كشفت الزيارات التي قام بها قادة سياسيون أمريكيون بارزون إلى إسرائيل في يوم 3 أبريل الكثير عن تطور العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. فقد زار زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز إسرائيل على رأس وفد من 11 عضوًا ديمقراطيًا في الكونجرس الأمريكي.
كذلك، قاد الحاكم الجمهوري لولاية فلوريدا رون ديسانتيس وفداً في جولة شملت أربع دول للترويج للأعمال التجارية في فلوريدا، كما قام رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي أيضا بزيارة إسرائيل بدوره.
لم ينخدع أحد بالغرض المعلن من زيارة رون ديسانتيس. فقد كان في الحقيقة يريد أن يختبر الاتجاهات الراهنة استعدادا لتحدي دونالد ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2024. لقد تم النظر إلى زيارته تلك من خلال تلك العدسة.
بعد وقت قصير من وصوله، وقع رون ديسانتيس على مشروع قانون لمكافحة جرائم الكراهية أقره المجلس التشريعي في ولاية فلوريدا. في حين أن مشروع القانون يفرض عقوبات على مضايقة الأفراد بسبب دينهم أو عرقهم فقد أوضح رون ديسانتيس في تعليقاته العامة أن معاداة السامية، في رأيه، تشمل انتقاد إسرائيل ودعم حملة مقاطعة إسرائيل.
في تصريحاته التي أدلى بها، كان رون ديسانتيس حريصًا على تأييد سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب تجاه إسرائيل - أي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؛ إنهاء الاتفاق النووي الإيراني، والترويج للاتفاقيات الإبراهيمية، كما انتقد رون ديسانتيس الرئيس بايدن «لتدخله في الشؤون الداخلية لإسرائيل» من خلال تحذير الحكومة الإسرائيلية الحالية لإعادة التفكير في «الإصلاح القضائي» الراديكالي.
التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع رون ديسانتيس لكنه أبقى الأمر هادئًا ومن دون تعليق رسمي - على الأرجح لتجنب إثارة رد فعل من ترامب.
شهدت الفترة التي قضاها رئيس مجلس النواب مكارثي في إسرائيل جوانب بروتوكولية بما في ذلك خطاب في الكنيست وجلسة مع رئيس الوزراء، كما أيد مكارثي أجندة ترامب في الشرق الأوسط واتبع النص البالي المتمثل في «الدعم الثابت»، والمساعدات العسكرية، والهجمات على إيران.
على عكس رون ديسانتيس، تم تجاهل مكارثي إلى حد كبير من قبل الصحافة، ولم يصدر إلا أخبارًا من خلال دعوة نتنياهو إلى واشنطن، وهو ما يمثل انتقادا واضحا لفشل الرئيس بايدن في القيام بذلك. ستكون هذه هي المرة الثالثة التي يدعو فيها رئيس مجلس النواب الجمهوري نتنياهو لإلقاء كلمة في الكونجرس من أجل مهاجمة رئيس ديمقراطي أمريكي أثناء فترته.
كانت الزيارة الأقل إثارة للاهتمام هي تلك التي أداها زعيم الأقلية جيفريز والوفد المرافق له. فقد عقدت نفس الاجتماعات وأثيرت نفس نقاط الحوار، لكنها اختلفت فيما يتعلق بمسألة «إثارة المخاوف بشأن الإصلاحات القضائية المقترحة التي احتج عليها مئات الآلاف في الشوارع». لم يكن ذلك كافيا من أجل تصدر العناوين الصحفية.
من الواضح أن إسرائيل تظل قضية مركزية في السياسة الأمريكية، لكن دورها تغير بشكل أساسي، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن الديمقراطيين يفضلون الآن الفلسطينيين على الإسرائيليين بهامش 49% -38% وأن اليهود الأمريكيين، التي تعد الغالبية العظمى منهم من الديمقراطيين، ينفرون بشكل متزايد من سياسات حكومة بنيامين نتنياهو.
لذا، فإن أهداف زيارات رون ديسانتيس ومكارثي لم تكن تستهدف في الحقيقة الناخبين اليهود، بقدر ما كانت تستهدف الناخبين من الإنجيليين المسيحيين اليمينيين الموالين لإسرائيل (40% من أصوات الجمهوريين).
نذكر أنه قبل عامين نصح السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة رون ديرمر إسرائيل بعدم الاعتماد على دعم اليهود الأمريكيين، لأن عددهم ضئيل للغاية كما أنهم منقسمون بشدة بشأن إسرائيل. وبدلاً من ذلك، قال، إن أقوى مؤيدي إسرائيل هم المسيحيون اليمينيون، الذين هم أكبر عددًا ومخلصون بشدة لإسرائيل.
يمثل المسيحيون اليمينيون هذه القاعدة الصلبة المتينة وذات الدوافع الدينية هي أيضًا من مؤيدي ترامب - ما دفع رون ديسانتيس ومكارثي إلى تأييد أجندة الرئيس السابق على مضض.
كان الغرض من زيارة جيفريز أكثر تعقيدًا. فقد تعهد بالتزامه بدعم الحزبين لإسرائيل - أي إبقاء أعضاء الكونجرس الديمقراطيين في نفس الصف، ولكن مع تحرك القاعدة التقدمية للحزب الديمقراطي في اتجاه مختلف، فإن مساعيه قد باءت بالفشل بسبب الانتقادات الموجهة إلى السياسات الإسرائيلية.
إذا كانت الغالبية العظمى من اليهود الأمريكيين ستصوت للديمقراطيين ولم تكن مرتبطة بإسرائيل، فما هو هدف جيفريز؟ صدر مؤخرا مقال في مجلة «التيارات اليهودية» مقال تضمن إجابة أحد عملاء الحزب الديمقراطي اليهودي في نيويورك حيث قال: «أنت في حاجة إلى كثير من المال للبقاء في السلطة» و«جيفريز يريد أن يقدم أوراق اعتماده مع اليهود وإسرائيل، وخاصة المانحين الذين لا غنى عنهم».
أنفقت لجان العمل السياسي المؤيدة لإسرائيل ومجموعات «الأموال المظلمة» عشرات الملايين في الدورات الانتخابية الأخيرة ولا يريد جيفريز المخاطرة بفقدان دعمهم، لأن ذلك سيقضي على كل طموحاته السياسية والانتخابية.
تعكس الزيارات الثلاث الأخيرة لإسرائيل الديناميكية المتغيرة في السياسة الأمريكية والنقاش السياسي. هناك انقسام حزبي عميق حول قضية إسرائيل. فالجمهوريون يظلون على رأي واحد، حيث يسيطر ترامب وناخبوه المحافظون دينيا المؤيدون لإسرائيل.
أما القادة الديمقراطيون فهم يتأرجحون ما بين بين مغازلة كبار المانحين المؤيدين لإسرائيل ومناشدة ناخبيهم الأكثر تقدمية. على الرغم من تعهد جيفريز بدعم الحزبين لإسرائيل، فإن التوترات داخل الحزب الديمقراطي / الجمهوري والديمقراطي تظل تتصاعد وتتعمق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك