لاهاي – الوكالات: قالت محكمة العدل الدولية أمس إن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والمستوطنات المقامة عليها غير قانونيين ويتعين عليها إنهاء وجودها في تلك الأراضي في أسرع وقت ممكن.
والرأي الاستشاري الذي أصدره قضاة محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، ليس ملزما ولكن له ثقله بموجب القانون الدولي وقد يضعف الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل.
وقال رئيس المحكمة نواف سلام في أثناء تلاوة نتائج توصلت إليها لجنة مكونة من 15 قاضيا: «المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والنظام المرتبط بها، أُنشئت ويجري الإبقاء عليها بالمخالفة للقانون الدولي».
وقالت محكمة العدل الدولية إن سياسات إسرائيل وممارساتها، بما في ذلك توسيعها للمستوطنات اليهودية التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي وإبقاؤها على جدار الفصل الذي يمر في بعض الأماكن عبر الضفة الغربية، «ترقى إلى ضم أجزاء كبيرة» من الأراضي المحتلة.
وقالت المحكمة إن الالتزامات التي تقع على عاتق إسرائيل تشمل دفع تعويضات عن الضرر و«إجلاء جميع المستوطنين من المستوطنات القائمة».
وخلص رأي المحكمة أيضا إلى أن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة وجميع الدول يقع عليها التزام بعدم الاعتراف بشرعية الاحتلال أو «تقديم المساندة أو الدعم» للإبقاء على وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة.
وتُنظر القضية بناء على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2022، قبل الصراع الحالي في قطاع غزة الذي اندلع في أكتوبر.
وفي فبراير عرضت أكثر من 50 دولة وجهات نظرها أمام المحكمة، وطلب ممثلون فلسطينيون من القضاة الإقرار بأن إسرائيل يتعين عليها الانسحاب من جميع المناطق المحتلة وتفكيك المستوطنات غير القانونية.
ولم تشارك إسرائيل في جلسات الاستماع لكنها قدمت بيانا مكتوبا للمحكمة قالت فيه إن إصدار رأي استشاري من شأنه «الإضرار» بمحاولات حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وطلبت أغلبية الدول المشاركة في جلسات الاستماع من المحكمة اعتبار الاحتلال غير قانوني، في حين رأت مجموعة صغيرة من البلدان، منها كندا وبريطانيا، أن على المحكمة رفض إصدار رأي استشاري.
وحثت الولايات المتحدة، الداعم الأقوى لإسرائيل، المحكمة على الحد مما يمكن أن يتناوله أي رأي استشاري وعدم إصدار أمر ينص على الانسحاب غير المشروط للقوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية.
وكان موقف الولايات المتحدة هو أن المحكمة ينبغي عليها ألا تصدر أي قرار من شأنه الإضرار بمفاوضات حل الدولتين بناء على مبدأ «الأرض مقابل السلام».
وفي عام 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية رأيا استشاريا مفاده أن الجدار العازل الإسرائيلي المحيط بمعظم أراضي الضفة الغربية غير قانوني وأن المستوطنات الإسرائيلية أنشئت على نحو ينتهك القانون الدولي. ورفضت إسرائيل هذا الرأي.
ورحب مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقرار «التاريخي» الذي أصدرته محكمة العدل. وقالت الرئاسة الفلسطينية إنها «ترحب بقرار محكمة العدل الدولية وتعتبره قرارا تاريخيا وتطالب بإلزام إسرائيل بتنفيذه»، وفق ما نقلت عنها وكالة الأنباء الرسمية «وفا». وأضافت أنها تعتبر «قرار المحكمة انتصارا للعدالة، إذ أكد القرار أن الاحتلال الإسرائيلي غير شرعي».
بدورها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن «الرأي الاستشاري بات الآن حقيقة قانونية لا يمكن دحضها، ويترتب عليه آثار قانونية».
وأضافت الوزارة أن «الحل الوحيد المتوافق مع القانون الدولي هو أن تقوم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بإنهاء احتلالها غير القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة من دون قيد أو شرط وفورا»، وفق ما نقلت عنها وكالة «وفا».
بعيد صدور القرار، اعتبرت وزيرة الدولة الفلسطينية للشؤون الخارجية فارسين أغابيكيان شاهين أن صدور القرار «يوم كبير لفلسطين».
وقالت الوزيرة لوكالة فرانس برس «إنها أعلى هيئة قضائية (في الأمم المتحدة) وقد قدمت تحليلا مفصلا جدا لما يحصل في ضوء الاحتلال والاستيطان الدائمين من جانب إسرائيل للأراضي الفلسطينية، في انتهاك للقانون الدولي».
وفي رد سريع رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية الرأي ووصفته بأنه «خاطئ جوهريا» ومنحاز، وأكدت موقفها بأن التسوية السياسية في المنطقة لا يمكن التوصل إليها إلا من خلال المفاوضات.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان «الشعب اليهودي لا يمكن أن يكون محتلا لأرضه».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك