العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

صراع الأقطاب على قمة النظام العالمي.. إلى أين؟

بقلم: سنية الحسيني {

السبت ٢٧ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬خضم‭ ‬صراع‭ ‬محتدم‭ ‬ومتصاعد‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬جاءت‭ ‬القمة‭ ‬الصينية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬لتؤكد‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬التفاهمات‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬سياسة‭ ‬التقويض‭ ‬الأمريكي‭ ‬للبلدين،‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬حدة‭ ‬الاحتقان‭ ‬والمواجهة‭ ‬بين‭ ‬الأقطاب‭. ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬انشغال‭ ‬روسيا‭ ‬بحرب‭ ‬مع‭ ‬الغرب،‭ ‬فجرتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وانغمست‭ ‬في‭ ‬تفاصيلها‭ ‬روسيا‭ ‬والقارة‭ ‬العجوز،‭ ‬ودفع‭ ‬فيها‭ ‬الثمن‭ ‬الأكبر‭ ‬الأوكرانيون،‭ ‬تستكمل‭ ‬أمريكا‭ ‬مساعيها‭ ‬لمحاصرة‭ ‬الصين‭ ‬واحتواء‭ ‬صعودها‭ ‬إلى‭ ‬صدارة‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي‭.‬

وتبدو‭ ‬المساعي‭ ‬الأمريكية‭ ‬معهودة‭ ‬ومعلنة‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬خصوصاً‭ ‬منذ‭ ‬إعلان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحول‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الخارجية‭ ‬نحو‭ ‬آسيا‭ ‬لمواجهة‭ ‬الصعود‭ ‬الصيني،‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الجديد‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الصيني،‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬التحدي‭ ‬رسميا،‭ ‬فإلى‭ ‬أين‭ ‬ستصل‭ ‬المواجهة‭ ‬بين‭ ‬القطبين‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يبدو‭ ‬فيه‭ ‬الصراع‭ ‬سيد‭ ‬الموقف؟

في‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أكدت‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬فايننشال‭ ‬تايمز‮»‬‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لها،‭ ‬دمج‭ ‬هياكل‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬واليابانية‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬آسيا،‭ ‬استعداداً‭ ‬لصراع‭ ‬محتمل‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬وأكد‭ ‬قائد‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬التقرير،‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬وحلفاءها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬يقومون‭ ‬بمحاكاة‭ ‬الأسس‭ ‬التي‭ ‬مكنت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬لتجهيز‭ ‬مسرح‭ ‬الأحداث،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬و2015،‭ ‬وذلك‭ ‬بالاستعداد‭ ‬لسيناريوهات‭ ‬مشابهة‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬آسيا،‭ ‬كاستعادة‭ ‬الصين‭ ‬لتايوان‭. ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬ذكره‭ ‬أن‭ ‬اليابان‭ ‬أجرت‭ ‬مؤخراً‭ ‬مراجعة‭ ‬جذرية‭ ‬لسياساتها‭ ‬الدفاعية‭ ‬معتبرة‭ ‬أن‭ ‬النفوذ‭ ‬العسكري‭ ‬الصيني‭ ‬يشكل‭ ‬تحدياً‭ ‬استراتيجياً‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لأمنها‭. ‬ويعد‭ ‬هذا‭ ‬تطوراً‭ ‬مهماً‭ ‬ومتسارعاً‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العدائية‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬واشتدت‭ ‬ضراوتها‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭. ‬ومروراً‭ ‬بتطور‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬ووصف‭ ‬أوباما‭ ‬الصين‭ ‬بأنها‭ ‬مهدد‭ ‬للأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬بينما‭ ‬اعتبر‭ ‬ترامب‭ ‬أنها‭ ‬ترفض‭ ‬الوضع‭ ‬الدولي‭ ‬القائم‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تغييره،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬صنفها‭ ‬بايدن‭ ‬بالتهديد‭ ‬الأكبر،‭ ‬والتحدي‭ ‬المتسارع،‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬محاربته‭.‬

وأكد‭ ‬البنتاجون‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬تطورات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تشكل‭ ‬التحدي‭ ‬الأول‭ ‬لأمريكا،‭ ‬لذلك‭ ‬سيواصل‭ ‬القيام‭ ‬بدوره‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهادي‭ ‬والهندي،‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذا‭ ‬التحدي‭.‬

وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين‭ ‬عملياً،‭ ‬نسجت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تحالفات‭ ‬عسكرية‭ ‬واقتصادية‭ ‬لتحدي‭ ‬الصين‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الآسيوية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬خلال‭ ‬الأعوام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭. ‬فأعادت‭ ‬إحياء‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬كواد‮»‬‭ ‬العسكري‭ ‬الرباعي‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬بالإضافة‭ ‬إليها‭ ‬أستراليا‭ ‬واليابان‭ ‬والهند،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬إثر‭ ‬تأجج‭ ‬الخلاف‭ ‬الحدودي‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭. ‬كما‭ ‬شكلت‭ ‬تحالف‭ ‬أوكوس‭ ‬الثلاثي،‭ ‬الذي‭ ‬ضم‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬بريطانيا‭ ‬وأستراليا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬والذي‭ ‬زودت‭ ‬على‭ ‬أثره‭ ‬أستراليا،‭ ‬التي‭ ‬تعقدت‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بأسطول‭ ‬من‭ ‬الغواصات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقة‭ ‬النووية،‭ ‬والذي‭ ‬أثار‭ ‬جدلاً‭ ‬كبيراً‭. ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مشروعا‭ ‬للتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الحلفاء‭ ‬في‭ ‬قارة‭ ‬آسيا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬عسكرية،‭ ‬والذي‭ ‬أعلن‭ ‬عنه‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬وضم‭ ‬13‭ ‬بلداً‭ ‬آسيوياً،‭ ‬منها‭ ‬الهند‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬واليابان‭ ‬وأستراليا،‭ ‬ضمن‭ ‬‮«‬الإطار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للازدهار‮»‬‭.‬

بعد‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬مما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬فايننشال‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬نشرت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬شباط‭ ‬الماضي‭ ‬وثائق‭ ‬استراتيجية‭ ‬مهمة‭ ‬تعكس‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومخاطرها،‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬خطير،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تلجأ‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬تحديد‭ ‬موقفها‭ ‬صراحة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تطورات‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬العلني‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬لها‭ ‬مخرجاً‭.‬

تزداد‭ ‬خطورة‭ ‬تلك‭ ‬الوثائق‭ ‬عندما‭ ‬تقترن‭ ‬بزيادة‭ ‬الصين‭ ‬لإنفاقها‭ ‬العسكري‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الأخيرين‭. ‬وساهمت‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينج‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬رئيساً‭ ‬للمرة‭ ‬الثالثة‭ ‬في‭ ‬حسم‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الصينية‭ ‬تجاه‭ ‬أمريكا‭ ‬صراحة،‭ ‬حيث‭ ‬ركز‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬انتخابه‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬إعادة‭ ‬هيمنة‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬آسيا،‭ ‬وفرض‭ ‬وجهة‭ ‬نظرها‭ ‬على‭ ‬الأنداد‭. ‬لم‭ ‬تتحدث‭ ‬الصين‭ ‬عن‭ ‬الهيمنة‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬وطالما‭ ‬انتقدت‭ ‬الهيمنة‭ ‬الأمريكية‭. ‬تبنت‭ ‬الصين‭ ‬خلال‭ ‬الثمانينيات‭ ‬والتسعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬سياسة‭ ‬بناء‭ ‬أو‭ ‬تطوير‭ ‬الذات،‭ ‬ضمن‭ ‬المنظومة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الغربية‭ ‬مقرونة‭ ‬بحضور‭ ‬محسوب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬ذلك‭ ‬العقد‭ ‬بدأت‭ ‬تجني‭ ‬الصين‭ ‬نتائج‭ ‬سياستها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظهور‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬الذي‭ ‬منحها‭ ‬ثقة‭ ‬أكبر‭ ‬بالنفس‭ ‬لخوض‭ ‬غمار‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬أكثر‭ ‬جرأه،‭ ‬فتصاعد‭ ‬حضورها‭ ‬دولياً،‭ ‬لكن‭ ‬بشكل‭ ‬سلمي،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭.‬

عند‭ ‬وصول‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬قامت‭ ‬توجهاته‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬لمركزية‭ ‬الصين‭ ‬عالمياً،‭ ‬فأعلن‭ ‬إحياء‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬طريق‭ ‬الحرير‮»‬،‭ ‬وتوجه‭ ‬إلى‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬جريئة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬أطراف‭ ‬العالم‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سياسته‭ ‬تجاه‭ ‬آسيا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬قامت‭ ‬على‭ ‬تبني‭ ‬مبدأ‭ ‬تحمل‭ ‬دول‭ ‬القارة‭ ‬مسؤولية‭ ‬إدارة‭ ‬شؤونها،‭ ‬في‭ ‬إيماءة‭ ‬لرفض‭ ‬الصين‭ ‬تدخلات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فيها‭. ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ومبالغة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬معاداة‭ ‬الصين،‭ ‬توجهت‭ ‬سياسة‭ ‬بكين‭ ‬الخارجية‭ ‬للمواجهة،‭ ‬والتي‭ ‬انعكست‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬خارجيتها‭.‬

قبل‭ ‬أيام‭ ‬عقدت‭ ‬قمة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬ضمت‭ ‬الدول‭ ‬الخمس‭ ‬لآسيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬منذ‭ ‬نشأة‭ ‬العلاقات‭ ‬بينها‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭. ‬وكانت‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬شيان‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬شمال‭ ‬الصين،‭ ‬وتعتبر‭ ‬الطرف‭ ‬الشرقي‭ ‬التاريخي‭ ‬لطريق‭ ‬الحرير،‭ ‬بما‭ ‬يرسل‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬المعنى‭. ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬نية‭ ‬بلاده‭ ‬تعزيز‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التجارية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬معتبراً‭ ‬أنها‭ ‬ترسم‭ ‬لحقبة‭ ‬علاقات‭ ‬جديدة‭. ‬وتم‭ ‬البحث‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬مشروع‭ ‬توسيع‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬بين‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬والصين،‭ ‬وخط‭ ‬سكة‭ ‬حديد‭ ‬يربط‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وقرغيزستان‭ ‬وأوزبكستان‭. ‬وسجل‭ ‬النمو‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والدول‭ ‬الخمس‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬قدر‭ ‬بـ‭ ‬22‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬خلال‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الماضي‭. ‬وتجرأت‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬غير‭ ‬معهودة‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬باتجاه‭ ‬الصين،‭ ‬فأعربت‭ ‬كازاخستان‭ ‬عن‭ ‬استعدادها‭ ‬لإيجاد‭ ‬بدائل‭ ‬للطريق‭ ‬التقليدي‭ ‬لتصدير‭ ‬النفط،‭ ‬والذي‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬ميناء‭ ‬نوفوروسيسك‭ ‬الروسي،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حصار‭ ‬الغرب‭ ‬لروسيا‭.‬

لقد‭ ‬فتح‭ ‬النقاش‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬حول‭ ‬إنشاء‭ ‬خط‭ ‬للسكك‭ ‬الحديدية‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وقرغيزستان‭ ‬وأوزباكستان،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬مطروحاً‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬رغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكلفته،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعوبة‭ ‬النقل‭ ‬التجاري‭ ‬البري‭ ‬عبر‭ ‬القطارات‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬بعد‭ ‬تغير‭ ‬الظروف‭ ‬بحصار‭ ‬روسيا‭. ‬وتدين‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬للصين‭ ‬بمليارات‭ ‬الدولارات،‭ ‬التي‭ ‬تنفقها‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬مشاريع‭ ‬تجارية‭ ‬وتنموية‭ ‬فيها،‭ ‬فتركز‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬عبر‭ ‬المشاريع‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الدول‭ ‬الداخلية،‭ ‬وانتهاج‭ ‬السبل‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬تدخلها‭ ‬أكثر‭ ‬قبولاً‭ ‬مقارنة‭ ‬بدول‭ ‬أخرى‭. ‬وتعتبر‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭ ‬أساسية‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حاجتها‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬عبرها،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬ثاني‭ ‬مستهلك‭ ‬لمنتجات‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وتفتقدها،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تحقيق‭ ‬مشروعها‭ ‬‮«‬الحزام‭ ‬والطريق‮»‬،‭ ‬إذ‭ ‬يشكل‭ ‬موقع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الخمس‭ ‬محطة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬حدوث‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬وبهذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والدول‭ ‬الخمس‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لمكانتها‭ ‬لدى‭ ‬روسيا،‭ ‬التي‭ ‬تعتبرها‭ ‬حديقتها‭ ‬الخلفية‭. ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬سمحت‭ ‬لهذا‭ ‬التمدد‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬حديقتها‭ ‬الخلفية‭ ‬نتيجة‭ ‬عدم‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬خسارة‭ ‬الصين‭ ‬الحليف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬العسيرة،‭ ‬أم‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬تمانع‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬للصين‭ ‬بالحضور‭ ‬لمنع‭ ‬تمدد‭ ‬أمريكا‭ ‬فيها،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬محاولات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لاستعادة‭ ‬الثقة‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬مؤخراً،‭ ‬والتي‭ ‬انعكست‭ ‬في‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬للمنطقة‭ ‬مؤخراً،‭ ‬فتبدو‭ ‬النتيجة‭ ‬واحدة،‭ ‬وهو‭ ‬توسع‭ ‬الوجود‭ ‬الصيني‭ ‬فيها‭.‬

من‭ ‬المعطيات‭ ‬السابقة‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬السياسية‭ ‬وحدود‭ ‬التنافس‭ ‬أو‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والصين‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأفريقيا‭. ‬وتهتم‭ ‬أمريكا‭ ‬بإثارة‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى،‭ ‬والمعطلة‭ ‬لأي‭ ‬مشاريع‭ ‬روسية‭ ‬أو‭ ‬صينية،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬دون‭ ‬إرساء‭ ‬لأي‭ ‬أسس‭ ‬للاستقرار‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مخططات‭ ‬بث‭ ‬تلك‭ ‬الفوضى‭. ‬

كما‭ ‬يعد‭ ‬اهتمام‭ ‬أمريكا‭ ‬بـتايوان‭ ‬ودفاعها‭ ‬عنها‭ ‬سياسياً،‭ ‬والكشف‭ ‬مؤخراً‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬عسكري‭ ‬لقواتها‭ ‬في‭ ‬الجزيرة‭ ‬لتدريب‭ ‬الجيش‭ ‬التايواني‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬محتمل،‭ ‬موقفا‭ ‬غير‭ ‬بريء،‭ ‬خصوصاً‭ ‬مع‭ ‬إدراك‭ ‬أهمية‭ ‬تايوان‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭. ‬فيتعلق‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬وأمريكا‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي،‭ ‬بمضيق‭ ‬تايوان،‭ ‬الذي‭ ‬يفصل‭ ‬بين‭ ‬تايوان‭ ‬والصين،‭ ‬ويربط‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬بالمحيط‭ ‬الهادي،‭ ‬ويعتبر‭ ‬أحد‭ ‬نقاط‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي،‭ ‬الذي‭ ‬يقع‭ ‬ضمن‭ ‬نطاق‭ ‬الصين،‭ ‬ويمر‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬ثلث‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لاهتمامها‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلنت‭ ‬تحول‭ ‬اهتمامها‭ ‬عنها‭ ‬باتجاه‭ ‬آسيا،‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬التغلغل‭ ‬الصيني‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المنطقة،‭ ‬فهو‭ ‬تحول‭ ‬لمجابهة‭ ‬الصين‭ ‬ونفوذها،‭ ‬ومحاولة‭ ‬الاحتواء،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتكرر‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحديث‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بالقارة‭ ‬السمراء،‭ ‬وقبلها‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭.‬

 

{‭ ‬كاتبة‭ ‬وباحثة‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا