لم تكتف ممرضة بالانقطاع عن العمل أكثر من 16 عاما بل عادت تطالب بتحديد موقفها القانوني وتسوية مستحقاتها المالية او توفير عمل مناسب لها كونها تعرضت لحادث منذ ذلك التوقيت، حيث اكتشفت فصلها عن العمل بسبب الانقطاع فرفعت دعوى قضائية تطالب بإحالتها الى التقاعد بسبب عدم اللياقة نتيجة الإصابة، حيث رفضت محكمة أول درجة دعواها فلم ترض الحكم وطعنت عليه أمام محكمة الاستئناف العليا التي أيدت الحكم وقالت ان المدعية لم تتقدم طوال 16 عاما بأي طلب للحصول على إجازة من أي نوع، ولم تقدم أي مبررات للانقطاع، كما لم تقدم أي دليل على اتصالها بجهة العمل، إلا بعد 16 سنة، وهي مدة كافية لتأكيد نيتها هجر الوظيفة وعدم الرغبة فيها.
بداية الواقعة تعود إلى عودة المدعية الى المستشفى بعد غياب تلك الفترة وقدمت طلبا لإحالتها الى التقاعد مع التقارير الطبية التي تفيد عدم قدرتها على أداء عملها، او توفير عمل مناسب أو إحالتها الى اللجان الطبية للنظر فيما إذا كانت لائقة من الناحية الصحية لأداء مهام عملها من عدمه إلا أنهما لم تتلق جوابا على طلبها كون جهة العمل اعتبرتها مستقيلة ضمنيا وأنهت خدماتها، فرفعت دعواها تطالب بعرضها على اللجان الطبية لإجراء الكشف الطبي عليها والاطلاع على سجلها الوظيفي للوقوف على حقيقة حالتها ومدى لياقتها للقيام بمهام عملها من عدمه، وإلغاء قرار جهة العمل بالامتناع عن إحالتها الى التقاعد بسبب عدم اللياقة الصحية، والقضاء بإنهاء خدمتها عملاً بنص المادة 25 من المرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2010 بشأن الخدمة المدنية.
حيث باشرت محكمة أول درجة الدعوى واطلعت على التقرير الطبي الذي بين أن المدعية غير قادرة على العمل كممرضة في الوقت الحالي، لكنها تستطيع القيام بالعمل المكتبي، وقدمت جهة عملها ما يفيد انقطاع المدعية عن العمل أكثر من 16 عاما من دون أي عذر، مما ترتب عليه إنهاء خدمتها باعتبارها مستقيلة ضمنياً، وهو ما قضت معه محكمة أول درجة برفض الدعوى، وقالت إنه يشترط أن يكون للمدعية مصلحة شخصية ومباشرة في الدعوى حتى يتسنى لها اللجوء بطلب حماية حقها القانوني، إلا أنه ثبت أن المدعية تم إنهاء خدمتها باعتبارها مستقيلة ضمنياً، وهو ما ينتفي معه شرط المصلحة الذي يبرر اللجوء إلى القضاء ورفع الدعوى، فيما لم ترض المدعية الحكم وطعنت عليه أمام محكمة الاستئناف مدعية خطأ الحكم في تطبيق القانون، حيث سبق للمستأنفة مخاطبة جهة عملها لحثهم على تحديد مركزها القانوني، ولم تتلق ردا وهو ما حدا بها إلى إقامة دعواها.
وباشرت محكمة الاستئناف الدعوى وأشارت الى أن المستأنفة منقطعة عن العمل منذ 2006 ولم تراجع جهة عملها إلا في 2023، ومن ثم فإن المستأنفة انقطعت عن العمل بما يجاوز ست عشرة سنة من دون مراجعة جهة عملها للوقوف على حقيقة مركزها القانوني.
وأكدت أن الحياة الوظيفية للموظف العام تنتج آثارها يوما بيوم، حيث يجب على الموظف الحضور إلى عمله كل يوم من أيام العمل الرسمية، وألا ينصرف عن عمله إلا في توقيت محدد كذلك، ويتقاضى لقاء ذلك راتبه شهريا، وهذا الراتب هو بحسب الأصل المورد الرئيس لنفقات معيشته، ويجب على الموظف الحصول على إذن أو ترخيص بالانقطاع عن العمل حتى لو كان لبعض الوقت، وكذلك إبلاغ جهة العمل بأي انقطاع مفاجئ، حتى الإجازات الخاصة بدون مرتب، وكل أنواع الإجازات، ومن ثم فإن انقطاع المستأنفة طيلة ست عشرة سنة عن عملها، وعدم تقدمها خلالها بأي طلب للحصول على إجازة من أي نوع، أو مبررات للانقطاع، أو أي دليل على اتصالها بالجهة الإدارية، الا بعد 16 سنة، فتعد مدة كافية بذاتها لتأكيد نيتها هجر الوظيفة وعدم الرغبة فيها.
وقالت في حيثيات الحكم انه في تلك الحالة يكون من العبث إلزام جهة العمل تحذيرها وإنذارها من مغبة الانقطاع، وهو ما حدا بجهة العمل إنهاء خدمة المستأنفة للانقطاع بما يفيد أن الدعوى أصبحت عديمة الأثر بعد صدور قرار إنهاء الخدمة. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً، ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنفة المصروفات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك