العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

المجالس والديوانيات الرمضانية الخليجية

بقلم: د. عمر الحسن

الخميس ٠٦ أبريل ٢٠٢٣ - 02:00

تعد‭ ‬الديوانيات‭ ‬والمجالس‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والكويت،‭ ‬أحد‭ ‬الخصائص‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الأصيلة‭ ‬المتوارثة‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬والأجداد،‭ ‬ولها‭ ‬تقاليد‭ ‬قديمة،‭ ‬رافقت‭ ‬أهل‭ ‬هذه‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬تطور‭ ‬دولتهم،‭ ‬فهي‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الترابط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬المواطنين،‭ ‬ونقل‭ ‬العادات‭ ‬والقيم‭ ‬بين‭ ‬الأجيال‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولها‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬اللحمة‭ ‬الوطنية،‭ ‬وتوثيق‭ ‬الصلات،‭ ‬وتجسيد‭ ‬قيم‭ ‬التواصل‭ ‬والتآلف‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع،‭ ‬كما‭ ‬تعد‭ ‬صيغة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬مباشرة‭ ‬تمارسها‭ ‬المجتمعات‭ ‬هناك،‭ ‬بحيث‭ ‬صارت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬تراثها‭ ‬وعاداتها‭ ‬وقيمها،‭ ‬وكما‭ ‬وصفها‭ ‬أحد‭ ‬الباحثين،‭ ‬فهي‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأسرة‭ ‬والعشيرة‭ ‬والقبيلة،‭ ‬ولكن‭ ‬دون‭ ‬الدولة،‭ ‬وتظل‭ ‬رمزًا‭ ‬لقيم‭ ‬المواطنة‭ ‬الصالحة،‭ ‬وتقوية‭ ‬النسيج‭ ‬الاجتماعي‭. ‬

وبجانب‭ ‬المجالس‭ ‬الأسبوعية‭ ‬أو‭ ‬الديوانيات‭ ‬التي‭ ‬تدار‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام،‭ ‬هناك‭ ‬المجالس‭ ‬والديوانيات‭ ‬الرمضانية،‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬السمات‭ ‬المميزة‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الخليجية،‭ ‬خاصة‭ ‬البحرين‭ ‬والكويت،‭ ‬وجزءًا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬عاداتهم‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك؛‭ ‬حيث‭ ‬تستقطب‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬والمقيمين،‭ ‬ومزيجا‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬والمثقفين‭ ‬والشخصيات‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوسط‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬يحرص،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المنسق‭ ‬المقيم‭ ‬لأنشطة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لدى‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬حضورها،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬عادات‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭ ‬الرسمية‭ ‬والشعبية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬السفير‭ ‬الألماني‭ ‬بالمملكة‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تقاليد‭ ‬تشكل‭ ‬ميزة‭ ‬اجتماعية‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعزيز‭ ‬تماسك‭ ‬المجتمع‮»‬‭. ‬

هذه‭ ‬المعاني،‭ ‬أكدها‭ ‬الباحث‭ ‬الكويتي‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الله‭ ‬العتيبي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الوسط‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬الدواوين‭ ‬والمجالس‭ ‬بصورة‭ ‬منتظمة،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة،‭ ‬حيث‭ ‬تمثل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬فرصة‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬ومعرفة‭ ‬طبيعته،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الرسميات،‭ ‬وتطويرا‭ ‬للعلاقات‭ ‬مع‭ ‬بلدانهم،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬تفيدهم‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬عند‭ ‬كتابة‭ ‬تقارير‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬حكوماتهم‭ ‬عن‭ ‬التركيبة‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وتسجيل‭ ‬تصورات‭ ‬المواطنين‭ ‬بشأن‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬النقاشات‭ ‬في‭ ‬الديوانيات‭ ‬والمجالس‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬موضوعا‭ ‬إلا‭ ‬وتتحدث‭ ‬عنه،‭ ‬كما‭ ‬أصبحت‭ ‬مادة‭ ‬إعلامية‭ ‬وخبرية‭ ‬للصحافة‭.‬

وتزداد‭ ‬أهمية‭ ‬المجالس‭ ‬والديوانيات‭ ‬الرمضانية‭ ‬لما‭ ‬لهذا‭ ‬الشهر‭ ‬من‭ ‬خصائصه‭ ‬الدينية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اجتذابها‭ ‬لكل‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع؛‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وأكاديمية‭ ‬وإعلامية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬بمنزلة‭ ‬برلمانات‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬الأفكار‭ ‬والاقتراحات‭ ‬والتصوّرات‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬يرتادها‭ ‬كل‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الشعب‭ ‬والوجهاء‭ ‬وقيادة‭ ‬البلاد،‭ ‬فتتحول‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمرات‭ ‬شعبية‭ ‬تُناقش‭ ‬فيها‭ ‬قضايا‭ ‬وأمور‭ ‬تمثل‭ ‬فرصة‭ ‬لطرح‭ ‬وتبادل‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬أمام‭ ‬القيادة‭ ‬والمسؤولين‭ ‬مباشرة،‭ ‬وسماع‭ ‬ردودهم‭ ‬حولها،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬بروتوكولية‭. ‬ولأنه‭ ‬يحضرها‭ ‬كل‭ ‬الأعمار؛‭ ‬فهي‭ ‬تؤدي‭ ‬دورًا‭ ‬يماثل‭ ‬دور‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية،‭ ‬فهي‭ ‬بمثابة‭ ‬مدارس‭ ‬لتعلم‭ ‬القيم‭ ‬والفضائل‭.‬

وفي‭ ‬البحرين‭ ‬تحظى‭ ‬المجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬بأهمية‭ ‬خاصة‭ ‬للاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬تلقاه‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬القيادة‭ ‬السياسية،‭ ‬والذي‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬يجريها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬أطياف‭ ‬الشعب،‭ ‬والزيارات‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وكذلك‭ ‬نواب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬لهذه‭ ‬المجالس،‭ ‬وحرصهم‭ ‬على‭ ‬الالتقاء‭ ‬بأصحابها،‭ ‬وهو‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬أرسى‭ ‬دعائمه‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‮»‬‭ -‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭- ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يستقبل‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬مجلسه‭ ‬الأسبوعي‭ ‬للاطمئنان‭ ‬على‭ ‬أحوالهم‭ ‬والتعرُّف‭ ‬على‭ ‬احتياجاتهم،‭ ‬ويتبادل‭ ‬معهم‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصالح‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭.‬

وعلى‭ ‬نهج‭ ‬الآباء‭ ‬والأجداد،‭ ‬سار‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‮»‬،‭ ‬إدراكا‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المجالس‭ ‬تعبّر‭ ‬عن‭ ‬نبض‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬وتعكس‭ ‬قضاياه‭ ‬ومشكلاته‭ ‬وهمومه،‭ ‬حيث‭ ‬استقبل‭ ‬عشية‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للشؤون‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وأعضاء‭ ‬السلك‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬المعتمد‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬مؤكدا‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬تواصل‭ ‬نهجها‭ ‬ورسالتها‭ ‬السامية‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬وترسيخ‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬التسامح‭ ‬والمحبة‭ ‬والسلام‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك‭ ‬واحترام‭ ‬الآخر‭. ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬التقى‭ ‬رؤساء‭ ‬الهيئات‭ ‬القضائية،‭ ‬وأبدى‭ ‬تقديره‭ ‬لتحملهم‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة،‭ ‬وتأمين‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين‭.‬

وكان‭ ‬لقاء‭ ‬اليوم‭ ‬الثالث‭ ‬مع‭ ‬رئيسي‭ ‬مجلسي‭ ‬النواب‭ ‬والشورى‭ ‬ونوابهما‭ ‬ورؤساء‭ ‬اللجان،‭ ‬وكانت‭ ‬مناسبة‭ ‬لإشادة‭ ‬جلالته‭ ‬بالنجاح‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬بغرفتيه‭ ‬النواب‭ ‬والشورى،‭ ‬باستضافة‭ ‬أعمال‭ ‬الدورة‭ ‬الـ146‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للاتحاد‭ ‬البرلماني‭ ‬الدولي‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬11‭-‬15‭ ‬مارس‭ ‬الماضي،‭ ‬وأكد‭ ‬جلالته‭ ‬أهمية‭ ‬مواصلة‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬السلطتين‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭. ‬

وخلال‭ ‬استقباله‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الرابع‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬وكبار‭ ‬الضباط،‭ ‬وقادة‭ ‬أجهزة‭ ‬قوة‭ ‬الدفاع‭ ‬ورئيس‭ ‬جهاز‭ ‬المخابرات‭ ‬والحرس‭ ‬الوطني،‭ ‬أكد‭ ‬تقديره‭ ‬لهذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬وجهودها‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتطبيق‭ ‬القانون،‭ ‬وحرص‭ ‬على‭ ‬التوجيه‭ ‬بضرورة‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬قوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭. ‬فيما‭ ‬تواصلت‭ ‬اللقاءات‭ ‬المباركة‭ ‬مع‭ ‬الوجهاء‭ ‬وأهالي‭ ‬المحافظات،‭ ‬وكانت‭ ‬رسالة‭ ‬جلالته‭ ‬هي‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬ومصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬أمنه‭ ‬واستقراره‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬توالت‭ ‬زيارات‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬كعادته‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬للمجالس‭ ‬الرمضانية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬محافظات‭ ‬البحرين،‭ ‬وفيها‭ ‬أثار‭ ‬سموه‭ ‬عديدا‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬في‭ ‬المملكة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬وتطوير‭ ‬بنيته‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وحتى‭ ‬تاريخ‭ ‬كتابة‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ ‬قد‭ ‬زار‭ ‬20‭ ‬مجلسا؛‭ ‬منها‭ ‬‮«‬القائد‭ ‬العام‭ ‬لقوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬و«خليفة‭ ‬الظهراني‮»‬‭ ‬و«علي‭ ‬صالح‭ ‬الصالح‮»‬،‭ ‬و‮«‬غانم‭ ‬بن‭ ‬فضل‭ ‬البوعينين‮»‬،‭ ‬و«نبيل‭ ‬الحمر‮»‬،‭ ‬و«سمير‭ ‬ناس‮»‬،‭ ‬و«أحمد‭ ‬العالي‮»‬،‭ ‬و«عادل‭ ‬العالي‮»‬،‭ ‬و«عبد‭ ‬الله‭ ‬النعيمي‮»‬،‭ ‬ومجالس‭ ‬عائلات‭ ‬‮«‬كانو‮»‬،‭ ‬و«المسلم‮»‬،‭ ‬و«الجلاهمة‮»‬،‭ ‬و«العصفور‮»‬،‭ ‬و«الزياني‮»‬،‭ ‬و‮«‬فيصل‭ ‬جواد‮»‬،‭ ‬و«فاروق‭ ‬المؤيد‮»‬،‭ ‬و«علي‭ ‬بن‭ ‬يوسف‭ ‬فخرو‮»‬،‭ ‬و«الكوهجي‮»‬،‭ ‬و«كازروني‮»‬‭ ‬ومجالس‭ ‬‮«‬يوسف‭ ‬الحواج‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬عدد‭ ‬زياراته‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬مجلسًا‭.‬

وكما‭ ‬‮«‬المجالس‮»‬‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬تأتي‭ ‬‮«‬الديوانيات‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬فقد‭ ‬ذكر‭ ‬تقرير‭ ‬لـ«صحيفة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬تعد‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬التراث‭ ‬التقليدي‭ ‬الكويتي،‭ ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬التركيبة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فإن‭ ‬القانون‭ ‬الكويتي‭ ‬رقم‭ ‬65‭ ‬لسنة‭ ‬1979،‭ ‬والقاضي‭ ‬بمنع‭ ‬تجمع‭ ‬الأفراد‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إذن،‭ ‬قد‭ ‬استثنى‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬الثالثة‭ ‬منه‭ ‬الديوانية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬عرفًا‭ ‬اجتماعيًا‭ ‬لازمًا‭ ‬ومتأصلاً‭ ‬في‭ ‬عادات‭ ‬الناس،‭ ‬وسمة‭ ‬الكويت‭ ‬وعلامتها‭ ‬الفارقة،‭ ‬رافقت‭ ‬أهلها‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مراحل‭ ‬تطور‭ ‬دولتهم،‭ ‬ولعبت‭ ‬دورًا‭ ‬في‭ ‬حياتهم،‭ ‬وتعتبر‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتحتل‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الكويتيين‭.‬

وعليه،‭ ‬فقد‭ ‬أعطى‭ ‬هذا‭ ‬الاستثناء‭ ‬للديوانية‭ ‬الكويتية‭ ‬دفعة‭ ‬سياسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬قوية،‭ ‬فباتت‭ ‬متنفسًا‭ ‬لأفراد‭ ‬الشعب‭ ‬للاجتماع،‭ ‬وتجاذب‭ ‬أطراف‭ ‬الحديث،‭ ‬وهي‭ ‬كما‭ ‬وصفتها‭ ‬‮«‬صحيفة‭ ‬السياسة‭ ‬الكويتية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أبلغ‭ ‬الطرق‭ ‬وأقصرها‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬قلوب‭ ‬الناس،‭ ‬ومنتدى‭ ‬دوري‭ ‬سياسي‭ ‬وثقافي‭ ‬واجتماعي،‭ ‬يناقش‭ ‬فيه‭ ‬روادها‭ ‬آخر‭ ‬الأخبار‭ ‬والموضوعات‭ ‬والقضايا‭ ‬الوطنية‭ ‬بأنواعها‭ ‬المختلفة‭ ‬بحرية‭ ‬وشفافية،‭ ‬وتعرض‭ ‬فيها‭ ‬المطالب‭ ‬التي‭ ‬تخص‭ ‬المواطنين‭ ‬وتمس‭ ‬حياتهم‭ ‬اليومية،‭ ‬ويتم‭ ‬خلالها‭ ‬تقديم‭ ‬الحلول‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬والقضايا،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬الوزن‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الكبير‭ ‬للقائمين‭ ‬عليها،‭ ‬حيث‭ ‬يرتادها‭ ‬القاصي‭ ‬والداني،‭ ‬المتعلم‭ ‬والأمي،‭ ‬الكبير‭ ‬والصغير،‭ ‬ويطرح‭ ‬النقاشُ‭ ‬فيها‭ ‬بأسلوب‭ ‬مفهوم‭ ‬للجميع‭ ‬ومحبب‭ ‬إلى‭ ‬قلوبهم‭. ‬

وفي‭ ‬الكويت‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الديوانيات‭ ‬التاريخية‭ ‬المشهورة،‭ ‬أذكر‭ ‬منها‭ ‬ديوانيات‭ ‬‮«‬الصقر‮»‬،‭ ‬و«الساير‮»‬،‭ ‬و«الشايع‮»‬،‭ ‬و«الخرافي‮»‬،‭ ‬و«البابطين‮»‬،‭ ‬و«عبداللطيف‭ ‬العثمان‮»‬،‭ ‬و«الغانم‮»‬‭ ‬وغيرها‭. ‬ولأنني‭ ‬من‭ ‬الرواد‭ ‬الدائمين‭ ‬لديوانية‭ ‬‮«‬الصقر‮»‬،‭ ‬كلما‭ ‬زرت‭ ‬الكويت،‭ ‬أود‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬لهذه‭ ‬الديوانية‭ ‬تاريخا‭ ‬سياسيا‭ ‬عريقا‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬فقد‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬ديوانية‭ ‬‮«‬عبدالله‭ ‬الصقر‮»‬،‭ ‬أول‭ ‬انتخابات‭ ‬كويتية‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬يوليو‭ ‬1938،‭ ‬بمشاركة‭ ‬320‭ ‬ناخبا،‭ ‬وأصبحت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬مقرا‭ ‬لاجتماعات‭ ‬أول‭ ‬مجلس‭ ‬تشريعي،‭ ‬ووضعت‭ ‬فيها‭ ‬الوثيقة‭ ‬الأولى‭ ‬للدستور‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬مواد،‭ ‬والتي‭ ‬لاقت‭ ‬موافقة‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬أحمد‭ ‬الجابر‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭. ‬

ومنذ‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬استمرت‭ ‬‮«‬ديوانية‭ ‬الصقر‮»‬،‭ ‬تمارس‭ ‬نشاطها‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬فهي‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬تربى‭ ‬فيها‭ ‬الأخوان‭ ‬‮«‬عبدالعزيز‮»‬،‭ ‬و‮«‬جاسم‮»‬‭ ‬الصقر‭-‬رحمهما‭ ‬الله‭- ‬وأصبح‭ ‬لهما‭ ‬تاريخ‭ ‬مشرف‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬الخليج‭ ‬أيضا،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهما‭ ‬دور‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬مواقف‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬أثناء‭ ‬احتلال‭ ‬النظام‭ ‬العراقي‭ ‬للكويت‭. ‬وبشكل‭ ‬كبير،‭ ‬مثّلت‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬عبدالعزيز‭ ‬الصقر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬جدة‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬الذي‭ ‬قاده‭ ‬مع‭ ‬500‭ ‬شخصية‭ ‬من‭ ‬وجهاء‭ ‬ورجالات‭ ‬الكويت،‭ ‬وصدر‭ ‬عنه‭ ‬وثيقة‭ ‬الطائف‭ ‬التي‭ ‬جددوا‭ ‬ولاءهم‭ ‬ومبايعتهم‭ ‬فيها‭ ‬لأسرة‭ ‬آل‭ ‬صباح،‭ ‬ردًا‭ ‬على‭ ‬ادعاءات‭ ‬النظام‭ ‬العراقي؛‭ ‬‮«‬علامة‭ ‬مضيئة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الكويت،‭ ‬حيث‭ ‬ألقى‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬كلمة‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬أمام‭ ‬المرحوم‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‮»‬،‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬وجاء‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬الجيل‭ ‬الذي‭ ‬بنى‭ ‬الكويت‭ ‬وأبناؤه،‭ ‬ونحن‭ ‬الذين‭ ‬استطعنا‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬بسواعدنا‭ ‬أن‭ ‬نجعل‭ ‬من‭ ‬الكويت‭ ‬منارة‭ ‬وحضارة،‭ ‬ونحن‭ ‬قادرون‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬وبعزيمتنا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬للكويت‭ ‬الحرة‭ ‬مجدها‭ ‬وبهاءها‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حدا‭ ‬بأمير‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬‮«‬جابر‭ ‬الأحمد‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬مواطن‭ ‬الكويت‭ ‬الأول‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬اللقب‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬غيره‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬المجالس‮»‬،‭ ‬و«الديوانيات‮»‬،‭ ‬سمة‭ ‬أساسية،‭ ‬وعادة‭ ‬متأصلة‭ ‬تضرب‭ ‬بجذورها‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬تاريخ‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬والكويت،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬مكونا‭ ‬أصيلا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬نسيجها‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وثقافة‭ ‬شعوبها؛‭ ‬فهي‭ ‬منارات‭ ‬للتعلم،‭ ‬ومصدر‭ ‬للأخبار،‭ ‬وساحة‭ ‬للنقاشات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الموضوعات‭ ‬والقضايا؛‭ ‬فضلا‭ ‬عما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬فريدة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬الغربية،‭ ‬يلتقي‭ ‬فيه‭ ‬المواطن‭ ‬مع‭ ‬قيادته‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الرسميات‭ ‬والقيود،‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬فلسفتها‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬أسرة‭ ‬واحدة،‭ ‬ومحور‭ ‬اهتمامهم‭ ‬واحد،‭ ‬وهو‭ ‬النهوض‭ ‬بالبلاد،‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها،‭ ‬وعلى‭ ‬لحمة‭ ‬شعبها‭. ‬

أختتم‭ ‬بالقول،‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬والبحرين‭ ‬والكويت‭ ‬والخليج‭ ‬العربي‭  ‬وأمتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬بخير‭ ‬وأمن‭ ‬وأمان‭ ‬وحفظ‭ ‬الله‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬وولي‭ ‬عهده‭ ‬الأمين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وشعب‭ ‬البحرين‭ ‬الوفي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا