تقرير: علي عبدالخالق
مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية 2024، على حساب الديمقراطية كامالا هاريس، قد تتحول أفكاره الاقتصادية إلى حقيقة واقعة قريبًا، والتحول إلى شعار «أمريكا أولًا»، وتخفيضات ضريبية، ورسوم جمركية، وحروب تجارية، وطفرة في العملات المشفرة، بحسب «دويتش فيله».
وعقب إعلان فوزه الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية، قال دونالد ترامب إنه حقق أرقامًا غير مسبوقة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية متعهدًا للأمريكيين بالعمل الجاد. ومن شأن فوز ترامب أن يفرض واقعًا جديدًا على الاقتصاد العالمي، إذ إن العديد من أفكاره الاقتصادية تشبه أفكاره في أول مرة تولى فيها السلطة، لكن هذه المرة أصبحت أفكاره أكثر دقة، كما أصبح يتمتع بخبرة أكبر وعزيمة أكبر على دفعها إلى الأمام.
إنعاش الاقتصاد
قال الخبير الاقتصادي، د. عمر العبيدلي إن فوز ترامب له أثر إيجابي على الاقتصاد الامريكي ومن ثم الاقتصاد العالمي لأنه يفضل السياسات التي تحرك وتنعش الاقتصاد على عكس القيادة الديمقراطية التي تركز على إعادة توزيع الثروات بدلا من تنمية الاقتصاد.
وأضاف العبيدلي: انعكس ذلك على أداء البورصات وسعر الدولار، وفيما يخص منطقتنا أي تحسن في الاقتصاد العالمي ينعكس إيجاباً على منطقتنا لأنه يؤدي الى ارتفاع الطلب على النفط وبالتالي ارتفاع اسعاره.
ولفت العبيدلي إلى أن هناك تساؤلات كبيرة حول سياسة ترامب نحو منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما سيكون له أثر كبير على الاقتصاد في منطقتنا. وقال، “لم تتضح الصورة بعد حول توجهاته حول المنطقة، ولكن سنتيقن من ذلك بعد مرور شهرين على الأقل من بعد استلام ترامب الرئاسة العام المقبل”.
وعوده الاقتصادية
وعد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% أو 20% على جميع السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، ورسوم جمركية أعلى بنسبة 60% على الأشياء المصنوعة في الصين، وفي الوقت نفسه وعد بإعادة التصنيع إلى الوطن، وخفض الضرائب، وترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين.
كانت هذه الوعود كافية لإقناع العديد من الناخبين الذين يعانون ارتفاع أسعار المواد الغذائية والإسكان بأنهم سيكونون في وضع أفضل اقتصاديًا إذا دعموا ترامب.
كيف تفاعلت الأسواق العالمية؟
تراجعت أسعار النفط، أمس الأربعاء، بفعل ارتفاع الدولار بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة.
ويعتقد المستثمرون أن إدارة ترامب ستعزز قيمة الدولار إذ سيلزم إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم الذي قد ينتج عن فرض تعريفات جمركية واتباع سياسات جديدة قد تزيد الضغط على اقتصاد الصين، مما قد يضعف الطلب هناك.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.04 دولار أو 1.4 بالمائة لتتداول عند 74.49 دولارا للبرميل بحلول الساعة 11:46 بتوقيت غرينتش، في حين نزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.04 دولار أو 1.4 بالمائة إلى 70.95 دولارا للبرميل.
وإلى جانب ارتفاع الدولار الذي يلقي بظلاله على أسعار السلع الأولية، فإن رئاسة ترامب قد تشهد تبني سياسات من شأنها أن تزيد الضغوط على اقتصاد الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم وبالتالي إضعاف الطلب، وفقا للمحللة المستقلة تينا تنج.
ويتجه الدولار لتحقيق أكبر ارتفاع يومي منذ مارس 2020 مقابل نظرائه الرئيسيين وسط انطلاق ما يسمى «التداولات المراهنة على سياسة ترامب».
من جانب آخر ارتفعت أسهم شركة الإعلام التابعة لدونالد ترامب، بعد إعلان حملته الفوز في الانتخابات الأمريكية، في التعاملات المبكرة بشكل قوي. وصعدت أسهم مجموعة «ترامب للإعلام والتكنولوجيا» بأكثر من 30 بالمائة في التداولات الآجلة، ليصل سعر السهم في تعاملات ما قبل التداول إلى نحو 44.84 دولارا للسهم.
فيما بلغت أسعار الذهب أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع تقريبًا أمس الأربعاء، بفعل حفاظ الدولار على قوته مع ارتفاع التداولات، فيما يترقب المستثمرون الاجتماع المقبل لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن السياسة النقدية.
وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.8 بالمائة إلى 2721.21 دولارا للأوقية .وهبطت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.7 بالمائة إلى 2730.20 دولارا.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 1.4 بالمائة إلى 32.19 دولارا للأوقية، وتراجع البلاتين 1.2 بالمائة إلى 987.43 دولارا، وانخفض البلاديوم 1.4 بالمائة إلى 1060.94 دولارا.
البيتكوين يصل إلى أعلى مستوى
وعد ترامب بتحويل أمريكا إلى عاصمة العملات المشفرة على مستوى العالم من خلال وقف التنظيم والانفتاح بشكل أكبر على الابتكار. وقد أعطى دعمه للعملات المشفرة الأمل للصناعة في الولايات المتحدة.
وصلت عملة البيتكوين، العملة المشفرة الأكثر شعبية، إلى مستوى قياسي عند أكثر من 75 ألف دولار (69800 يورو) في وقت ما أمس الأربعاء.
يرغب العديد من أنصار العملات المشفرة مثل إيلون ماسك في رؤيته منتخبًا، وقد تبرع بعض الأفراد وشركات العملات المشفرة بملايين الدولارات للجان العمل السياسي لدعم المرشحين الذين يختارونهم.
التوترات الجيوسياسية
شجعت سياسات ترامب بعض الاتفاقيات السياسية في المنطقة، مثل اتفاقيات التطبيع، والتي كان لها تأثير على توجهات الاستثمارات وسوق المال؛ حيث أدت إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية وإبرام عقود تجارية جديدة، لكنها في الوقت ذاته أوجدت تباينات في المواقف السياسية بين دول المنطقة أثرت على توازن الأسواق.
كما انسحب ترامب من عدة اتفاقيات دولية، بما في ذلك الاتفاق النووي مع إيران، مما خلق حالة من التوتر وعدم اليقين، وأثر على الأسواق بشكل مباشر؛ حيث كان المستثمرون يترقبون دوماً أي خطوات تصعيدية بين الولايات المتحدة وإيران، والتي قد تؤدي إلى اضطرابات في المنطقة، مما يؤثر على استقرار الأسواق.
ويرى الخبير الاقتصادي د. سعيد الفقي أن فوز ترامب سيحدث تأثيرًا كبيرًا على الأسواق في الشرق الأوسط، فقد كان تأثيره ملحوظًا في قطاعات الطاقة، وأسواق المال، والتجارة الدولية، وأسعار الذهب، وامتد إلى الجوانب الجيوسياسية، مما زاد من حالة عدم الاستقرار وعدم اليقين في الأسواق.
وأضاف: «بشكل عام، أدت سياسات ترامب إلى خلق بيئة اقتصادية وسياسية غير مستقرة للشرق الأوسط. ورغم بعض الفوائد المحتملة مثل تحفيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الاقتصادية، فإن عدم الاستقرار العام يظل من العوامل التي قد تُعيق تحقيق التنمية المستدامة في الأسواق الشرق أوسطية».
من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي علي فقيه: سيتخذ دونالد ترامب عند فوزه في الانتخابات الأمريكية 2024م مجموعة من السياسات الاقتصادية من أجل تعزيز الاقتصاد الأمريكي والتي سوف تؤثر على أسواقنا الخليجية بأشكال مختلفة. فمثلاً، سياسة خفض الضريبة على الشركات من 21 إلى 15 بالمائة وغيرها من السياسات الداعمة للأعمال التجارية ستسهم في زيادة قيمة الأسهم في الأسواق المالية الأمريكية، مما سوف يضيف قيمة مضافة للمستثمرين الخليجيين فيها، بالإضافة إلى رفع عائدات الصناديق السيادية في مختلف القطاعات التي تم الاستثمار فيها.
ويضيف فقيه: من جانب آخر، فإن تعزيز التجارة الداخلية والاستثمار وخصوصاً في القطاع النفطي سوف يسهم من جانب آخر في خفض ملحوظ في سعر برميل النفط عالمياً، ولكن تأثيره محدود على مصادر دخل الحكومات الخليجية نتيجة لسياسات التنويع الاقتصادي التي تقوم بها من جهة، وسياسة الاوبيك بلاس لخفض الانتاج من جهة أخرى. وأخيراً، فإنه على المديين القصير والمتوسط، من الممكن أن تسهم سياسات ترامب الاقتصادية في إحداث نمو كبير في الاقتصاد الأمريكي، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يرد البنك الفيدرالي برفع الفائدة تدريجياً خوفاً من زيادة التضخم في البلاد، ونتيجة لارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي، سوف نشهد زيادة في معدل الفائدة لدينا، مما يعني أن قيمة الاقتراض سوف تكون أكبر مما كانت عليه في السابق، والتي سيكون لها تأثير مباشر، ولكن غير كبير على الاستثمار والأسواق المالية لدى دول مجلس التعاون.
من جانبه قال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة سنشري فاينانشال: «سيكون لفوز ترامب تأثير متباين في العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج بسبب عدة عوامل، مثل التعريفات التجارية، وإنتاج النفط، والدعم الأمريكي القوي، وحل النزاعات العاجل، وقد تعمل التعريفات الجمركية التي اقترحها ترامب على الواردات على تعزيز الدولار الأمريكي من خلال خفض الإنفاق على السلع الأجنبية، مما يعود بالنفع على عملات دول مجلس التعاون الخليجي مثل الريال السعودي أو الدرهم الإماراتي. كما أن الدولار الأقوى نتيجة لسياسات ترامب الوقائية من شأنه أن يزيد من الاستثمار الأجنبي في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي».
وأضاف: «إن فرض تعريفات جمركية عالية على الشركاء التجاريين في دول الخليج من شأنه أن يجهد العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج. ومع ذلك، إذا تم التوصل إلى اتفاقية تجارية مواتية بين المنطقتين، فيمكن الحفاظ على التوازن والعلاقات القوية».
وقال: «بما أن ترامب مؤيد للوقود الأحفوري، فإنه سيركز على تحسين سوق الطاقة الأمريكية من خلال زيادة إنتاج النفط الأمريكي. وقد يؤدي موقفه المتشدد بشأن بعض القضايا الجيوسياسية إلى زيادة علاوة المخاطر في النفط. لذا، من المرجح أن يكون التأثير الإجمالي في الأمد المتوسط خافتًا على السلعة. علاوة على ذلك، تعمل دول الخليج بنشاط على تحسين اقتصادها غير النفطي، حيث من المتوقع أن ينمو القطاع غير النفطي في الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5.2% في عام 2024، وأن تشهد السعودية نموًا في القطاع غير النفطي بنسبة 4.2% على أساس سنوي. علاوة على ذلك، من المتوقع أن يكون أي تصعيد جيوسياسي قد يضر بإمدادات النفط إيجابيًّا للسلعة».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك