انتهت الجولة الأولى من الانتخابات التركية بعدم تمكن أي مرشح من المرشحين في تحقيق النسبة المطلوبة للفوز بالرئاسة وهي أكثر من 50% وإن كان الرئيس الحالي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان مرشح حزب العدالة والتنمية قد حصل على المركز الأول بنسبة كبيرة قاربت 50% اي 49.51% في حين لم يتجاوز مرشح المعارضة ومنافس أردوغان الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو نسبة 44.88% بالرغم من كل التحالفات التي ضمت أحزابا تركية معارضة من القوى التي تسعى إلى الوصول إلى السلطة وحكم البلاد لتغيير وجه تركيا سياسيا واقتصاديا بما في ذلك السياسة الخارجية.
وقادت هذه النتيجة غير الحاسمة إلى الجولة الثانية لهذه الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن تحسم في يوم الثامن والعشرين من مايو الجاري ولا ندري ما ستكون عليه النتيجة لأسباب عديدة أهمها نتيجة تغيير التحالفات الداخلية والحزبية والمناطقية وإن كان الرئيس الحالي أردوغان هو الأوفر حظا بحسب التوقعات الإعلامية في الداخل والخارج.
إن هذه الانتخابات ونتائجها النهائية سوف يكون لها أثر حاسم قد يغير من وجه تركيا وسياستها وتحالفاتها في هذه المرحلة التاريخية الحرجة ويمكننا هنا أن نرصد ثلاثة جوانب مهمة يدور حولها تداعيات نتائج الانتخابات بوجه خاص:
أولا: على صعيد التوجهات الاقتصادية فمن المحتمل إذا فاز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان أن يجني المزيد من المكاسب الاقتصادية والتجارية خاصة في علاقته بروسيا الاتحادية من ناحية والدول العربية من ناحية ثانية لصالح تعزيز وضع تركيا وميزانها التجاري وتحويلها إلى مركز رئيسي عالمي لتوزيع الطاقة بعد الاتفاق مع روسيا الاتحادية وإلى مركز رئيسي لتوزيع الحبوب في ضوء الاتفاق الذي برهنت من خلاله تركيا أنها وسيط مناسب خاصة بعد اتفاق الحبوب الذي تم توقيعه بين روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة أما إذا فاز مرشح المعارضة كمال أوغلو فإن مثل هذه الجوانب قد تشهد انقلابا كبيرا في ضوء توجهات المعارضة نحو الاتجاه غربا ولذلك قد تكون لها تداعيات سلبية على الأرجح لموقع تركيا ومكانتها الاقتصادية.
ثانيا: على صعيد السياسة التركية التي نجح الرئيس أردوغان خلال السنوات القليلة الماضية على الأقل في تعزيزها وتقويتها وتحول تركيا إلى رقم صعب سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الدولي وخاصة بالنسبة إلى موقع تركيا في حلف الناتو وقد نجح أردوغان في تحييد تركيا وجعلها وسيطا مقبولا من الجميع ما مكنها من جني مكاسب كبيرة على صعيد وزنها السياسي العالمي أو على صعيد احترام تركيا من قبل القوى العظمى وقد نجح أردوغان في التعامل مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بندية كبيرة كما نجح في كسب روسيا الاتحادية والاستفادة من هذه العلاقة على أكثر من مستوى اقتصادي وعلى مستوى الطاقة حيث لا ننسى أن أردوغان كسر التقاليد التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بمنع شراء أسلحة من روسيا الاتحادية وفرض معادلته الخاصة بشراء منظومة الدفاع الروسي الشهيرة صواريخ إس 400.
ولا شك أن فوز مرشح المعارضة سوف يقلب هذه المعادلة رأسا على عقب لأن برنامج المعارضة يقوم على ربط تركيا بالغرب وبالاتحاد الأوروبي خاصة والابتعاد تدريجيا عن روسيا وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية ولعل هذا الموقف يميل إليه جزء من الرأي العام العلماني وهو بالضبط عكس أغلبية الرأي العام التركي الذي يرى تركيا دولة ذات وزن مستقلة وذات إرادة قوية غير خاضعة لا للشرق ولا للغرب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك