يقول الشاعر الروسي الشهير رسول حمزاتوف: «شيئان في الدنيا يستحقان المنازعات الكبيرة.. وطن حنون.. وامرأة رائعة»!
فما أروع المرأة حين تكون صاحبة رسالة سامية في الحياة، والأروع أن تكون رسالة التربية والتعليم، التي تصنع أجيال المستقبل، ومن ثم إحداث التغيير الإيجابي في مجتمعها.
هيفاء محمد بوحمود، امرأة من الزمن الجميل، تربوية مخضرمة، صاحبة 28 عاما خبرة في قطاع التربية والتعليم، عاشقة لمهنتها، قررت أن تترك أثرا في مجتمعها، وبأن يشعر الجميع بأنها حاضرة طوال الوقت عبر مسيرتها، فأصبحت نموذجا للعطاء اللامحدود، وللبذل من أجل الآخرين، أثبتت أن المرأة عماد المجتمع، تكليفا وليس تشريفا، وذلك من خلال القيام بدورها في صناعة الأجيال ومن ثم مسيرة التنمية بوطنها!
هي صاحبة مشوار طويل بين أروقة التربية والتعليم حافل بالنجاحات، لها تجربة مميزة في مجال التربية الرياضية حققت من خلالها الكثير من الإنجازات، وذلك برغم التحديات التي واجهتها، وما أكثرها.
«اخبار الخليج» حاورتها حول الرحلة، وأهم المحطات، وذلك في السطور التالية:
حدثينا عن نشأتك؟
-لقد نشأت في ظل أسرة محفزة على العلم والتعلم، رغم أن والدتي غير متعلمة، وكنت طفلة هادئة ومجتهدة ومتفوقة وعاشقة للرياضيات والمواد العلمية بشكل عام، وقد تمنيت في المرحلة الثانوية أن أصبح معلمة رياضيات، وأعربت عن ذلك في الرغبات التي قدمتها للتعليم الجامعي، حيث حددت ذلك كرغبة أولى، تليها معلمة علوم، ثم معلمة تربية رياضية، وحدث أن حصلت على بعثة للتربية الرياضية في جامعة البحرين، وهنا بدأ مشواري في حقل التربية والتعليم.
وماذا عن رياضة السباحة؟
- كانت دراستي لتخصص التربية الرياضية في جامعة البحرين حافزا قويا لي إلى تعلم بعض المهارات الرياضية منها رياضة السباحة التي أتقنتها حتى من قبل فترة الدراسة الجامعية، وكان الاتحاد البحريني للسباحة بحاجة إلى مدرب في ذلك الوقت وبالفعل بدأت معه كمساعد مدرب ثم مدرب، واستمتعت كثيرا بهذه التجربة التي أفادتني عبر مشواري الرياضي.
وبعد التخرج؟
- بعد التخرج في الجامعة عملت كمدرب لدى بعض الأندية وكذلك بالاتحاد البحريني للسباحة، وكنت أشارك في فعاليات عديدة في هذا المجال، كما عملت كمنقذة في جنة ديلمون، وكمدربة ايروبكس، وكمحكم في كل أنواع الألعاب الرياضية، وقد تدرجت في مشواري بالتربية والتعليم من درجة معلم إلى مشرف إداري ثم مدير مساعد ثم مدير، وقد حصلت مدرستي على عديد من الجوائز التي تؤكد المستوى المتميز لطالباتي في مختلف المجالات.
جوائز مثل ماذا؟
- لقد حازت المدرسة التي أديرها وهي الاستقلال الثانوية للبنات العديد من الجوائز على المستوي المحلي والإقليمي خلال عامي 2022-2023، منها جائزة دعم الابتكار الطلابي، كما احتلت المركز الأول في مسابقة زين لتدوير النفايات الإلكترونية فئة أفضل حملة توعوية، ونالت المركز الثاني في مسابقة علماء المستقبل فئة الابتكار العلمي وفي مسابقة الروبوتات الوطنية فئة مهام الروبوت وفي مسابقة البحرين الوطنية فئة المشاريع وفي مسابقة المقالة البيئية من المنظمة البيئية الإقليمية لحماية بيئة البحرين، وقد حظيت كذلك بالمركز الثالث في المعرض الدولي للحدائق وفي مسابقة جيبك للبحث البيئي وفي مسابقة البحرين الوطنية في الفئة الاعتيادية، ولا شك أن هذه النجاحات تحققت بفضل حسن الإدارة والقيادة والعمل بروح الفريق الواحد داخل المدرسة.
أصعب تحدٍ؟
- لعل أهم تحدٍ واجهني كان الانتقال من مجرد معلمة إلى قائدة، الأمر الذي تطلب مني تطوير المهارات الذاتية وشخصيتي بشكل عام، ونظرا لكوني عاشقة للعمل الإداري فقد كان من السهل علي القيام بمهامي القيادية بنجاح لافت، وأذكر أنه حين أصبحت منسقا في مجال الكونترول أصبحت مهيأة بشدة لأن أصبح قائدة.
ما مواصفات القيادي الناجح في رأيك؟
- القيادي الناجح هو الذي يتبع سياسة العمل الجماعي، بمعني عدم الانفراد بأي قرار يتخذه، ومن ثم الحرص الدائم على مشاركة الآخرين في كل خطواته، حتى مع أصحاب المناصب البسيطة، فضلا عن انتهاج مبدأ المرونة في تعامله مع أفراد الفريق، وكذلك تمتعه بالقدرة على الأخذ والعطاء، ولا شك أن أي قيادي يواجه الكثير من الصعوبات والعثرات، ولكن بالصبر والمثابرة يمكن تحقيق أي هدف والتغلب علي أي مشاكل قد تعترض طريقه، وشخصيا تعلمت الكثير من التحديات التي واجهتني.
ماذا علمتك التحديات؟
- تعلمت من خلال التحديات التي واجهتني كيفية التعامل مع الآخرين، والتحلي بالنظرة الحيادية، وعدم الاستبداد بوجهة نظري، ويمكن القول إن أي حروب أو مكائد صادفتها قد أفادتني مهنيا وإنسانيا، فقد ساهمت في تشكيل شخصيتي بل وفي تحقيقي للنجاح في أداء مهمتي، وأنا بصفة عامة أرى أن أي شخص هو المسؤول أولا عن فشله أو نجاحه، وبالنسبة إلى المرأة فلست على قناعة بأنها تفشل بمعنى الفشل، ولكنها قد تصاب بنوع من الإحباط أو خيبة أمل أحيانا وسرعان ما تجتاز هذه المشاعر السلبية من خلال إيمانها بنفسها وبقدراتها وبحلمها، واتخاذها من أي عقبة درسا في الحياة.
كيف ترين دور المعلم التربوي اليوم؟
- لا شك أن للمعلم دورا كبيرا في التربية جنبا إلى جنب مع الآباء، ولا بد أن يعمل الجميع من أجل صناعة جيل صالح وسوي، وأن يقوم المعلم بإيصال المعلومات للطالب بأسلوب ينمي شخصيته ويطور من مهاراته، وعبر 28 عاما من الخدمة في حقل التربية والتعليم حاولت تطبيق ذلك مع طالباتي من خلال التركيز على تطوير الذات لديهن بما يواكب المستجدات من حولنا، والوقوف على احتياجاتهن العصرية، وهذا ما ينبغي العمل به بشكل عام داخل مدارسنا.
ما أهم احتياجات الجيل الجديد؟
- بالطبع احتياجات الجيل الجديد اختلفت عما كانت في السابق ولعل أهم شيء يستوقفني هنا ما يتعلق بكيفية استخدام التكنولوجيا الحديثة بأسلوب صحيح، بما يخدم الطالب نفسه ومجتمعه في ذات الوقت، خاصة وأن البعض أساء هذا الاستخدام حاليا، وهنا تقع المسؤولية الأولى على عاتق الآباء، فالثقافة الإلكترونية حاليا تمثل سلاحا ذا حدين، لذلك لا بد من توفير قدر من المتابعة والتوجيه المستمرين لكونها تشكل أكبر خطورة على الجيل الصاعد، وأود هنا أن أثني على دور وزارة التربية والتعليم في ذلك بهدف توعية الطلبة وذلك من خلال تنظيم العديد من الورش والمسابقات والفعاليات في هذا الصدد.
*أهم قيمة غرستها في نفوس أبنائك؟
- أهم قيمة حرصت على غرسها في نفوس أبنائي هي الصدق مع النفس ومع الآخرين، خاصة في عصر يغلب عليه الزيف في كثير من الأحيان، هذا فضلا عن الاهتمام بممارسة الرياضة وإتقان بعضها وهي من الأمور التي تؤثر في تشكيل الشخصية بشكل عام ومن ثم في مسيرتها.
*إلى أي مدى تحظى التربية الرياضية بالاهتمام حاليا؟
-شخصيا أرى الرياضة اليوم وبشكل عام قد حصلت على مكانة مرموقة وخاصة خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، فقد أصبح هناك تشجيع كبير لأبنائنا علي ممارستها والإبداع فيها وبمختلف أنواعها، من فروسية وسباحة وغيرها، وهذا هو توجه حميد لمملكتنا، مع العلم أن ممارسة الرياضة تخفف من الضغوط النفسية أو العلمية التي يعاني منها معظم أبنائنا إلي جانب كونها وسيلة للترفيه وللمتعة.
*أشد محنة؟
- أشد محنة مرت بي كانت وفاة زوجي رحمه الله فقد كان منبع الرجولة والحنان والظهر والسند لي، وبفضل دعمه وتشجيعه لي تمكنت من تحقيق ما وصلت إليه اليوم واستطعت أن أوازن بين مهامي كزوجة وأم وامرأة عاملة، وأن أتغلب على أي معوقات وأواصل مسيرتي بكل بقوة وإصرار.
*أهم درس علمتك إياه مدرسة الحياة؟
- الحياة كلها عبر ودروس ولعل أهم درس تعلمته عبر تجربتي ومسيرتي هو «من يعطيني صفعة لا أردها له، بل اعتبرها درسا أستفيد منه ويكون مصدر قوة لي، فما أكثر الصفعات التي لم تكسرني، بل استخدمتها في بناء أهدافي ووضع الخطط لتحقيقها.
*ما هو حلمك القادم؟
- كم أنا إنسانة محظوظة بشدة لتمكني من بلوغ معظم طموحاتي وتحقيق الكثير من أحلامي، ويظل أملي في أن أرى أبنائي في مراكز تليق بهم هو الأهم بالنسبة إلي في المرحلة القادمة، وعموما يبقى استمراري في العمل والعطاء هو أقصي طموحي لإيماني بأن كيان المرأة في عملها طالما أنها قادرة على المواصلة والإنجاز.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك