انتهت الجولة الأولى من الانتخابات التركية، وحصل الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان على حوالي 49.5% من أصوات الناخبين، في مقابل حوالي 45% لمنافسه كمال كليجدار أوغلو مرشح أحزاب المعارضة الستة، ليذهبا إلى جولة إعادة فاصلة في 28مايو الجاري.
والحقيقة أن تحدي حسم الجولة الثانية لكل مرشح ستحكمه حسابات معقدة، منها مصير أصوات المرشح الخاسر سنان أوغان (حصل على حوالي 5% من أصوات الناخبين) ولمن ستذهب.
أما باقي الحسابات فإن بعضها سيكون في صالح أردوغان وبعضها الآخر في صالح منافسه.
فلو فاز أردوغان في هذه الانتخابات سيرجع ذلك لعدة أسباب، منها أن هذه مدته الأخيرة، وفق الدستور التركي الذي لم يجرؤ أحد على انتهاكه (حين تدخل الجيش، كان هناك نص دستوري يعطي له هذا الحق، وتم حذفه الآن)، وهذا يدفع جانبا من الناخبين للتعاطف معه لكي يبقى في الحكم حتى ينهي مدته الأخيرة.
أما حزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان، فيمتلك قاعدة اجتماعية حقيقية، ولديه ماكينة انتخابية قوية أثبتت فاعليتها في الانتخابات السابقة وفي هذه الانتخابات أيضا حيث استطاعت الحفاظ على الأغلبية البرلمانية، في مواجهة تحالف مكون من 6 أحزاب معارضة مختلفة المشارب والتوجهات، اتفقت فيما بينها في حالة الفوز أن يتولى رئيس كل حزب منصب نائب رئيس الجمهورية، وهى مخاطرة تُذكرنا ببعض المشاريع العربية المتعثرة في الحديث عن مجلس رئاسي للحكم، وهي مشاريع تضعف من قدرة «الفريق الناجح» على اتخاذ قرارات جريئة وبدائل ناجعة، لأنه سيكون مضطراً لعمل مواءمات مع باقي الأحزاب الستة، ما يعطل من فرص اتخاذ قرارات إصلاحية حقيقية.
يقيناً، فكرة التحالف الانتخابي بين 6 أحزاب من أجل إسقاط مرشح واحد منافس مخاطرة لها شقان: الأول يعتبرها «تحالف سمك لبن تمر هندي» غير مقنع، لأنه يضم حزبا شديد المحافظة هو «حزب السعادة» مع حزب آخر يعتبر نفسه حارس العلمانية وهو «حزب الشعب الجمهوري».
فهذا التيار يفضل انتخاب لون واحد وتيار واضح.. في المقابل هناك من يعتبر هذا التحالف لا بديل عنه لمواجهة مرشح قوي في السلطة مثل أردوغان ويمتلك كثيراً من أدوات القوة.
أما إذا خسر أردوغان، فسيكون ذلك بسبب بقائه أكثر من 20 عاماً في السلطة ظهر فيها جيل من شباب جديد راغب في التغيير وسئم من السلطة الأبوية، حتى لو حقق إنجازات وإصلاحات في سنواته العشر الأولى.
لكن مع تصاعد الأزمة الاقتصادية وفردية حكمه وانشقاق تيارات كانت مؤيدة له وتأسيسها لأحزاب جديدة في مواجهته مثل أحمد داوود أوغلو.. كلها متغيرات أضعفت من قوته.
انتهت الجولة الأولى من الانتخابات، وحافظ الأتراك على نزاهة العملية الانتخابية (رغم بعض التجاوزات)، وترسخت قيم جديدة في الخبرة السياسية التركية جعلتها أكثر تسامحاً وقبولاً للتنوع وفي انتظار جولة الحسم.
{ كاتب وباحث في العلوم السياسية
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك