تناول الفصل العاشر المعنون بـ«الصيام والصحة العامة» من الكتاب الموسوم «من أسرار الصيام وحكمه» لمؤلفه فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالكريم العمري أهمية الصيام في تعزيز الصحة العامة، وقد أثبتت الدراسات العلمية المعاصرة دور الصيام في معالجة الكثير من الأمراض الخطرة وفي مقدمتها مرض السرطان الذي عجزت أغلب العلاجات الطبية المعتمدة من القضاء عليه وإكساب المصابين الشفاء التام، فضلا عن علاجه العديد من الأمراض الأخرى سواء كانت أمراضا معوية أو أمراض المفاصل، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض السمنة، والأمراض الناجمة عن ارتفاع الكوليسترول والدهون في الدم، فضلا عن تقويته للجهاز المناعي في الجسم. لا بل يعالج حتى الأمراض النفسية، حيث يحتسب الصائم صيامه لله تعالى وينشغل في الذكر والعبادة، ويبتعد عن هموم الدنيا ومنغصاتها. كما أن الصيام يخفف من حدة الغريزة الجنسية لدى الشباب، وبذلك يقيهم من الأمراض النفسية أو الانحرافات السلوكية.
لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
وجاء الفصل الحادي عشر الموسوم بـ«الصيام والتكافل الاجتماعي» ليوضح كيف أن في شهر رمضان تتجلى أعمق صور التكافل الاجتماعي، وتتسع مجالات المسؤولية الاجتماعية للأفراد والمؤسسات والدولة، وما ذلك إلا إنفاذا لشرع الله واقتداء بنبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. لذا نجد في وقتنا الراهن موائد الإفطار في المساجد والساحات العامة وعلى الطرقات، كما تقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع المؤن والمساعدات المالية والعينية على المحتاجين، وتسارع الحكومات الإسلامية إلى مضاعفة الدعم المالي لذوي الدخل المحدود وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم من الفئات الاجتماعية التي هي بأمس الحاجة إلى العون. كما تطلق الحكومات قرارات العفو عن الموقوفين والمحكومين، وتفتح أبواب الدعم والمساعدة عن المدينين المعسرين. وعموما فإن شهر رمضان فرصة سانحة لتخفيف آلام المحرومين وسد حاجات المعوزين، وتفقد الأقارب والأصدقاء وتقديم العون لمن هم بحاجة إليه.
وحمل الفصل الثاني عشر عنوان «العشر الفاضلة»، وهي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلها شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، ويضاعف عبادته، وينوع طاعاته، ويعمل أعمالا يتقرب بها إلى ربه لم يعملها في أيام الشهر الأخرى ومنها الاعتكاف فيها، حيث ينقطع عن الدنيا ومشاغلها ويتفرغ للعبادة. وما ذاك إلا لفضل هذه العشر، اللهم اجعلنا ممن يغتنم هذه العشر ويحرص على الاجتهاد فيها والفوز بأجرها.
وأوضح الفصل الثالث عشر الموسوم بـ«ليلة القدر» أهمية هذه الليلة المباركة فمن حظي بها نال سعادة الدنيا والآخرة، وقد أوضح الله جل في علاه أهميتها في محكم كتابه العظيم في سورة الدخان بقوله تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين (3) فيها يفرق كل أمر حكيم (4) أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين (5) رحمة من ربك إنه هو السميع العليم(6)).
كما قال الله عنها في السورة التي خصصها لها – سورة القدر: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)). فبالإضافة إلى نزول القرآن الكريم في هذه الليلة، ينزل جبريل(الروح) عليه السلام، والملائكة، ما يدل على شرف هذه الليلة المباركة وهي ليلة سلام لا يستطيع الشيطان أن يعمل أو يدنس الإنسان أو الأرض فيها، وإن الملائكة تسلم وتحيي المسلمين فيها. وإن السلام فيها يستمر حتى طلوع الشمس. وقد حض رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أمته على اغتنام هذه الليلة بقوله: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». نسأل الله العظيم أن يجعلنا ممن يدرك هذه الليلة المباركة ويحظى بعفوه، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا وارحمنا.
واختتم الكتاب بالفصل الرابع عشر المعنون بـ«وداع شهر الصيام» ولسان حالنا يقول يا ليتنا لا نودعه لما فيه من بركة وخير وسرور وأمل، فأيامه الفاضلة ولياليه المباركة ستكون شاهدة لنا أو علينا بما استودعناه فيها من الأعمال، حسنها، وسيئها، حلوها ومرها، وربما يكون هذا آخر رمضان في حياتنا . في وداع رمضان لابد من التوبة والاستغفار، فإن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل. وفي ختام الشهر لابد من إخراج صدقة الفطر، وإذا علمنا تمام الشهر نبدأ بالتكبير من غروب شمس ليلة العيد، ثم نؤدي صلاة العيد صبيحة أول يوم العيد.
اللهم اجعلنا ومؤلف الكتاب ممن غفرت لهم وعتقت رقابهم من النار، وفازوا بمرضاتك وجنتك في هذا الشهر الكريم، اللهم إنا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا وأنت الغفور الرحيم.
{ أكاديمي وخبير اقتصادي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك