعدة الآخرين، وللأسرة اسهامات كبيرة بتطوير الوعي الايجابي لدى أطفالهم من خلال التفكير بشكل ايجابي والتركيز على الجوانب الايجابية في الحياة لتعزيز الثقة بالنفس والتفاؤل، مما يسهم في تعلم الاطفال للقيم الاخلاقية وتطبيقها في حياتهم اليومية والمستقبلية.
التربية الاخلاقية هي أحد عناصر بناء المجتمعات وبالتالي فهي تتطلب جهودا مشتركة ومتواصلة من الاسرة والمدرسة من أجل بناء مجتمعات مزدهرة ومتطورة ولضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
{ الأستاذ المساعد في قسم الرياضيات والعلوم وتكنولوجيا التعليم
كلية البحرين للمعلمين - جامعة البحرين
brababh@uob.edu.bh
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك