في يوم 26 أكتوبر من عام 1994 م وقعت معاهدة «وادي عربة» التي طبعت العلاقات بين المملكة الأردنية الهاشمية و(إسرائيل) وتناولت النزاعات الحدودية، وكان الهدف منها تحقيق سلام شامل وعادل بين البلدين استنادا إلى قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 ضمن حدود آمنة ومعترف بها ولتحقيق السلام المنشود كان ينبغي تخطي الحواجز النفسية بين الشعبين الأردني والإسرائيلي، ونصت المعاهدة على أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للأردن في الأماكن المقدسة في القدس إسلامية ومسيحية.
انتهكت إسرائيل معاهدة السلام مع الأردن بإرسالها عملاء الموساد الذين قاموا بمحاولة اغتيال الأخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس آنذاك في 25 سبتمبر 1997م في العاصمة الأردنية عمان، والتي تحولت إلى أزمة سياسية كبرى، تدخلت بها الولايات المتحدة الأمريكية وضغطت على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ليسلم الترياق للأردن ونجا الأخ خالد مشعل من موت محقق وتم الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين في صفقة إغلاق هذا الملف!
وفي 10 مارس 2014م قتل جندي إسرائيلي القاضي الأردني رائد زعيتر وهو على جسر الملك الحسين في طريقه إلى الضفة الغربية المحتلة، وفي 23 سبتمبر 2014م أعلن الجيش الإسرائيلي أن الجندي اعترف بإطلاقه النار على القاضي رائد زعيتر بعدما شعر بالخطر لأن القاضي حاول سحب سلاح الجندي، وأعلن الجيش أن الكاميرات على الجسر قد تعطلت في ذلك الوقت!
وتتواصل الانتهاكات الإسرائيلية وتتعاظم فيرتكب حارس الأمن في السفارة الإسرائيلية يوم 23 يونيو 2017م بضاحية الرابية في العاصمة عمان جريمة قتل عامل تركيب الأثاث الأردني الفتى اليافع الذي لم يتجاوز 17 عاما، والذي كان مرافقا للمالك مؤجر المبنى للسفارة الإسرائيلية والذي أرداه حارس السفارة قتيلا وحينما حاول مالك المبنى منعه من قتل الفتى قتله أيضا!
كان الفتى اليافع يجلب أثاثا للمبنى الملحق بالسفارة على أن يركبه وكان معه مالك المبنى، وعملية الدخول كانت بتصاريح رسمية من السفارة، حاصرت قوات الأمن الأردنية السفارة الإسرائيلية يومي 23 و24 يونيو 2017م فور علمها بالجريمة، وفي سرعة لافتة تمنح إسرائيل القاتل حارس السفارة صفة دبلوماسي ليغادر الأراضي الأردنية وفي طريقه يهاتفه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ويتمنى له قضاء أوقات سعيدة مع صديقته هذه الليلة على أن يقابله في اليوم التالي، وقابله بالعناق في لقاء وصفه وزير الخارجية الأردني (بالعار)!
ولم يسلم السفير الأردني لدى إسرائيل السيد غسان المجالي من الأذى فمنعته الشرطة الإسرائيلية هو ومرافقيه يوم 17 يناير 2023م من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك لأداء الصلاة مشترطة حصوله على إذن مسبق من أجل الزيارة للصلاة وفي هذا اعتداء سافر على الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية في القدس وعاد السفير ودخل المسجد الأقصى من دون الاعتراف بالقوة الغاشمة القائمة بالاحتلال.
وفي خطوة استفزازية أخرى وضعت إسرائيل قيودا كثيرة على حركة المصلين الفلسطينيين يوم الإسراء والمعراج 18 فبراير 2023م وهو اليوم الذي كان مقررا لزيارة الأمير الشاب ولي العهد الأردني الحسين بن عبدالله الثاني ابن الحسين للصلاة في المسجد الأقصى المبارك وإحياء ليلة الإسراء والمعراج، وألغيت الزيارة ردآ على الخطوات الاستفزازية الإسرائيلية ورغبة من الأمير الشاب بأن يتمكن الفلسطينيون من الوصول السهل إلى المسجد الأقصى المبارك من دون قيود وألا تكون زيارته مانعة لهم.
وردا على الخطوة الإسرائيلية، منعت السلطات الأردنية منح الموافقة لطائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتنياهو» من عبور الأجواء الأردنية في طريقه للإمارات العربية المتحدة، ما ألغى الزيارة فعبور الأجواء الأردنية يوفر ساعتين ونصف الساعة من الطيران للطيران الإسرائيلي للوصول إلى الإمارات العربية المتحدة.
ويبدو أن عام 2023م سيكون عام الانتهاكات الإسرائيلية لمعاهدة السلام مع الأردن وللدولة الأردنية، ففي فعالية في العاصمة الفرنسية «باريس» أقيمت يوم 19 مارس 2023م، يستخدم الوزير المتطرف المقيم في المستوطنات «سوميتريتش» وزير المالية الصهيوني خريطة لإسرائيل تضم الضفة الغربية والأردن في تصرف أرعن خسيس وخرق فاضح للأعراف الدولية ومعاهدة السلام!
وأخيرا وليس آخرا في سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية تقدم السلطات الإسرائيلية في 23 أبريل 2023م وفي ثالث أيام عيد الفطر على اعتقال النائب الأردني «عماد العدوان» رغم ما يتمتع به من حصانة بذريعة تهريب أسلحة وذهب إلى الفلسطينيين عبر جسر الملك الحسين، وتم مؤخرا الاتفاق على الإفراج عن النائب الأردني على أن تتولى السلطات الأردنية التحقيق معه.
والنائب الأردني «عماد العدوان» عضو لجنة فلسطين في البرلمان ونصير القضية الفلسطينية كيف لا وهو ابن الشونة الجنوبية في الأغوار ومن منزله يرى فلسطين، ويكفيه فخرا أن قريبته النشمية حين سألتها يوم العيد وأنا أزورهم وأعايدهم عن النائب «عماد العدوان» قالت لي بفخر كبير «ابن العم صاحب قضية»، ما هذا الشموخ والثقة والكبرياء الذي تحدثت به النشمية الأردنية!
سيبقى الفلسطينيون رأس الحربة في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني ومعهم توأم روحهم الأردنيون والعرب النجباء وكل أحرار العالم، وعلى الدول العربية والإسلامية وكل دول العالم الالتفاف حول الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ومنع إسرائيل من تنفيذ مخططها الاستعماري للتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى المبارك.
{ كاتب فلسطيني مقيم في مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك