العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المستوطنون.. هل هم «وحش فرانكشتاين» في إسرائيل؟

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الثلاثاء ١١ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬‮«‬المستعمرين‭/‬المستوطنين‭ ‬الأوائل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948‭. ‬يومها،‭ ‬شنت‭ ‬القوات‭/‬العصابات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬لاحقا‭ ‬إلى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬العسكرية‭ ‬ونفذت‭ ‬عمليات‭ ‬التهجير‭ ‬والمجازر‭ ‬الدموية‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عزّزت‭ ‬إقامة‭ ‬‮«‬المستوطنات‮»‬‭ ‬اليهودية‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬بلدات‭ ‬وقرى‭ ‬وأراض‭ ‬فلسطينية‭ ‬تشكل‭ ‬78%‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭. ‬وللتسريع‭ ‬في‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬تطهير‮»‬‭ ‬الأرض،‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬احتلال‭ ‬1967،‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬طرقا‭ ‬التفافية‮»‬‭ ‬لربط‭ ‬مستعمرات‭/ ‬‮«‬مستوطنات‮»‬‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ببعضها‭ ‬وبأراضي‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬‮«‬الخط‭ ‬الأخضر‮»‬‭ ‬المزعوم،‭ ‬وسمحت‭ ‬‮«‬للمستوطنين‮»‬‭ ‬في‭ ‬‮«‬الضفة‮»‬‭ ‬بحمل‭ ‬السلاح‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وسرعت‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬‮«‬قناعة‮»‬‭ ‬المستعمرين‭/ ‬المستوطنين‭ ‬الذين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أرضاً‭ ‬إسرائيلية‭ ‬خالصة‭ ‬ولا‭ ‬يحق‭ ‬للعرب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الوجود‭ ‬فيها‭. ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬واصلت‭ ‬دولة‭ (‬المستوطنين‭ ‬الأوائل‭) ‬بناء‭ ‬وتوسعة‭ ‬المستعمرات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ومصادرة‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لبناء‭ ‬مستعمرات‭ ‬جديدة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الخصبة‭ ‬والمليئة‭ ‬بالمصادر‭ ‬الطبيعية‭.‬

هذه‭ ‬المسيرة‭ ‬أفضت‭ ‬بعد‭ ‬1967‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ (‬المستوطنين‭ ‬الجدد‭) ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المعتقدات‭ ‬الصهيونية‭ ‬التلمودية‭ ‬المتشددة‭ ‬دينيا‭. ‬

وتحقق‭ ‬التوسع‭ ‬الاستعماري‭/ ‬الاستيطاني‭ ‬بالضفة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الوجود‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬حيث‭ ‬قابله‭ ‬انحياز‭ ‬المجتمع‭ ‬السياسي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نحو‭ ‬اليمين‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الأحزاب‭ ‬اليهودية‭ ‬وظفت‭ ‬الاستيطان‭ /‬الاستعمار‭ ‬في‭ ‬برامجها‭ ‬السياسية‭ ‬والانتخابات‭ ‬البرلمانية‭. ‬

بل‭ ‬تم‭ ‬ربط‭ ‬ذلك‭ ‬الاستيطان‭ ‬بالمعتقدات‭ ‬الدينية‭ ‬والتوراتية‭ ‬ليصبح‭ ‬المشروع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الجديد‭ ‬بمثابة‭ ‬دولة‭ ‬ماثلة‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬حيث‭ ‬أجمعت‭ ‬غالبية‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭/ ‬اليهودي‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تغذية‭ ‬الروح‭ ‬اليهودية‭ ‬‭ ‬عرقيا‭ ‬‭ ‬مما‭ ‬يرسخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الكراهية‭ ‬والنظرة‭ ‬الدونية‭ ‬ضد‭ ‬الآخر‭. ‬من‭ ‬هنا،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غريبا‭ ‬ارتباط‭ ‬الدين‭ ‬اليهودي‭ ‬بالقومية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬وتحويل‭ ‬اليهودية‭ ‬من‭ ‬عقيدة‭ ‬دينية‭ ‬إلى‭ ‬قومية‭ ‬يهودية‭ ‬تعادي‭ ‬الآخر‭ ‬كائنا‭ ‬من‭ ‬كان‭. ‬وبذلك‭ ‬أصبحنا،‭ ‬وأصبحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذاتها‭ ‬موئلَ‭ ‬المستوطنين‭ ‬الأوائل،‭ ‬أمام‭ ‬وحش‭ ‬فرانكشتاين‭ ‬الذي‭ ‬خلقته‭ ‬من‭ ‬غلاة‭ ‬المستوطنين‭ ‬الجدد‭ ‬الذين‭ ‬باتوا‭ ‬اليوم‭ ‬يتحكمون‭ ‬بدولة‭ (‬المستوطنين‭ ‬الأوائل‭) ‬ويتزعمهم‭ ‬حلفاء‭ ‬وشركاء‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ (‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭) ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬ومن‭ ‬أبرزهم‭ (‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭) ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي،‭ ‬و‭(‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش‭) ‬وزير‭ ‬المالية،‭ ‬و‭(‬ياريف‭ ‬ليفين‭) ‬وزير‭ ‬العدل‭!‬

من‭ ‬يتابع‭ ‬دولة‭ (‬المستوطنين‭ ‬الجدد‭) ‬وتركيبتها‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬سيئي‭ ‬السمعة‭ ‬والصيت‭ ‬وغيرهم‭ ‬يتساءل‭: ‬هل‭ ‬تذكرنا‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬المستجدة‭ ‬بحكاية‭ ‬العالم‭ (‬فرانكشتاين‭) ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬وحشه‭ ‬وخلق‭ ‬بالتالي‭ ‬من‭ ‬أودى‭ ‬بحياة‭ ‬كل‭ ‬محبيه‭ ‬ومريديه‭ ‬وبحياته‭ ‬أيضا‭. ‬

هل‭ ‬الأزمة‭ ‬الداخلية‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬انقلاب‭ (‬وحش‭ ‬فرانكشتاين‭ ‬‭ ‬دولة‭ ‬المستوطنين‭ ‬الجدد‭) ‬والمعادية‭ ‬في‭ ‬توجهاتها‭ ‬لإسرائيل‭ ‬الأولى‭ ‬العلمانية‭/ ‬الليبرالية‭ / ‬الديمقراطية‭.‬؟

وطبعا‭ ‬حصرا‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬اليهود‭ ‬فحسب؟‭ ‬وهل‭ ‬يتفاقم‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬مع‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني،‭ ‬أو‭ ‬المليشيات‭ ‬التي‭ ‬يطالب‭ ‬بها‭ (‬بن‭ ‬غفير‭) ‬منذ‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة؟‭ ‬وهل‭ ‬يفتح‭ ‬ذلك‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬لانضمام‭ ‬عصابات‭ ‬المستوطنين‭ ‬المسلحين،‭ ‬الذين‭ ‬هم،‭ ‬بحماية‭ ‬الشرطة‭ ‬والجيش‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬يعتدون‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ويحرقون‭ ‬منازلهم‭ ‬ويرهبونهم‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬حوارة‭ ‬وغيرها؟‭ ‬وكل‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬نطرحها‭ ‬اليوم،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إجابات‭ ‬راهنة،‭ ‬لكنها‭ ‬أسئلة‭ ‬مرهونة‭ ‬بالتطورات‭ ‬والتقلبات‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا