إيمانًا بدورها المجتمعي ومسؤوليتها الاجتماعية، تولت النيابة العامة عدة مبادرات وقائية تخطت الأدوار التقليدية لأعمال التحقيق، وجاء ذلك نتيجة رؤية النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين التي سلطت الضوء على أهمية تبني إجراءات وقائية.
ومع توسع الفضاء الإلكتروني وتنوع استخداماته وزيادة استعمال الأطفال لشبكة المعلومات الدولية، تبرز أهمية التوعية كإجراء وقائي للحد من الجرائم، ومن هنا جاءت الحملة الوطنية التوعوية لحماية الأطفال من الاستغلال والابتزاز الإلكتروني تحت شعار «حماية»، بهدف تضافر الجهود والمشاركة الفعالة من جميع وزارات الدولة وهيئاتها ومؤسسات المجتمع المدني.
تستهدف الحملة الأطفال وأولياء أمورهم والقائمين على تربيتهم، بهدف زيادة الوعي حول الأفعال المرتكبة في الفضاء الإلكتروني مثل الابتزاز والاستغلال الجنسي للأطفال، وتهدف إلى الوقاية من التعرض لهذه الأفعال عبر فهمها والتصدّي لها.
لذلك، نطالب أولياء الأمور بمراقبة أطفالهم في أوقات فراغهم -وخصوصاً في المراحل العمرية الحرجة- التي تتشكل فيها شخصياتهم وتُستهدف فيها أخلاقهم بدخائل عن المجتمع، والاطلاع على المواقع الإلكترونية التي يرتادونها، ودراسة الألعاب الإلكترونية والمحادثات التي تجري فيها، كما تهيب بالآباء وولاة الأمور إلى تحمل مسؤولياتهم في ترشيد انخراط أبنائهم في الألعاب الإلكترونية التي تضرهم ولا تنفعهم وتلحق الأذى النفسي والفكري والبدني بهم وتناشدهم عدم تركهم نهباً لعزلة ووحدة تفضيان بهم إلى عواقب وخيمة، وأن يحسنوا إليهم غرس القيم المنضبطة والتقاليد الأصيلة في نفوسهم، وعليهم الانتباه لتغيرات أنماط شخصية الأطفال، وطلبهم لمبالغ مالية غير معتادة، حيث يمكن أن تكون هذه مؤشرات على تعرض الطفل للاستغلال والابتزاز الإلكتروني.
ونشدد على ضرورة التعامل بحكمة وثقة إذا كشف الطفل عن تعرضه لأي ابتزاز أو استغلال إلكتروني، والإنصات إليهم بكل هدوء، فالهدوء واللين من جانب ولي الأمر يسهمان في طمأنة الطفل للكشف عن تفاصيل الجريمة استنفاداً لكافة السبل الممكنة بلوغاً للحقيقة في تلك الوقائع، مما يعين الجهات المختصة في ضبط الجناة، ويجب تغيير كلمات المرور الخاصة بالطفل، وعدم التجاوب مع المبتز، والإبلاغ الفوري للجهات المعنية ولا سيما أن تلك الجهات قد أتاحت منافذ متعددة للإبلاغ.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن القانون كفل حماية هوية الأطفال ومقدمي البلاغات عنهم، وذلك بعدم تمكين الغير من الوقوف على شخصيتهم والوصول إليهم، فضلاً عن التعامل مع تلك البلاغات بأعلى درجات السرية والخصوصية، حيث تتعامل الجهات المنوط بها استقبال مثل تلك البلاغات سواء وحدة حماية الطفل في الفضاء الإلكتروني بوزارة الداخلية، أو مركز حماية الطفل بوزارة التنمية الاجتماعية، وكذلك التحقيق المُجرى بمعرفة النيابة العامة وفقَ المصالح الفُضلى للطفل، إذ يُعدّ الأخير جوهر أي قرار يُتخذ، وتكون مصلحته من أُولى المصالح المنظور إليها.
أطفال اليوم هم شباب المستقبل، وحمايتهم مسؤوليتنا جميعًا من خلال الدعم، والتوعية، والحماية من الوقوع في براثن الجريمة، فبحسن تأهيلهم تنهض الأمم وتزدهر، وبضياعهم تنحسر الأمم وتنحدر.
رئيس النيابة
نورة المعلا
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك