تنوعت النظم التي تستخدم فيها نظام التعلم الآلي - machine learning - في التعرف على أمراض النبات والأعشاب الضارة التي تسبب الخسائر الفادحة للمحاصيل الزراعية، الأمر الذي تم ذكره في الجزء السابق. وفي هذا الجزء الأخير من هذا المقال، سوف يتم ذكر أهمية تطبيقات نظم التعلم الآلي في إدارة المياه والتربة والتي يمكن تطبيقها بشكل أوسع في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.
أولا، فيما يخص إدارة المياه، هناك عديد من الدراسات التي تم عملها لتقدير عملية تبخر الماء من سطح التربة إلى الغلاف الجوي وتقوم مثل هذه الدراسات باستخدام خوارزميات التعلم الآلي كأداة فعالة للتنبؤ بالتبخر الفعلي بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري. ويعد التقدير الدقيق للتبخر عملية معقدة وذات أهمية كبيرة لإدارة الموارد في إنتاج المحاصيل، وكذلك لتصميم وإدارة أنظمة الري والتي تساعد على معرفة كمية الري المناسبة للمحاصيل من دون زيادة أو نقصان. في دراسة أخرى، طور الباحثون طريقة حسابية لتقدير متوسط التبخر الشهري للمناطق القاحلة وشبه القاحلة. استخدمت البيانات المناخية الشهرية المتوسطة لـ 44 محطة أرصاد جوية. وفي دراسة أخرى، تم تطوير طريقة تعتمد على نموذج ELM المغذى ببيانات متعلقة بدرجة الحرارة للتقدير الأسبوعي للتبخر لبعض المحطات، وكان الغرض من هذه الدراسة التقدير الدقيق للتبخر الأسبوعي في المناطق القاحلة في الهند بناءً على سيناريو البيانات المحدودة لإدارة مياه المحاصيل. تساعد مثل هذه الدراسات على معرفة دقيقة للتنبؤ بتبخر المياه في المناطق القاحلة وإيجاد الحلول الفعالة من خلال المعرفة الدقيقة لكميات تبخر المياه والكمية المناسبة للري في هذه المناطق.
ثانيًا، بالنسبة إلى إدارة التربة، يتعلق هذا النظام بمراجعة تطبيق نظم التعلم الآلي على التنبؤ بخصائص التربة الزراعية، مثل تقدير نسبة جفاف التربة ودرجة الحرارة ومحتوى الرطوبة. التربة مورد طبيعي غير متجانس، لذلك يصعب فهم طبيعة التربة إلا من خلال عمليات وآليات معقدة. ومن هنا، تسمح خصائص التربة للباحثين بفهم ديناميكيات النظم البيئية وتأثيرها على الزراعة. ويمكن أن يؤدي التقدير الدقيق لظروف التربة إلى تحسين إدارة التربة. حيث تلعب درجة حرارة التربة وحدها دورًا مهمًا في تحليل تأثيرات تغير المناخ في المنطقة والظروف البيئية. كذلك تساعد هذه النظم المزارعين على فهم العمليات التفاعلية بين الأرض والغلاف الجوي. بالإضافة إلى ذلك، فإن رطوبة التربة لها دور مهم في عملية إنتاج المحاصيل. ومع ذلك، فإن القياسات اليدوية لهذه العمليات تستغرق وقتًا طويلاً وقد تكون مكلفة بشكل عام، لذلك يمكن حل هذه المشكلة وبتكلفة أقل وفهم دقيق لظروف التربة باستخدام التحليل الحسابي القائم على تقنيات التعلم الآلي. في دراسة، تم تطوير طريقة للتنبؤ بحالة التربة من خلال مقارنة بين أربعة نماذج للتنبؤ بالكربون العضوي للتربة، ومحتوى الرطوبة، والنيتروجين الكلي.
وبشكل خاص، استخدم الباحثون مقياس طيف ضوئي قريب من الأشعة تحت الحمراء لجمع أطياف التربة من 140 عينة غير معالجة ورطبة من الطبقة العليا لأنواع من أتربة اللوفيسول. تم جمع العينات من حقل صالح للزراعة في بريمسلين بألمانيا في أغسطس 2013، وبعد حصاد محاصيل القمح. وخلصت الدراسة إلى نجاح التنبؤ الدقيق بخصائص التربة والتي يمكن أن يحسن من عمليات إدارة التربة. بالإضافة إلى عديد من الدارسات التي نجحت في تقدير بيانات التربة والتي أدت إلى فهم أوضح للنظم البيئية وزيادة المحاصيل الزراعية.
من خلال تطبيق التعلم الآلي على بيانات الاستشعار، تطورت أنظمة إدارة المحاصيل إلى أنظمة ذكاء اصطناعي حقيقي، ما وفرت توصيات ورؤى أكثر ثراءً للقرارات والإجراءات المتعلقة بتحسين الإنتاج والتي يمكن أن تحصد ثمارها عند تجربة استخدامها في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فمن المتوقع أن يكون استخدام نماذج التعلم الآلي في الزراعة أكثر انتشارًا من اليوم، ما سيسمح بإمكانية وجود أدوات متكاملة وقابلة للتطبيق للمزارعين والشركات ومراكز البحث والتطوير.
{ مركز البحرين للدراسات
الاستراتيجية والدولية والطاقة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك