زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
ميم والصراع الطبقي
على ذمة صحيفة مصرية فإن م. أ. شاب مصري يعيش مع أهله في قرية ريفية صغيرة، وتعلق قلبه بفتاة من أهل القرية اسمها علا، وكقروي يعرف ان الدخول الى البيوت يكون من أبوابها فقد قرر التقدم لطلب يد علا، واستشار أباه وأمه فاعترضا على الزواج من حيث المبدأ، لأن أسرة البنت «دون المستوى ونحن نريد لك عروسا تليق بمقامك ومقامنا ومكانتنا الاجتماعية»، قال لهم إن قلبه اختار علا، بات مدركا أنها تليق كنوع الزوجة التي يتمناها كل رجل لأنها جميلة وخلوقة ومؤدبة وحسنة التعليم، ولكن والديه قالا له: نجوم السماء أقرب لك. ولما تشوف حلمة ودنك! لأنها مش من توبنا. وأصيب م. بحزن عميق فهو يريد من والديه مباركة زواجه وفي نفس الوقت لم يكن مستعدا للزواج بواحدة يختارها أبواه على أساس مستواها الاجتماعي، وهكذا كرر المحاولة معهما لإقناعهما بتزويجه من علا، ولكنهما رفضا بعناد، وأبلغاه أن ألف من تتمناه «بس أنت شاور على أي واحدة بنت عيلة وإحنا نجوزها لك على طول»، فحاول أن يقول لهما إن علا بنت عيلة وليست بنت آوى، ولكن والديه كانا صما بكما، فما كان منه إلا ان قرر المضي قدما في مشروع الزواج واتفق مع أهل الفتاة على موعد الزفاف واللي بدو يصير، يصير، وكان لديه وقتها المال اللازم للمهر، ورتّب أمور بيت الزوجية.
وفي اليوم المحدد لإكمال مراسيم الزواج «الصامت»، شرع م. في ارتداء الملابس التي أعدها لهذه المناسبة العزيزة على قلبه، لينطلق الى مكان الحفل، وفجأة هجم عليه شخصان من «العتاولة» أوسعاه ضربا بالشلوت وباللكمات. وبعد ان سقط أرضا قاما بتوثيقه بالحبال على اليدين والرجلين.
وكان الشخصان العتاولة اللذان قاما بالاعتداء على م. هما أبوه وأمه. ومضيا الى أبعد من ذلك، ووضعاه في الاعتقال المنزلي التحفظي، أي تركاه محبوسا في غرفته حتى ساعة متأخرة من الليل أي إلى ان ضمنا ان حفل الزفاف فاته تماما، على أمل أن ذلك سيقنع أهل العروس بأنه ولد لعبنجي ومستهتر ومستهبل، وخرج م. من غرفة الحبس وهو يغلي من الغضب ويحس بالحرج لأنه خذل عروسه وجعلها موضع شماتة أهل القرية وتوجه الى مركز الشرطة حيث فتح بلاغا ضد والديه. المألوف عندنا هو أن البنت تساق مثل البهيمة الى بيت الزوجية ولا يكلف معظم الآباء والأمهات أنفسهم «مشقة» استشارة البنت بشأن من يتقدم للزواج بها، وصحيح ان بعض العائلات تتحكم ايضا في خيارات «الأولاد» فيما يتعلق بشريكة الحياة، ولكن وفي غالب الأحوال يكون من حق الشاب ان يوافق او يرفض الزواج بفلانة أو علانة، ولكن ان يبلغ الأمر بأم وأب ان يؤذيا ولدهما جسمانيا لأنه يريد الزواج بواحدة من عائلة غلبانة في نظرهما لإرغامه على الزواج بأخرى «ذات مستوى اجتماعي رفيع»، فهذا أمر شائن. شخصيا لن اقول لولدي مبروك إذا قال لي انه يريد الزواج من فتاة ما لا أعرف عنها شيئا، بل سأقول له: دعنا نتعرف أكثر على خلفيتها العائلية، ليس لمعرفة حجم ثروة أهلها ولكن لضمان أنها ليست خضراء دِمَن، اي حسناء في منبت سوء.. وبالمناسبة فإنني احشر أنفي حتى في خيارات عيالي الاجتماعية ولا أسمح لهم بزيارة الأصدقاء ما لم أكن مطمئنا أنهم أولاد/بنات ناس. وسبق لي ان منعت ولدي من مصادقة أكثر من زميل دراسة لأنني كنت متحفظا على سلوكهم.. ولكن لا أظن انني كنت سأمد يدي لضربه حتى لو قال انه يريد الزواج بنانسي عجرم (أضرب العجرمية ممكن، إذا لم تكن محروسة بعتاولة كعادتها، ولكن ان اضرب ولدي عوضا عن اقناعه بوجهة نظري بالمنطق والحجة فهذا ما لا يمكن أن يحدث).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك