يوميات سياسية
السيـــــــد زهـــــــره
هذه حربكم.. ليست حربنا
أمريكا والدول الغربية عموما يعتبرون أن حرب أوكرانيا حرب وجودية بالنسبة إليهم. بمعنى أنهم يعتبرون أن انتصار روسيا في الحرب سيعني في الوقت نفسه نهاية الهيمنة الغربية على النظام العالمي.
لهذا يعتبر الغرب أن إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا أكبر الأهداف الاستراتيجية في الوقت الحاضر.
ومن هذا المنطلق يستخدم الغرب كل أسلحته ويجند كل قواه وإمكانياته في مواجهة روسيا في هذه الحرب.
الغرب فتح مخازن أسلحته لأوكرانيا إلى أقصى حد. هذا غير التمويل وسبل الدعم اللامحدود الأخرى التي يقدمها.
والغرب اتخذ سلسلة عقوبات غير مسبوقة ضد روسيا في كل المجالات.
يفعل الغرب كل هذا وغيره على أمل أن يحول دون روسيا ودون تحقيق أي نصر في أوكرانيا.
من حق أمريكا والدول الغربية أن تعتبر الحرب وجودية بالنسبة إليها، ومن حقها أن تفعل ما تشاء كي تحقق ما ترى أنه مصالح استراتيجية لها.
المشكلة أن أمريكا والدول الغربية تريد أن تفرض موقفها من الحرب على الدول العربية وكل دول العالم.
تريد من كل دول العالم أن تتخذ نفس مواقفها من الحرب، وأن تلتزم بما تقرره هي من سياسات ومن إجراءات في مواجهة روسيا.
بعبارة أخرى، تريد أمريكا والدول الغربية من كل دول العالم أن تخوض معها هذه الحرب على كل الجبهات.
لهذا تابعنا في الفترة الماضية كيف تتخذ أمريكا والدول الغربية مواقف تعتبر شاذة ومستهجنة في عرف العلاقات بين الدول.
هي مثلا تشن هجوما عنيفا ضد أي دولة تقدم أسلحة لروسيا مثل إيران أو غيرها، مع أنه ليس لهم أي حق في الاعتراض على هذا.
وهم يريدون من الدول العربية وكل دول العالم أن تلتزم التزاما حرفيا بالعقوبات التي يقررونها هم ضد روسيا وتنفذها.
نقول هذا بمناسبة التقارير التي نشرت في الأيام القليلة الماضية والتي تحدثت عن انتقادات غربية لدولة الإمارات تحت زعم خرق العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ضد روسيا.
صحيفة الفاينانشيال تايمز ذكرت في تقرير لها بهذا الشأن أن مسؤولين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا زاروا أبوظبي في الأسابيع الأخيرة، لمطالبة الإمارات بوقف صادرات السلع الحيوية إلى روسيا، وهو ما يعتبرونه هم خرقا للعقوبات.
كما نعلم قبل هذا، افتعلت أمريكا أزمة مع السعودية بسبب قرار أوبك حول أسعار النفط والذي اعتبروه دعما للموقف الروسي.
هذه مواقف أمريكية غربية شاذة ومرفوضة، وتعتبر تدخلا سافرا في سيادة الدول واستقلالية قراراتها وسياساتها.
من قال إن السعودية أو الامارات أو أي دولة في العالم ملزمة بتبني موقف الغرب من الحرب؟.. من قال إن أي دولة ملزمة بمعاداة روسيا وفرض عقوبات عليها فقط لأن الغرب يريد هذا؟.. بأي وجه حق يطالبون أي دولة بالتخلي عن مصالحها في سبيل تحقيق مصالح الغرب؟
الحقيقة أن الدول العربية والأغلبية الساحقة من دول العالم منذ بداية حرب أوكرانيا اتخذت موقفا سليما تمثل في أمرين:
الأول: عدم الانحياز لطرف من أطراف الحرب والتزام الحياد.
والثاني: الدعوة إلى إنهاء الحرب وفق تسوية سلمية عادلة تحقق مصالح كل الأطراف.
هذا هو الموقف السليم الذي تحتمه مصالح الدول ويخدم السلم والأمن في العالم.
لهذا فإنه في مواجهة الضغوط التي تمارسها أمريكا والدول الغربية على الدول العربية ومختلف دول العالم، فإن الرفض يجب أن يكون حاسما. الرسالة التي يجب أن تصل الى الدول الغربية هي: هذه حربكم أنتم في الغرب.. ليست حربنا.. لسنا ملزمين بخوض هذه الحرب إلى جانبكم، وليس لكم الحق في أن تطالبونا بهذا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك