العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل من نهاية لنفق الحرب الروسية الأوكرانية؟

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ٢٦ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الحروب‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬نفقها‭ ‬المظلم‭ ‬فإن‭ ‬نهايتها‭ ‬محتومة‭ ‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬التاريخ‭ ‬القديم‭ ‬والحديث‭ ‬والمعاصر‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬نهاية‭ ‬نفق‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الجارية‭ ‬حاليا‭ ‬والتي‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬حوال‭ ‬عام‭ ‬ونصف‭ ‬العام‭ ‬والتي‭ ‬أثقلت‭ ‬كاهل‭ ‬البلدين‭ ‬بل‭ ‬وكاهل‭ ‬العالم‭ ‬قاطبة‭ ‬لما‭ ‬ترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬كارثية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وبدأت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬تستشعر‭ ‬آثارها‭ ‬المدمرة‭ ‬عليها‭ ‬فهذه‭ ‬الحرب‭ ‬يتوقع‭ ‬الجميع‭ ‬بأنها‭ ‬ستنتهي‭ ‬خلال‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬لأنها‭ ‬تقترب‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬مرحلة‭ ‬متقدمة‭ ‬زمنيا‭ ‬لم‭ ‬يتوقعها‭ ‬أحد‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬السلمية‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬بيلاروسيا‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬وفي‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬وكادت‭ ‬تلك‭ ‬المفاوضات‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬وسطى‭ ‬تراعي‭ ‬مصلحة‭ ‬الطرفين‭ ‬الروسي‭ ‬والأوكراني‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الضغوط‭ ‬الأمريكية‭ ‬منعت‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬سلام‭ ‬يبدأ‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مينسك‭ ‬2014‭ ‬و2015‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬حلول‭ ‬مقبولة‭ ‬ومرحلية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬منها‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وقد‭ ‬حققت‭ ‬أهم‭ ‬أهدافها‭ ‬وتخرج‭ ‬منها‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بأقل‭ ‬التكاليف‭ ‬والخسائر‭.‬

ولعل‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬إطالة‭ ‬عمر‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وتكبيد‭ ‬الطرفين‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬والدمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السكانية‭ ‬فهنالك‭ ‬مدن‭ ‬بالكامل‭ ‬قد‭ ‬دمرت‭ ‬مرافقها‭ ‬والحياة‭ ‬أصبحت‭ ‬مستحيلة‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ليس‭ ‬بمهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬وليس‭ ‬بمهم‭ ‬بتاتا‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ ‬والخسائر‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الهائلة‭ ‬لأن‭ ‬الغرب‭ ‬أراد‭ ‬استخدام‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ساحة‭ ‬لتصفية‭ ‬الحساب‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ومحاولة‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بها‭.‬

وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬اضطرت‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬فيها‭ ‬هو‭ ‬فشل‭ ‬اتفاقيتي‭ ‬مينسك‭ ‬1‭ ‬و2‭ ‬وعدم‭ ‬التزام‭ ‬الجانب‭ ‬الأوكراني‭ ‬بما‭ ‬جاء‭ ‬فيهما‭ ‬وعدم‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الضامنة‭ ‬كفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬بما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬وخاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بضمان‭ ‬سلامة‭ ‬وحقوق‭ ‬السكان‭ ‬الروس‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الدونباس،‭ ‬حيث‭ ‬انقلبت‭ ‬السلطة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الجديدة‭ ‬والتي‭ ‬انقلبت‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬الشرعية‭ ‬المنتخبة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬حرج‭ ‬تجاه‭ ‬السكان‭ ‬الروس‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتعرضون‭ ‬للإبادة‭ ‬المؤكدة‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬نمو‭ ‬القوات‭ ‬الفاشية‭ ‬النازية‭ ‬والمليشيات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخفي‭ ‬عداءها‭ ‬لروسيا‭ ‬وللشعب‭ ‬الروسي‭ ‬بأكمله‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بمن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدول‭ ‬الضامنة‭ ‬لاتفاقيتي‭ ‬مينسك‭ ‬1و2‭ ‬لم‭ ‬تراعِ‭ ‬ولم‭ ‬تهتم‭ ‬مطلقا‭ ‬بالمصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬الروسية‭ ‬وبالمخاوف‭ ‬الروسية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحيادية‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وعدم‭ ‬دخولها‭ ‬إلى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بعدم‭ ‬تهديد‭ ‬الأمن‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬الغرب‭ ‬بالقيادة‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬أوصلها‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬ومن‭ ‬خلالها‭ ‬بدأ‭ ‬يمرر‭ ‬خططه‭ ‬لإلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬المعركة‭ ‬العسكرية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تضررت‭ ‬منها‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بشكل‭ ‬فادح‭ ‬كما‭ ‬تضررت‭ ‬منها‭ ‬روسيا‭ ‬ولو‭ ‬بشكل‭ ‬أقل‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭:‬

إما‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬لآن‭ ‬روسيا‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬مجرد‭ ‬عملية‭ ‬عسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬استمر‭ ‬الضغط‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وتدفق‭ ‬الأسلحة‭ ‬متوسطة‭ ‬وبعيدة‭ ‬المدى‭ ‬إلى‭ ‬أوكرانيا‭ ‬فقد‭ ‬تجد‭ ‬روسيا‭ ‬نفسها‭ ‬مضطرة‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬شاملة‭ ‬قد‭ ‬تنتهي‭ ‬باستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬شعرت‭ ‬روسيا‭ ‬بأن‭ ‬وجودها‭ ‬مهددا‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬روسي‭ ‬وفي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭.‬

وإما‭ ‬أن‭ ‬تستوعب‭ ‬القيادة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنهزم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬وإنه‭ ‬لا‭ ‬حل‭ ‬إلا‭ ‬بوقف‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬والجلوس‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬خاصة‭ ‬وإن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المستمرة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬قد‭ ‬كبدت‭ ‬الطرفين‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬ولأنها‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬شأن‭ ‬إقليمي‭ ‬يهم‭ ‬بلدين‭ ‬فقط‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬عقلاء‭ ‬العالم‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للحرب‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬نفق‭ ‬الظلمات‭ ‬إلى‭ ‬نفق‭ ‬النور‭ ‬خصوصا‭ ‬وإن‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬قد‭ ‬شهدت‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬العاقلة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأطراف‭ ‬عن‭ ‬إمكانية‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬تسوية‭ ‬الأزمة‭ ‬بالتفاوض‭ ‬وخصوصا‭ ‬الطرف‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬استعداده‭ ‬للاتفاق‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬الداخلة‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬الأوكراني‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬معقولة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأطراف‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعتقد‭ ‬بإمكانية‭ ‬إلحاق‭ ‬الهزيمة‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وهذا‭ ‬وهم‭ ‬ما‭ ‬بعده‭ ‬وهم‭ ‬فلدى‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمنها‭ ‬ومصالحها‭ ‬وحماية‭ ‬مواطنيها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا