العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٧ - الأربعاء ٠٤ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

ميم والصراع الطبقي

على‭ ‬ذمة‭ ‬صحيفة‭ ‬مصرية‭ ‬فإن‭ ‬م‭. ‬أ‭. ‬شاب‭ ‬مصري‭ ‬يعيش‭ ‬مع‭ ‬أهله‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬ريفية‭ ‬صغيرة،‭ ‬وتعلق‭ ‬قلبه‭ ‬بفتاة‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬اسمها‭ ‬علا،‭ ‬وكقروي‭ ‬يعرف‭ ‬ان‭ ‬الدخول‭ ‬الى‭ ‬البيوت‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬أبوابها‭ ‬فقد‭ ‬قرر‭ ‬التقدم‭ ‬لطلب‭ ‬يد‭ ‬علا،‭ ‬واستشار‭ ‬أباه‭ ‬وأمه‭ ‬فاعترضا‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ،‭ ‬لأن‭ ‬أسرة‭ ‬البنت‭ ‬‮«‬دون‭ ‬المستوى‭ ‬ونحن‭ ‬نريد‭ ‬لك‭ ‬عروسا‭ ‬تليق‭ ‬بمقامك‭ ‬ومقامنا‭ ‬ومكانتنا‭ ‬الاجتماعية‮»‬،‭ ‬قال‭ ‬لهم‭ ‬إن‭ ‬قلبه‭ ‬اختار‭ ‬علا،‭ ‬بات‭ ‬مدركا‭ ‬أنها‭ ‬تليق‭ ‬كنوع‭ ‬الزوجة‭ ‬التي‭ ‬يتمناها‭ ‬كل‭ ‬رجل‭ ‬لأنها‭ ‬جميلة‭ ‬وخلوقة‭ ‬ومؤدبة‭ ‬وحسنة‭ ‬التعليم،‭ ‬ولكن‭ ‬والديه‭ ‬قالا‭ ‬له‭: ‬نجوم‭ ‬السماء‭ ‬أقرب‭ ‬لك‭. ‬ولما‭ ‬تشوف‭ ‬حلمة‭ ‬ودنك‭! ‬لأنها‭ ‬مش‭ ‬من‭ ‬توبنا‭. ‬وأصيب‭ ‬م‭. ‬بحزن‭ ‬عميق‭ ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬من‭ ‬والديه‭ ‬مباركة‭ ‬زواجه‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستعدا‭ ‬للزواج‭ ‬بواحدة‭ ‬يختارها‭ ‬أبواه‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مستواها‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهكذا‭ ‬كرر‭ ‬المحاولة‭ ‬معهما‭ ‬لإقناعهما‭ ‬بتزويجه‭ ‬من‭ ‬علا،‭ ‬ولكنهما‭ ‬رفضا‭ ‬بعناد،‭ ‬وأبلغاه‭ ‬أن‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬تتمناه‭ ‬‮«‬بس‭ ‬أنت‭ ‬شاور‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬واحدة‭ ‬بنت‭ ‬عيلة‭ ‬وإحنا‭ ‬نجوزها‭ ‬لك‭ ‬على‭ ‬طول‮»‬،‭ ‬فحاول‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬لهما‭ ‬إن‭ ‬علا‭ ‬بنت‭ ‬عيلة‭ ‬وليست‭ ‬بنت‭ ‬آوى،‭ ‬ولكن‭ ‬والديه‭ ‬كانا‭ ‬صما‭ ‬بكما،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬قرر‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الزواج‭ ‬واتفق‭ ‬مع‭ ‬أهل‭ ‬الفتاة‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬الزفاف‭ ‬واللي‭ ‬بدو‭ ‬يصير،‭ ‬يصير،‭ ‬وكان‭ ‬لديه‭ ‬وقتها‭ ‬المال‭ ‬اللازم‭ ‬للمهر،‭ ‬ورتّب‭ ‬أمور‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية‭.‬

وفي‭ ‬اليوم‭ ‬المحدد‭ ‬لإكمال‭ ‬مراسيم‭ ‬الزواج‭ ‬‮«‬الصامت‮»‬،‭ ‬شرع‭ ‬م‭. ‬في‭ ‬ارتداء‭ ‬الملابس‭ ‬التي‭ ‬أعدها‭ ‬لهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬العزيزة‭ ‬على‭ ‬قلبه،‭ ‬لينطلق‭ ‬الى‭ ‬مكان‭ ‬الحفل،‭ ‬وفجأة‭ ‬هجم‭ ‬عليه‭ ‬شخصان‭ ‬من‭ ‬‮«‬العتاولة‮»‬‭ ‬أوسعاه‭ ‬ضربا‭ ‬بالشلوت‭ ‬وباللكمات‭. ‬وبعد‭ ‬ان‭ ‬سقط‭ ‬أرضا‭ ‬قاما‭ ‬بتوثيقه‭ ‬بالحبال‭ ‬على‭ ‬اليدين‭ ‬والرجلين‭. ‬

وكان‭ ‬الشخصان‭ ‬العتاولة‭ ‬اللذان‭ ‬قاما‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬م‭. ‬هما‭ ‬أبوه‭ ‬وأمه‭. ‬ومضيا‭ ‬الى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬ووضعاه‭ ‬في‭ ‬الاعتقال‭ ‬المنزلي‭ ‬التحفظي،‭ ‬أي‭ ‬تركاه‭ ‬محبوسا‭ ‬في‭ ‬غرفته‭ ‬حتى‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬ضمنا‭ ‬ان‭ ‬حفل‭ ‬الزفاف‭ ‬فاته‭ ‬تماما،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬سيقنع‭ ‬أهل‭ ‬العروس‭ ‬بأنه‭ ‬ولد‭ ‬لعبنجي‭ ‬ومستهتر‭ ‬ومستهبل،‭ ‬وخرج‭ ‬م‭. ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬الحبس‭ ‬وهو‭ ‬يغلي‭ ‬من‭ ‬الغضب‭ ‬ويحس‭ ‬بالحرج‭ ‬لأنه‭ ‬خذل‭ ‬عروسه‭ ‬وجعلها‭ ‬موضع‭ ‬شماتة‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬وتوجه‭ ‬الى‭ ‬مركز‭ ‬الشرطة‭ ‬حيث‭ ‬فتح‭ ‬بلاغا‭ ‬ضد‭ ‬والديه‭. ‬المألوف‭ ‬عندنا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬البنت‭ ‬تساق‭ ‬مثل‭ ‬البهيمة‭ ‬الى‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية‭ ‬ولا‭ ‬يكلف‭ ‬معظم‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬أنفسهم‭ ‬‮«‬مشقة‮»‬‭ ‬استشارة‭ ‬البنت‭ ‬بشأن‭ ‬من‭ ‬يتقدم‭ ‬للزواج‭ ‬بها،‭ ‬وصحيح‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬العائلات‭ ‬تتحكم‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬خيارات‭ ‬‮«‬الأولاد‮»‬‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بشريكة‭ ‬الحياة،‭ ‬ولكن‭ ‬وفي‭ ‬غالب‭ ‬الأحوال‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الشاب‭ ‬ان‭ ‬يوافق‭ ‬او‭ ‬يرفض‭ ‬الزواج‭ ‬بفلانة‭ ‬أو‭ ‬علانة،‭ ‬ولكن‭ ‬ان‭ ‬يبلغ‭ ‬الأمر‭ ‬بأم‭ ‬وأب‭ ‬ان‭ ‬يؤذيا‭ ‬ولدهما‭ ‬جسمانيا‭ ‬لأنه‭ ‬يريد‭ ‬الزواج‭ ‬بواحدة‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬غلبانة‭ ‬في‭ ‬نظرهما‭ ‬لإرغامه‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬بأخرى‭ ‬‮«‬ذات‭ ‬مستوى‭ ‬اجتماعي‭ ‬رفيع‮»‬،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬شائن‭. ‬شخصيا‭ ‬لن‭ ‬اقول‭ ‬لولدي‭ ‬مبروك‭ ‬إذا‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬انه‭ ‬يريد‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬فتاة‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬عنها‭ ‬شيئا،‭ ‬بل‭ ‬سأقول‭ ‬له‭: ‬دعنا‭ ‬نتعرف‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬خلفيتها‭ ‬العائلية،‭ ‬ليس‭ ‬لمعرفة‭ ‬حجم‭ ‬ثروة‭ ‬أهلها‭ ‬ولكن‭ ‬لضمان‭ ‬أنها‭ ‬ليست‭ ‬خضراء‭ ‬دِمَن،‭ ‬اي‭ ‬حسناء‭ ‬في‭ ‬منبت‭ ‬سوء‭.. ‬وبالمناسبة‭ ‬فإنني‭ ‬احشر‭ ‬أنفي‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬خيارات‭ ‬عيالي‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ولا‭ ‬أسمح‭ ‬لهم‭ ‬بزيارة‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬مطمئنا‭ ‬أنهم‭ ‬أولاد‭/‬بنات‭ ‬ناس‭. ‬وسبق‭ ‬لي‭ ‬ان‭ ‬منعت‭ ‬ولدي‭ ‬من‭ ‬مصادقة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬زميل‭ ‬دراسة‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬متحفظا‭ ‬على‭ ‬سلوكهم‭.. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أظن‭ ‬انني‭ ‬كنت‭ ‬سأمد‭ ‬يدي‭ ‬لضربه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬قال‭ ‬انه‭ ‬يريد‭ ‬الزواج‭ ‬بنانسي‭ ‬عجرم‭ (‬أضرب‭ ‬العجرمية‭ ‬ممكن،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬محروسة‭ ‬بعتاولة‭ ‬كعادتها،‭ ‬ولكن‭ ‬ان‭ ‬اضرب‭ ‬ولدي‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬اقناعه‭ ‬بوجهة‭ ‬نظري‭ ‬بالمنطق‭ ‬والحجة‭ ‬فهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭).‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا