بعد شهور من العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان راح ضحيته الآلاف، بين قتيل وجريح، وشمل مناطق واسعة، دخل فجر أمس اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ، ليبقى الأمل معلقا على تنفيذ القرار الأممي رقم 1701 بشكل كامل، وضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني، ما يسمح بعودة النازحين، وإعادة إعمار المناطق المتضررة.
ومع بدء سريان وقف إطلاق النار، أعلنت قيادة الجيش اللبناني استكمال انتشارها في جنوب البلاد بتنسيق مباشر مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» بموجب القرار الأممي 1701، لكنها دعت اللبنانيين إلى التريث في العودة إلى القرى والبلدات الواقعة في المناطق الأمامية التي شهدت توغلا إسرائيليا انتظارا للانسحاب التام منها وفق اتفاق وقف إطلاق النار.
مع ذلك بدأ آلاف اللبنانيين أمس العودة الى مناطقهم وبلداتهم في أنحاء مختلفة من البلاد بعيد سريان الاتفاق.
ورغم أن اللبنانيين يواجهون تحديات إنسانية واجتماعية هائلة، فإن وقف إطلاق النار يشكل بصيص أمل في وضع حد لهذا العنف، وإعادة الحياة إلى طبيعتها ولو تدريجيا، وإعادة بناء ما دمره العدوان، ليس فقط ماديا، بل إنسانيا أيضا، لضمان مستقبل أكثر أمنا واستقرارا.
وفي كلمة له أمس، أكد نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية التزام حكومته بتنفيذ القرار الأممي رقم 1701، ولا سيما بخصوص نشر الجيش في جنوب الليطاني، مطالبا الكيان الإسرائيلي بالالتزام بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، وداعيا عموم اللبنانيين إلى التكاتف والتضامن لمواجهة التحديات التي تواجه بلادهم بعد العدوان.
وبحسب الاتفاق، تتسلّم قوات الجيش والقوى الأمنية اللبنانية المواقع التي يسيطر عليها حاليا الجيش الإسرائيلي وحزب الله، على أن تنضمّ الولايات المتحدة وفرنسا إلى الآلية الثلاثية التي تم إنشاؤها بعد حرب عام 2006 بين الطرفين، للإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار. وتضم اللجنة حاليا إسرائيل ولبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل).
وفي السياق ذاته، اعتبر نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني هذه اللحظة امتحانا لكل اللبنانيين لإنقاذ بلادهم وحماية مؤسساتها الدستورية، مؤكدا أن بلاده طوت لحظة تاريخية كانت الأخطر عليها، هددت شعبها وتاريخها.
بدوره، أكد علي حمية وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، التزام الحكومة اللبنانية بالقرار الأممي رقم 1701 ونشر الجيش في الجنوب، منوها بأهمية اتفاق وقف لإطلاق النار.
ولفت أيضا إلى التزام حكومة بلاده بتأمين كل احتياجات الجيش من أجل نشره في الجنوب، معتبرا أنه «لا مشكلة في نشر أي عدد من الجيش إنفاذا للقرار 1701».
وتبرز الأرقام التي خلفها العدوان الإسرائيلي على لبنان حجم المأساة التي عاناها السكان، حيث أسفرت الهجمات الإسرائيلية التي بدأت بشكل أعنف بداية أكتوبر الماضي عن مقتل 3823 شخصا وإصابة أكثر من 15 ألفا آخرين بجروح، بينهم حالات حرجة، فضلا عن تدمير آلاف الوحدات السكنية والمباني التجارية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك