في ضوء الحوار الدائر على خلفية التوازن المالي تطرح الحكومة إمكانية فرض ضريبة على الشركات، وفقا لمقترح منظمة التعاون الأوروبية لمعالجة التهرب الضريبي لديها، بما لا تقل عن 15% ، تم الاتفاق مع 130 دولة ومنها منطقة الخليج.
بدأت منظمة التعاون والتنمية الأوروبية في 2019 بالتفاوض مع الدول حول فرض ضريبة على الشركات، اتفقت مع 130 دولة على ضريبة لا تقل عن 15% على الشركات، ومتوقع تطبيقه في 2023. ضريبة الدخل وضريبة الثروة وغيرها من الضرائب مطبقة في جميع دول العالم وتمثل المصدر الرئيسي لتمويل ميزانيات الحكومات باستثناء تلك التي لديها موارد طبيعية تملكها الحكومات لتمويل الميزانية كما في الخليج. بالنسبة إلى دول الخليج فقد فرضت ضريبة على الشركات بنسب مختلفة والآن تدرس البحرين إمكانية فرض ضريبة مماثلة. يجري الحوار بين الحكومة والمجلسين وازداد اهتمام المجتمع بمناقشة هذه الضريبة والضرائب بشكل عام. للمساهمة في النقاش أقام مجلس الدكتور محمد الكويتي ندوة قدمها عضو مجلس الشورى الدكتور عبدالعزيز ابل، بالاشتراك مع المختص في الضرائب والشريك من ايرنست ويونغ الأستاذ علي فيصل المحروس وشارك في المداخلات عدد من المهتمين.
موضوع الضرائب شامل ومتنوعة، ويمكن الحديث عنه على مستوى الإنتاج وعلى مستوى الاستهلاك أو(التوزيع)، ويعتمد على النشاط الاقتصادي والوعاء الضريبي الذي يتيح للحكومة اتخاذ القرار في من يدفع ومن يستفيد وفق التوافقات والقوى المؤثرة في المجتمع. تختلف فئات المجتمع في مستوى الإنفاق والإنتاج، وبالتالي مستوى التأثر بالضرائب ومستوى تأثيرها في الطلب والنشاط الاقتصادي. فمثلا الطبقة الأضعف هي التي تنفق جميع دخلها في الاقتصاد على الأساسيات وبالتالي تتأثر أكثر بضريبة الاستهلاك (ومنها ضريبة القيمة المضافة) بينما الطبقة الغنية نسبيا أقل إنفاقا وأقل تأثرا، في حين تتأثر الطبقة المتوسطة بشكل كبير، فهي الفئة الأكبر، تنفق نسبة كبيرة من دخلها وتحرك الاقتصاد كما أنها تدخر نسبة لتمول الاستثمار وكذلك تنتج الأفكار للنمو وتؤسس شركات. بعض الضرائب أعظم عدالة بحيث تأخذ من المقتدر أكثر وبعض الضرائب تساوي بين الضعيف والغني، وهي بذلك تكون غير عادلة حتى وإن ادعت المساواة. من الأمور المهمة في قرارات الضرائب تأثيرها في توفر السيولة للاستثمار. لذلك تحرص الحكومات على تقليل تأثير الضرائب في مستوى السيولة وقوة الطلب على السلع والخدمات والنشاط الاقتصادي بشكل عام.
بالنسبة إلينا في البحرين هناك عدد من الضرائب مثل الضريبة الانتقائية على بعض السلع المصنفة على أنها ضارة بالصحة، وضريبة القيمة المضافة التي يتضرر منها ذوو الدخل المحدود بشكل أكبر. لم يتم تطبيق ضريبة الدخل إلى الآن. هذه الضريبة أكثر عدالة كونها تصاعدية مع ارتفاع الدخل، وتقديم إعفاءات لمن يقل دخله عن حد معين.
الضريبة التي يجري الحديث عنها ستكون على الشركات وتطال الشركات الكبرى، وتكون تصاعدية مع إعفاء الشركات التي يقل دخلها عن حد معين. ويرى المتحدثون أن الاعتقاد بتسبب الضرائب في الإضرار بتنافسية البحرين وهروب الشركات يفتقد إلى الصحة، فجميع الشركات تفترض أنها سوف تدفع ضرائب وتُدخله في حساباتها، وهذا نظام معمول به في معظم دول العالم.
فرض الاتحاد الأوروبي ضريبة 15% على الشركات العاملة خارج دول الاتحاد والتي يزيد ايراداتها على 750 مليون يورو (350 مليون دينار تقريبا) للحد من التهرب الضريبي الذي تعمد إليه بعض الشركات. وقَّعت البحرين على هذا الاتفاق في 2021 لكن لم يطبق حتى الآن. بالنسبة إلى البحرين فإن شريحة صغيرة جدا من الشركات سوف تخضع لهذا القانون. بالإضافة إلى أن البحرين غير ملزمة بالحد الأدنى ويمكن أن تفرضه على الشركات التي يقل إيرادها عن هذا الحد لزيادة الوعاء الضريبي.
سوف تطبق الإمارات هذه الاتفاقية في أول يونيو، صنفت لذلك الشركات إلى ثلاث نسب الشركات التي يقل إيرادها عن 375 ألف درهم إماراتي تكون الضريبة صفر في المائة مع التزامها بتقديم بيانات مالية وإقرار ضريبي. بالنسبة إلى الشركات التي يكون دخلها أكثر من 375 ألف درهم إماراتي تخضع لنسبة 9%. بالنسبة إلى الشركات التي تزيد ايراداتها على 3 مليارات درهم إماراتي تكون نسبة الضريبة 15%. بالنسبة إلى السعودية ضريبة الدخل على الشركات 20%، عمان والكويت 15%، وقطر 10%. بالنسبة إلى الإمارات ما قبل هذا القرار كانت نسبة الضرائب على شركات النفط والغاز 35% ، والمصارف الأجنبية ما بين 20 إلى 25% ، تختلف من إمارة الى أخرى. في البحرين واقعيا لا توجد ضريبة دخل على الشركات وإن كان هناك على النفط والغاز.
تم طرح سؤال حول مدى تأثير هذه الضرائب في المستهلك (المواطن) لهذه الخدمات التي تقدمها الشركات. يرى المحاضران أن هذه الضرائب لا تؤثر في المواطن بشكل مباشر كونها تُخصم من الارباح في نهاية السنة وفرصة تمريرها إلى المستهلك قد تكون أصعب. كما أن التنافس في السوق قد يحد من قدرة الشركة على رفع أسعارها تحسبا لدفع الضريبة آخر السنة. وبالتالي فإن تأثر المواطن المباشر، في نظر المحاضر، لن يحدث. بينما هناك فوائد تعود على المواطن جراء الاستفادة من هذه الضرائب في تحسين الخدمات التعليمية والصحية والبنى التحتية والضمان الاجتماعي، فالمتوقع تحصيله من هذه الضرائب يتراوح بين 400 إلى 500 مليون دينار.
drmekuwaiti@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك