قبل أربعين عامًا أسر لي القس جيسي جاكسون خلال حفل عشاء عربي-أمريكي وقال لي: «أنا أترشح لمنصب الرئيس وأريدك أن تنضم إلى الفريق الذي سيتولى إدارة حملتي».
أجبته قائلا: «لقد أمضيت السنوات الأربع الماضية في تنظيم مجتمعي. لست متأكدًا من أنني أستطيع التخلي عن هذه المهمة الآن». كان رده مباشرًا: «سنفعل لمجتمعك في الأشهر الأربعة المقبلة أكثر مما كنت قادرًا عليه في السنوات الأربع الماضية».
لقد نجح الأمريكيون العرب في بناء تحالفات مع منظمات السلام السوداء واللاتينية والأمريكية للدفاع عن العدالة للفلسطينيين غير أن طريقنا الرامية إلى التمكين السياسي قد تمت عرقلته بشكل أساسي من قبل الجماعات الموالية لإسرائيل التي اعتبرتنا تهديدًا.
تعرض المرشحون السياسيون الذين نظموا فعاليات لجمع التبرعات من العرب الأمريكيين، لحملة من الانتقادات لقبولهم «الأموال العربية» ما اضطرهم إلى إعادة تلك المساهمات. تم الضغط على بعض الحملات لطرد موظفيها العرب الأمريكيين أمريكيين، كما رفض المرشحون وبعض الائتلافات والأحزاب السياسية تأييدنا ومشاركتنا.
شغلت منصب نائب مدير حملة جاكسون في سنة 1984، وكانت تلك أول حملة رئاسية كبرى على الإطلاق للترحيب بالعرب الأمريكيين بالاسم، لقد أثارت حملة جاكسون عام 1984 كثيرا من الحركية والإثارة مع تنظيم مسيرات وتجمعات انتخابية ضخمة كما أمكن جمع تبرعات لا يستهان بها.
أتذكر أنني تحدثت مع جاكسون قبل انطلاق الانتخابات التمهيدية في ولاية كاليفورنيا. بعد تنفيذ حملة انتخابية ضمت فعاليات أمريكية وعربية في كل مدينة توقفنا عندها قال جيسي جاكسون: «أعتقد أن مجتمعك العربي الأمريكي قد تجاوز عتبة القبول. حتى وقت قريب، بعد كل حملة لجمع التبرعات، كانت الصحافة تقول «جاكسون يجمع الأموال العربية». ولكن بعد السنوات القليلة الماضية، لم تكن هناك أخبار في هذا الصدد على الإطلاق. لقد كان مجرد جمع للتبرعات».
لقد انتخبنا أربعة مندوبين عرب أمريكيين إلى مؤتمر سان فرانسيسكو لعام 1984، وتم اختياري لإلقاء إحدى الخطب التي ترمي إلى دعم ترشيح جيسي جاكسون. اسم جاكسون في قائمة الترشيح.
لقد تشرفت بكوني أول أمريكي عربي يتحدث في مؤتمر انتخابي حزبي، وقد انتهزت الفرصة لمناقشة تاريخ مجتمعي العربي الأمريكي كما أبرزت أيضا مدى تنوعه وإسهاماته.
بعد أشهر، أطلقت مجموعة صغيرة منا المعهد العربي الأمريكي للبناء على الدروس المستفادة خلال حملة 1984 الانتخابية، حيث بدأنا نركز عملنا على تسجيل الناخبين، وتعبئتهم، ودعم المرشحين الأمريكيين العرب، وتسليط الضوء على مخاوف الأمريكيين العرب على الساحة السياسية.
بحلول عام 1988، عندما ترشح جيسي جاكسون للمرة الثانية، كنا قد حققنا تقدما ملموسا. فقد انتخبنا 55 مندوبًا لتمثيلنا في المؤتمر الانتخابي الذي عقد في ذلك، وأصدرنا قرارات تدعم سياسة أمريكية متوازنة تعترف بحقوق الفلسطينيين في 10 دول، وتضمنت فقرات بشأن لبنان وإدانة التحيز ضد العرب والأمريكيين العرب في برنامج الحزب الديمقراطي، وعقدنا أول نقاش وطني على الإطلاق حول الحقوق الفلسطينية من منصة المؤتمر.
خلال العقود التي تلت ذلك، شهدنا تحولًا أكثر عمقًا في تمكين مجتمعنا وقدرته السياسية على إحداث التغيير. فالمدن التي كنا فيها منبوذين أو متجاهلين قد انتخبت رؤساء بلديات من العرب الأمريكيين.
مع انتخاب المئات للمناصب على المستوى المحلي والولايات والمستوى الفيدرالي، كما أصبح العرب الأمريكيون العرب ينظرون إلى الخدمة العامة على أنها مهنة يتطلعون إليها، رغم أن البعض يواجهون الكثير من التحديات.
لا شك أن التمكين السياسي يفتح لك أبواباً أخرى. عندما تكون ضعيفًا يمكن للآخرين تحديد هويتك والتسبب في نبذك وتعميق عزلتك، ولكن كلما اكتسبت القوة والاحترام، يمكنك التعريف بنفسك وفرض الاحترام على الآخرين. نتيجة لذلك، يلعب العرب الأمريكيون الآن دورًا رائدًا في تحالفات الحقوق المدنية، والتعددية العرقية، والسلام والعدالة التي رفضتنا في السابق.
كذلك الدعوة توجه إليك للحديث عن الكيفية التي يتم بها تصوير العرب في وسائل الإعلام وكيفية تدريس التاريخ والثقافة العربية. لا تزال هناك تحديات، لكن تقدمنا توج هذا العام بإصدار الرئيس أول إعلان رسمي على الإطلاق عن شهر التراث العربي الأمريكي.
سيتم الاحتفاء وتكريم ثمانين من العرب والأمريكيين الذين يعملون في هذه الإدارة الأمريكية كما ستقام أمسية للاحتفال بالثقافة العربية، ومنتدى سياسي يستضيفه البيت الأبيض مع القادة الأمريكيين العرب.
لن نبالغ إذا قلنا إن الطريق إلى التمكين السياسي للعرب الأمريكيين قد بدأ مع حملة القس جاكسون غير المحتملة ولكن المهمة في عام 1984، كانت في تلك السنة تحت شعار: «حان وقتنا».
لقد فسر البعض ذلك على أنه موجه في المقام الأول إلى الأمريكيين السود، غير أن العرب الأمريكيين قد تبنوا التمكين السياسي. بعد أربعة عقود نجد جيلا جديدا ينشط في مختلف أنحاء البلاد ويبني التقدم الذي تم إحرازه – لا هذا الجيل الجديد ينمو ويزدهر ويوضح أن «وقتنا الآن».
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك