العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

التصدُّع «الغربي» يبدأ من الجبهة الصينية

بقلم: عبد المجيد سويلم {

الجمعة ٢٨ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

أثارت‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬مؤخرا‭ ‬لغطا‭ ‬واسعا‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وفي‭ ‬أوروبا،‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬كلّه‭. ‬الامتعاض‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬طرح،‭ ‬والترويج‭ ‬لفكرة‭ ‬‮«‬الاستقلال‮»‬‭ ‬الأوروبي‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كان‭ ‬جليّاً،‭ ‬والبلدان‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬لم‭ ‬تتّخذ‭ ‬موقفاً‭ ‬يشي‭ ‬بالرفض‭ ‬أو‭ ‬الاستنكار،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬‮«‬التمنُّع‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬لسان‭ ‬حالها‭ ‬إزاء‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نزعة‭ ‬الاستقلال‭ ‬هي‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬تهمةٌ‭ ‬لا‭ ‬تنفيها،‭ ‬وشرفٌ‭ ‬لا‭ ‬تّدعيه‮»‬‭.‬

وإذا‭ ‬اعتبرنا‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬هي‭ ‬مجرّد‭ ‬بداية‭ ‬للتصدُّع‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬‮«‬الغرب‮»‬،‭ ‬والصحيح‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬فعلاً،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التصدُّع‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬مقصوراً‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الصينية،‭ ‬وانتقاله‭ ‬ولو‭ ‬تدريجياً‭ ‬إلى‭ ‬الجبهة‭ ‬الروسية‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬برسم‭ ‬معطيات‭ ‬كثيرة‭ ‬منتظرة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬المعطيات‭ ‬الميدانية،‭ ‬وبرسم‭ ‬حدّة‭ ‬وعُمق‭ ‬التأثيرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬الغربية‭ ‬جرّاء‭ ‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جرّ‮»‬‭ ‬أوروبا‭ ‬إلى‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الأمريكية‭ ‬للصين،‭ ‬وتوتير‭ ‬العلاقات‭ ‬الأوروبية‭ ‬الصينية‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬سهلاً،‭ ‬وهي‭ ‬مسألة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬اليد‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة،‭ ‬ليس‭ ‬أقلّها‭ ‬أهمية‭ ‬درجة‭ ‬التشابك‭ ‬والتداخل‭ ‬بين‭ ‬الاقتصادات‭ ‬‮«‬الغربية‮»‬‭ ‬مع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الصيني‭.‬

السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬بإلحاح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم،‭ ‬وفي‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬والخصوص‭ ‬هو‭: ‬لماذا‭ ‬تحاول‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أن‭ ‬ترفع‭ ‬درجة‭ ‬التوتّر‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬الآن؟‭ ‬ولماذا‭ ‬ترفع‭ ‬حدود‭ ‬الاستفزاز‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬سقف‭ ‬ممكن؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬وهي‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬ورطة‭ ‬‮«‬الغرب‮»‬‭ ‬بقيادة‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مستمرة،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬مستفحلة،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تنعكس‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬‮«‬الغرب‮»‬،‭ ‬ولم‭ ‬تتراجع‭ ‬الصين‭ ‬قيدَ‭ ‬أُنملة‭ ‬واحدة‭ ‬عن‭ ‬علاقاتها‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬روسيا؟

ويتفرّع‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬المحدّدة‭ ‬والملموسة‭ ‬حول‭ ‬الهدف‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬الخطير‭ ‬من‭ ‬الاستفزاز‭ ‬والتوتر،‭ ‬وفيما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬أمريكا‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحمُّل‭ ‬تبعات‭ ‬انفجار‭ ‬الوضع‭ ‬العسكري‭ ‬والأمني‭ ‬في‭ ‬تايوان،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تُلقي‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أحمالاً‭ ‬ثقيلة‭ ‬على‭ ‬كاهلها،‭ ‬وعلى‭ ‬كاهل‭ ‬كل‭ ‬الحلفاء،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم،‭ ‬وربما‭ ‬على‭ ‬الأوروبيين‭ ‬تحديداً،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص؟‭ ‬من‭ ‬الزاوية‭ ‬‮«‬المنطقية‮»‬‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الحراك‮»‬‭ ‬الأمريكي‭ ‬كان‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬مفهوماً‮»‬‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬المعطيات‭ ‬الميدانية‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬أوكرانيا‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬مطمئنة‮»‬‭ ‬عن‭ ‬سير‭ ‬المعارك‭ ‬هناك،‭ ‬أو‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬تُحرز‭ ‬بعض‭ ‬الانتصارات،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬تقدُّم‭ ‬القوات‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الجبهات‭.‬

لكن‭ ‬أن‭ ‬تترافق‭ ‬حملات‭ ‬الاستفزاز‭ ‬الأمريكي‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬معطيات‭ ‬معاكسة‭ ‬تماماً،‭ ‬ربما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬تدهور‭ ‬وضع‭ ‬القوات‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وإلى‭ ‬خلخلات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الميداني‭.. ‬فهذا‭ ‬أمرٌ‭ ‬مُحيّر،‭ ‬ويحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تفكير‭ ‬عميق‭.‬

استنفار‭ ‬‮«‬الجبهة‭ ‬الآسيوية‮»‬‭ ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬والفلبين‭ ‬وكوريا،‭ ‬ورفع‭ ‬وتيرة‭ ‬النبرة‭ ‬الأسترالية‭ ‬ضد‭ ‬الصين،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬الحقيقي‭ ‬للتصعيد‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬زوايا‭ ‬عديدة‭.‬

الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ليست‭ ‬بحاجة‭ ‬‮«‬ماسّة‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة،‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬ترغب‭ ‬به‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬توطيد‭ ‬حلفها‭ ‬الآسيوي،‭ ‬وأقصى‭ ‬ما‭ ‬تطمح‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬ضمان‮»‬‭ ‬دعم‭ ‬الحليف‭ ‬البريطاني،‭ ‬وإعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬الانخراط‭ ‬الأسترالي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجبهة‭ ‬لسيطرة‭ ‬التحالف‭ ‬الأنجلوساكسوني‭ ‬عليها‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الأمريكية‭ ‬للصين‭ ‬قد‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خسارة‮»‬‭ ‬معيّنة‭ ‬جرّاء‭ ‬‮«‬الانزواء‮»‬‭ ‬الأوروبي‭ ‬عن‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الجبهة‭ ‬الآسيوية‮»‬‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يُقاس،‭ ‬وهي‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬التصدُّع‭ ‬‮«‬الغربي‮»‬‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬الجبهة‭ ‬الصينية‭ ‬خسارة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬قياساً‭ ‬بأهمية‭ ‬بناء‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬تحالفها‭ ‬الآسيوي‭ ‬تحسُّباً‭ ‬للمستقبل‭ ‬على‭ ‬أقلّ‭ ‬تقدير‭.‬

والمهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬الجارية‭ ‬ألا‭ ‬ينتقل‭ ‬هذا‭ ‬التصدُّع‭ ‬إلى‭ ‬الجبهة‭ ‬الروسية،‭ ‬وألا‭ ‬يتم‭ ‬الآن،‭ ‬أو‭ ‬بسرعة،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الانتقال‭ ‬سيتم‭ ‬عند‭ ‬درجة‭ ‬معيّنة‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬حال‭.‬

إذا‭ ‬أخذنا‭ ‬مدلولات‭ ‬المنطق،‭ ‬واتّساق‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬مع‭ ‬سير‭ ‬الأحداث‭ ‬الميدانية‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الروسية،‭ ‬تُصبح‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للفهم،‭ ‬وتصبح‭ ‬الأسباب‭ ‬‮«‬الموجبة‮»‬‭ ‬لموجة‭ ‬التصعيد‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬الصين،‭ ‬والآن‭ ‬تحديداً،‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحاً،‭ ‬أو‭ ‬أقلّ‭ ‬غُموضاً‭ ‬ممّا‭ ‬تبدو‭ ‬عليه‭.‬

أقصد‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بدأت‭ ‬بالتصعيد‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬إدراكها‭ ‬لمآلات‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الروسية،‭ ‬واستحالة‭ ‬منع‭ ‬هزيمة‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أو‭ ‬استحالة‭ ‬إحراز‭ ‬أي‭ ‬تقدُّم‭ ‬إستراتيجي‭ ‬لـ«الغرب‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬صعوبة‭ ‬أو‭ ‬استحالة‭ ‬منع‭ ‬انتصار‭ ‬روسي‭ ‬إستراتيجي‭ ‬وكبير‭ ‬فيها‭.‬

وأقصد،‭ ‬أيضاً،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬باتت‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬أن‭ ‬منع‭ ‬الانهيار،‭ ‬والانهيار‭ ‬السريع‭ ‬هو‭ ‬المهمة‭ ‬الأساسية‭ ‬الآن،‭ ‬وأن‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬صامداً‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬بالإمكان‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬المفاوضات‮»‬‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬العلاقات‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬والعلاقات‭ ‬الأوروبية‭ ‬الروسية‭ ‬مُتاحاً‭ ‬وقابلاً‭ ‬للتموضع‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال‭.‬

هذا‭ ‬ما‭ ‬يهمّ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الآن،‭ ‬والإبقاء‭ ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬الصينية‭ ‬‮«‬ساخنة‮»‬‭ ‬بات‭ ‬هو‭ ‬الأولوية‭ ‬المطلقة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬فقدت‭ ‬الأمل‮»‬‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

لا‭ ‬يوجد‭ ‬سبب‭ ‬منطقي‭ ‬واحد‭ ‬يفسّر‭ ‬موجة‭ ‬التصعيد‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأخير‭ ‬ضد‭ ‬الصين‭ ‬خارج‭ ‬نطاق‭ ‬ومنطق‭ ‬التوقّعات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المنتظرة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

ما‭ ‬يؤكّد‭ ‬أو‭ ‬يرجّح‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كانت‭ ‬أصلاً‭ ‬ستبدأ‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬استفزازاتها‭ ‬العدوانية،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬‮«‬تمتلك‮»‬‭ ‬‮«‬التمهيد‮»‬‭ ‬الكافي‭ ‬للبدء‭ ‬من‭ ‬هناك،‭ ‬وهي‭ ‬بدأت‭ ‬هذا‭ ‬التمهيد‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدٍ‭ ‬كامل‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وهي‭ ‬اعتقدت‭ ‬أنها‭ ‬ستكسر‭ ‬الحلقة‭ ‬الروسية‭ ‬باستخدام‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وتحديداً‭ ‬منذ‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬فيها،‭ ‬غير‭ ‬مكتفيةٍ‭ ‬بكل‭ ‬الاستفزازات‭ ‬للدولة‭ ‬الروسية‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوسُّع‭ ‬المتواصل‭ ‬لحلف‭ ‬‮«‬شمال‭ ‬الأطلسي‮»‬‭.‬

فشل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬الحلقة‭ ‬الروسية‭ ‬يعني‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المسارعة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬الجبهة‭ ‬الآسيوية‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬المراهنة‭ ‬على‭ ‬‮«‬إخراج‮»‬‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬معادلة‭ ‬الصراع‭ ‬الدولية‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬كارثة‭ ‬أمريكية‭ ‬حقيقية‭ ‬حول‭ ‬واقع‭ ‬ومستقبل‭ ‬معادلة‭ ‬الصراع‭ ‬الدولية‭.‬

يُضاف‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬ومن‭ ‬قبله‭ ‬الرئيس‭ ‬باراك‭ ‬أوباما،‭ ‬والتي‭ ‬ركّزت‭ ‬كل‭ ‬جهودها‭ ‬على‭ ‬آسيا‭ ‬تحديداً‭ ‬لم‭ ‬تختلف‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬حيال‭ ‬هذه‭ ‬المسألة،‭ ‬ولا‭ ‬مع‭ ‬توجُّهات‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬إلّا‭ ‬في‭ ‬مسألةٍ‭ ‬واحدة،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مطلقاً‭ ‬سيذهب‭ ‬إلى‭ ‬محاربة‭ ‬موسكو،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬أي‭ ‬استعداد‭ ‬لتوجُّه‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع،‭ ‬وكان‭ ‬يرمي‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬التحالف‭ ‬الآسيوي‭ ‬مباشرة،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬المرور‭ ‬بإستراتيجية‭ ‬‮«‬كسر‭ ‬الحلقة‭ ‬الروسية‮»‬‭.‬

الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحالية‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬القادمة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬نجاح‭ ‬ترامب،‭ ‬سيعني‭ ‬حتماً‭ ‬نهايةً‭ ‬مأساوية‭ ‬‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬وتكريس‭ ‬الانتصار‭ ‬الروسي،‭ ‬وهذا‭ ‬برأيي‭ ‬ما‭ ‬يُفسّر‭ ‬الحملة‭ ‬القضائية‭ ‬المحمومة‭ ‬ضده‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬‮«‬السرّ‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يفسّر‭ ‬بعض‭ ‬الخطوات‭ ‬‮«‬البهلوانية‮»‬‭ ‬في‭ ‬إدراج‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬الاتهامات‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬يشهد‭ ‬عليها‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تسييس‭ ‬للقضاء‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ترامب‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬العصب‭ ‬‮«‬الخامس‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬وعلى‭ ‬بايدن‭ ‬نفسه،‭ ‬والصُّداع‭ ‬الذي‭ ‬خلقه‭ ‬لهذه‭ ‬الإدارة‭ ‬بات‭ ‬يشوّش‭ ‬عليها‭ ‬التركيز‭ ‬والتعقُّل‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا