زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
مرحبا بالبلاغيات المستحدثة
لا أعرف لماذا ذبحونا في المدرسة بما يسمى المحسنات البديعية، مع الاستشهاد بأقوال لابن العميد وابن العقيد وابن المقفع؟ أقول هذا رغم أنه تعجبني البلاغيات غير التقليدية، ربما لأنني درست البلاغة في المدرسة من تشبيه وطباق وجناس واستعارة مكنية وأخرى أوتوماتيكية، ورفضت جملة وتفصيلا -حتى وإلمامي باللغة العربية نص نص- أن تلزمني المدرسة الكتابة بأساليب أشخاص ماتوا قبل أكثر من ألف سنة، ورغم إعجابي بشعر أبي تمام فإنني لم استحسن قط قوله:
السيف أصدق أنباء من الكتبِ/ في حده الحد بين الجد واللعبِ/ بيض الصفائح لا سود الصحائف في/ متونهن جلاء الشك والريب.
وقالوا لنا إن أبا تمام برع هنا في التشبيه المرسل والاستعارة، ورغم البراعة المحسوسة فإنني أحسب أنه عكف حينا من الدهر طويلا لنظم البيتين، أي أنهما مصنوعان ومتكَلّفان، وإن كانا شاهدين على موهبة شعرية ضخمة.
وبالمقابل فإنني شديد الاعجاب بقدرة البعض على إتيان تعابير وأقوال تخالف ما هو متداول او متعارف عليه من حيل لغوية وبلاغيات وتلاعب بالألفاظ، ومن هؤلاء السيدة ليليان كارتر زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر التي قالت «كلما سمعت عيالي يتشاجرون ندمت على أنني لست عانسا «أما الساخر الأمريكي الأشهر مارك توين فقد قال ذات مرة لبعض أصدقائه: وصفت هذه المرأة الأسبوع الماضي بأنها أقبح من رأيت، ثم التقيت بأختها مؤخرا و«سحبت كلامي». وهو أيضا القائل إن نجاح الخطبة الجماهيرية يتوقف على حسن المقدمة وحسن الخاتمة وتقصير المسافة بينهما. ومن أقواله الرائعة «تفادى قراءة أي كتاب عن الصحة فقد يتسبب خطأ مطبعي فيه في خسارتك لصحتك»! أما أجمل ما قاله فهو: عندما كنت في الرابعة عشرة كان والدي أميا جاهلا بحيث كنت أتضايق من وجوده قربي، وبعد أن بلغت الحادية والعشرين عجبت من تعلمه أشياء كثيرة خلال السنوات السبع الماضية! وقال: كتبي مثل الماء، بينما كتب الآخرين مثل النبيذ. وكل الناس تشرب الماء! وعن الزواج قال الفيلسوف الإغريقي سقراط: عليك ان تتزوج في كل الأحوال، فلو وجدت زوجة طيبة فستكون سعيدا، أما إذا كانت سيئة فستكون فيلسوفا.. والكوميدي الامريكي الراحل غروشو ماركس هو القائل: تزوجت أمام قاض ولكن فات علي الاستعانة بمحامٍ!.. وعلى ذكر الزواج هناك الطرفة الشائعة عن رئيس الحكومة البريطاني ونستون تشيرتشل (وكان سكيرا) الذي قالت له سيدة خلال حفل: لو كنت زوجتك لوضعت لك السم في الكأس، فرد عليها تشيرتشل: ولو كنت زوجك لشربت الكأس المسموم. وتشيرتشل هو القائل: لا تجهد وترهق نفسك لتفادي الغواية/الإغراء لأنها ستتفاداك عندما تتقدم في السن! وهناك الرجل الذي شكا من ان زوجته تعاني من إعاقة في الكلام «تضطرها الى التوقف بين الحين والآخر لالتقاط أنفاسها» وإليك هذه المجموعة من الأقوال: النقود لا تشتري السعادة لكنها تسبب تعاسة من النوع الحميد!.. حتى بلوغي سن الثالثة عشرة كنت أحسب أن اسمي هو «هس»، واكتشفت أنني كنت محظوظا لأن صديقا لي أبلغني أنه كان يحسب أن «حمار» هو اسم الدلع الخاص به لكثرة ما استخدمه والده ومعلموه.
أضمن طريقة لوقف التغير المناخي أو إبطائه هو عرض الأمر على البرلمان/ المجلس الوطني/ مجلس الشورى. يقولون ان الحياة تبدأ في الخمسين. قد يكون ذلك صحيحا ولكن الأشياء الأخرى تبدأ في التساقط أو التمدد أو الانكماش في الخمسين. وعندما يصل الإنسان إلى تلك المرحلة التي يحسب فيها كل خطوة يخطوها، يكون قد بلغ من الكبر درجة تجعله عاجزا عن الذهاب الى أي مكان.. وعندما يقول كل أكثر من صديق: ما شاء الله عيني باردة.. أنت مازلت شبابا!! فاعلم انه راحت عليك، أي أن آثار الكبر صارت بادية عليك، فمثل هذا الكلام لا يقال لشخص شاب يستحق اللقب عن جدارة واستحقاق، بل يقال لك عندما تصل إلى مرحلة «راحت عليك» من باب البكش لرفع المعنويات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك