من المؤكد أن الحروب مهما طال نفقها المظلم فإن نهايتها محتومة هكذا يقول التاريخ القديم والحديث والمعاصر وهذا ما يدفعنا إلى الحديث عن نهاية نفق الحرب الروسية الأوكرانية الجارية حاليا والتي مضى عليها حوال عام ونصف العام والتي أثقلت كاهل البلدين بل وكاهل العالم قاطبة لما ترتب عليها من نتائج كارثية على الاقتصاد العالمي وبدأت الدول الغربية بوجه خاص تستشعر آثارها المدمرة عليها فهذه الحرب يتوقع الجميع بأنها ستنتهي خلال أشهر قليلة لأنها تقترب الآن من دخول مرحلة متقدمة زمنيا لم يتوقعها أحد مع أن المفاوضات السلمية قد بدأت في وقت مبكر من عمر هذه الحرب في بيلاروسيا في البداية وفي تركيا في المرحلة الثانية وكادت تلك المفاوضات أن تصل إلى حلول وسطى تراعي مصلحة الطرفين الروسي والأوكراني إلا أن الضغوط الأمريكية منعت من الوصول إلى اتفاق سلام يبدأ بوقف إطلاق النار والعودة إلى اتفاق مينسك 2014 و2015 والنظر إلى وضع حلول مقبولة ومرحلية يمكن أن تخرج منها روسيا الاتحادية وقد حققت أهم أهدافها وتخرج منها أوكرانيا بأقل التكاليف والخسائر.
ولعل التدخل الأمريكي بوجه خاص والدول الغربية بوجه عام هو من تسبب في إطالة عمر هذه الحرب وتكبيد الطرفين المزيد من الخسائر البشرية والدمار في البنية التحتية السكانية فهنالك مدن بالكامل قد دمرت مرافقها والحياة أصبحت مستحيلة كل ذلك ليس بمهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية وليس بمهم بتاتا مئات الآلاف من القتلى والخسائر الاقتصادية الهائلة لأن الغرب أراد استخدام الأراضي الأوكرانية ساحة لتصفية الحساب مع روسيا الاتحادية ومحاولة إلحاق الهزيمة بها.
وبالعودة إلى أسباب هذه الحرب التي من الواضح أن روسيا قد اضطرت إلى الدخول فيها هو فشل اتفاقيتي مينسك 1 و2 وعدم التزام الجانب الأوكراني بما جاء فيهما وعدم التزام الدول الغربية الضامنة كفرنسا وألمانيا بما تم الاتفاق عليه وخاصة فيما يتعلق بضمان سلامة وحقوق السكان الروس في منطقة الدونباس، حيث انقلبت السلطة الأوكرانية الجديدة والتي انقلبت على السلطة الشرعية المنتخبة على تلك الاتفاقيات ما جعل روسيا في موقف حرج تجاه السكان الروس الذين كانوا يتعرضون للإبادة المؤكدة خاصة مع نمو القوات الفاشية النازية والمليشيات التي لا تخفي عداءها لروسيا وللشعب الروسي بأكمله.
كما أن الدول الغربية بمن في ذلك الدول الضامنة لاتفاقيتي مينسك 1و2 لم تراعِ ولم تهتم مطلقا بالمصالح الأمنية الروسية وبالمخاوف الروسية فيما يتعلق بحيادية أوكرانيا وعدم دخولها إلى حلف الناتو وفيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا وفيما يتعلق بعدم تهديد الأمن الروسي على أرض أوكرانيا حيث جاء الغرب بالقيادة الحالية التي أوصلها إلى الحكم ومن خلالها بدأ يمرر خططه لإلحاق الضرر بروسيا الاتحادية.
إن هذه المعركة العسكرية الكبيرة التي تضررت منها أوكرانيا بشكل فادح كما تضررت منها روسيا ولو بشكل أقل قد وصلت اليوم إلى مفترق طرق:
إما التحول إلى حرب شاملة لآن روسيا تعتبر أن الحرب الحالية مجرد عملية عسكرية خاصة وإذا ما استمر الضغط الغربي على روسيا وتدفق الأسلحة متوسطة وبعيدة المدى إلى أوكرانيا فقد تجد روسيا نفسها مضطرة إلى حرب شاملة قد تنتهي باستخدام الأسلحة النووية إذا ما شعرت روسيا بأن وجودها مهددا وهذا ما أعلنه أكثر من مسؤول روسي وفي أكثر من مناسبة.
وإما أن تستوعب القيادة الأوكرانية والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أن روسيا الاتحادية لا يمكن أن تنهزم في هذه الحرب وإنه لا حل إلا بوقف هذه الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات خاصة وإن هذه الحرب المستمرة حتى الآن قد كبدت الطرفين خسائر كبيرة كما أسلفنا ولأنها ليست مجرد شأن إقليمي يهم بلدين فقط فلا بد من تدخل عقلاء العالم لوضع حد للحرب والخروج من نفق الظلمات إلى نفق النور خصوصا وإن الفترة الأخيرة قد شهدت عديدا من التصريحات العاقلة من كل الأطراف عن إمكانية التوجه نحو تسوية الأزمة بالتفاوض وخصوصا الطرف الروسي في أكثر من مناسبة عبر عن استعداده للاتفاق مع جميع الأطراف الداخلة في النزاع الأوكراني عن حلول معقولة إلا أن الأطراف وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تعتقد بإمكانية إلحاق الهزيمة بروسيا الاتحادية وهذا وهم ما بعده وهم فلدى روسيا من الأسلحة ما يكفي للدفاع عن أمنها ومصالحها وحماية مواطنيها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك