العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل تنجح الجهود العربية في الحرب على المخدرات؟

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الأربعاء ٣١ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

تزايدت‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الأخبار‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭ ‬ومروجيها‭ ‬التي‭ ‬تشنها‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وبالأخص‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بقيادة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمير‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬وتنوع‭ ‬أشكال‭ ‬المواجهة‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬أمنية‭ ‬وقانونية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وحتى‭ ‬سياسية‭.‬

ويتفق‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المخدرات‭ ‬إحدى‭ ‬أبشع‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تهدم‭ ‬المجتمعات‭ ‬وتحرق‭ ‬ريعان‭ ‬شبابها،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استهدافها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تنظيمات‭ ‬معادية‭ ‬تتخذ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬سلاحا‭ ‬فتاكا‭ ‬يفتك‭ ‬بالشعوب‭ ‬اقتصادياً‭ ‬وبشرياً‭ ‬يُغنيها‭ ‬عن‭ ‬السلاح‭ ‬التقليدي،‭ ‬والمخدرات‭ ‬هي‭ ‬كل‭ ‬مادة‭ ‬تدخل‭ ‬جسم‭ ‬الإنسان‭ ‬وتتسبب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬وظائفه،‭ ‬ومنه‭ ‬جميع‭ ‬الأدوية‭ ‬والعقاقير‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬الحالة‭ ‬الجسمية‭ ‬والنفسية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬سائلة‭ ‬أو‭ ‬صلبة‭ ‬أو‭ ‬غازية‭ ‬أو‭ ‬الحقن‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها‭. ‬ووقوع‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬براثن‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬يعني‭ ‬انهيار‭ ‬صحته،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لن‭ ‬يقوى‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وتقل‭ ‬إنتاجيته‭ ‬وتسوء‭ ‬أخلاقه‭ ‬ويفقد‭ ‬احترام‭ ‬الآخرين‭ ‬له،‭ ‬فيفقد‭ ‬مصدر‭ ‬رزقه‭ ‬وقد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬دخوله‭ ‬أبوابا‭ ‬أخرى‭ ‬كالقمار‭ ‬وحتى‭ ‬القتل‭ ‬والتورط‭ ‬في‭ ‬انحطاط‭ ‬أخلاقي‭ ‬وديني،‭ ‬ويدخل‭ ‬في‭ ‬نوبات‭ ‬الحزن‭ ‬والإحباط‭ ‬والضياع‭ ‬والتفكير‭ ‬بالانتحار،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬الفرد‭ ‬يشكل‭ ‬أحد‭ ‬أركان‭ ‬المجتمع،‭ ‬فإن‭ ‬فساده‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬البناء‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ومع‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬تزداد‭ ‬قضايا‭ ‬الفساد‭ ‬ويتدنى‭ ‬المستوى‭ ‬الحضاري‭ ‬والعلمي‭ ‬والثقافي‭ ‬للمجتمع‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬تنبهت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬فعملت‭ ‬جاهدة‭ ‬على‭ ‬محاربته‭ ‬وتجفيف‭ ‬منابعه‭ ‬فوضعت‭ ‬كافة‭ ‬امكاناتها‭ ‬للحؤول‭ ‬دون‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعضها‭ ‬يخوض‭ ‬حرباً‭ ‬خارج‭ ‬حدوده‭ ‬الجغرافية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬توريد‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬اللعينة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬شهدناه‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬قيام‭ ‬الطيران‭ ‬الأردني‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ضربة‭ ‬جوية‭ ‬على‭ ‬جنوب‭ ‬سوريا‭ ‬استهدفت‭ ‬مصنعاً‭ ‬للمخدرات‭ ‬وقتلت‭ ‬المدعو‭ ‬مرعي‭ ‬الرمثان‭ ‬المتهم‭ ‬بتنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬شحن‭ ‬كبيرة‭ ‬لمادة‭ ‬الشبو‭ ‬عبر‭ ‬حدود‭ ‬البلدين‭.‬

في‭ ‬العراق‭ ‬وبمشاركة‭ ‬السعودية،‭ ‬مصر،‭ ‬إيران،‭ ‬لبنان،‭ ‬الأردن،‭ ‬الكويت،‭ ‬تركيا،‭ ‬ومجلس‭ ‬وزراء‭ ‬الداخلية‭ ‬العرب،‮ ‬والمكتب‭ ‬العربي‭ ‬لشؤون‭ ‬المخدرات‭ ‬والجريمة‭ ‬ومكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعني‭ ‬بالمخدرات‭ ‬والجريمة،‭ ‬عُقد‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬بغداد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬الأول‭ ‬لمكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬بالتعاون‭ ‬ووحدة‭ ‬الهدف‭ ‬نقضي‭ ‬على‭ ‬المخدرات‮»‬‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬9‭-‬10مايو‭ ‬2023‭ ‬لبحث‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬ظاهرة‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬وترويجها‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وطنية‭ ‬ودولية‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الطلب‭ ‬والعرض‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬لهذه‭ ‬الآفة‭.‬

وفي‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬اتفق‭ ‬المشاركون‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬اتباع‭ ‬منهج‭ ‬تشاركي‭ ‬للتصدي‭ ‬للمخدرات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬والتخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬أجهزة‭ ‬مكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬إقليمياً‭ ‬وعالمياً‭ ‬لملاحقة‭ ‬المتورطين‭ ‬بجرائم‭ ‬الاتجار‭ ‬بالمخدرات‭ ‬وضرب‭ ‬خطوط‭ ‬التهريب‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬وتبادل‭ ‬الزيارات‭ ‬الميدانية‭ ‬لرؤساء‭ ‬أجهزة‭ ‬مكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬مكاتب‭ ‬اتصال‭ ‬وتعيين‭ ‬ضباط‭ ‬ارتباط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإقليمية‭ ‬لتسهيل‭ ‬وتسريع‭ ‬آلية‭ ‬جمع‭ ‬الأدلة‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعصابات‭ ‬الاتجار‭ ‬بالمخدرات‭ ‬الإجرامية‭ ‬وتطوير‭ ‬إجراءات‭ ‬الملاحقة‭ ‬والمواجهة‭ ‬والتنسيق‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التفتيش‭ ‬والتحري‭ ‬عن‭ ‬عمليات‭ ‬التهريب‭ ‬والجرائم‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬فرض‭ ‬رقابة‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬وتصدير‭ ‬وبيع‭ ‬السلائف‭ ‬والكيمياويات‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬المخدرات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬والإقليمي‭ ‬وتعقب‭ ‬الأشخاص‭ ‬المتورطين‭ ‬في‭ ‬تسريب‭ ‬هذه‭ ‬السلائف‭ ‬وصنعها‭ ‬وملاحقتهم‭ ‬قضائياً‭ ‬لينالوا‭ ‬جزاءهم‭ ‬العادل‭. ‬وفي‭ ‬خط‭ ‬موازٍ‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬وحملات‭ ‬إعلامية‭ ‬هادفة،‭ ‬واستثمار‭ ‬وفرة‭ ‬القنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التوعية‭ ‬الإعلامية‭ ‬ومشاركة‭ ‬مشاهير‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬الرسالة‭ ‬الإعلامية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مكافحة‭ ‬المخدرات‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬انتشارها‭ ‬وتعاطيها،‭ ‬ولعلي‭ ‬اركز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية‭ ‬المهمة‭ ‬المتعلقة‭ ‬بدور‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الترويج‭ ‬لهذه‭ ‬السموم‭ ‬القاتلة،‭ ‬فهل‭ ‬تفلح‭ ‬الجهود‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار بها؟‭!‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا