فاتن دونغ - إعلامية صينية
يعدّ التصحر تحديا يواجهه العالم بأسره، ومكافحة التصحر هي خيار لا مفر منه لتحقيق التنمية الخضراء العالمية. كانت مدينة يولين الواقعة في أقصى شمال مقاطعة شنشي الصينية منطقةً تتعرض لعواصف رملية طوال العام بسبب وقوعها في الطرف الجنوبي لصحراء ماوووسو. أما اليوم فتمت السيطرة على 93.24% من الأراضي المتصحرة في يولين، وتم تثبيت أو شبه تثبيت 573 ألف هكتار من الرمال المتحركة. قد توفر تجربة يولين للعالم نموذجا يمكن الاستفادة منه أو تكراره في مكافحة التصحر.
قد تشبه الظروف في يولين بعض المناطق في الدول العربية، حيث تقع المدينة على منطقة التقاطع بين صحراء ماوووسو وهضبة اللوس، يبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي حوالي 400 ملم، إنها منطقة تصحر ورملية.
على مدار السنوات الماضية، قامت يولين بدقة بتنفيذ مفاهيم الرئيس شي جين بينغ المتمثلة في «المياه الصافية والجبال الخضراء هي كنز لا يُقدر بثمن» و«الحماية المتكاملة والإدارة النظامية للجبال والمياه والغابات والحقول والبحيرات والأعشاب والرمال»، من خلال اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتحقيق الانتقال الناجح من «زحف الرمال» إلى «تراجع الرمال وتقدم الخضرة» والتنمية الاقتصادية المستدامة وعالية الجودة.
بدايةً، من خلال التشجير الواسع النطاق وتقنيات تثبيت الرمال والوقاية من العواصف الرملية، نجحت يولين في السيطرة على الرمال المتحركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن استعادة الغطاء النباتي ساهمت بدورها في الحد من الأضرار الناجمة عن العواصف الرملية على حياة السكان وإنتاجهم، وفي خلق ظروف مواتية لمزيد من البناء البيئي.
ثانيًا، تحسين خصوبة الأرض وإنشاء بيئة متكاملة للتعايش المتناغم بين الكائنات المجهرية والنباتات والحيوانات. بما في ذلك الاستفادة من تقنيات الميكروبيولوجيا لتحسين بنية التربة والحد من الآفات، وتحويل المخلفات العضوية إلى موارد مفيدة من خلال عمليات التخمير الميكروبي.
كان الرصد الشامل والتجريب أيضًا مفتاح النجاح في يولين. على مدى 20 عاما، توافد خبراء التربة والهيدرولوجيا إلى هنا، وأنشأوا مجموعة متنوعة من محطات التجارب البيئية ونظم الرصد، وأطلقوا نماذج الغابات الاقتصادية البيئية، وأنماط التربية تحت الغابات، وأنماط الإنتاج الطبيعي للفطر الصالح للأكل تحت الغابات، محولين 28 ألف هكتار من بحر الرمال إلى واحات خضراء.
علاوة على ذلك، حققت المنطقة المحلية أيضًا تنمية عالية الجودة للاقتصاد الزراعي في بيئة الجفاف. على سبيل المثال، كانت قرية إيدانغوان في يوم من الأيام من أكثر المناطق تعرضا للتصحر. فبعد سنوات من مكافحة التصحر وتحسين البيئة، تحولت الصحراء إلى واحة. في مواجهة مشكلة الاستخدام المفرط للمياه الجوفية في الري الزراعي، بدأت الحكومة المحلية في تنفيذ سياسة إعطاء الأولوية للحفاظ على المياه في المنطقة بأكملها، وعملت لزيادة وعي السكان بضرورة الحفاظ على الماء، ومن خلال اتخاذ العديد من التدابير نجحت في تطوير الزراعة المتوافرة للمياه على مساحة 12 ألف هكتار، وذلك يشمل جمع المياه من الأمطار والثلوج، واستخدام تقنية الري بالتنقيط الحديثة، واختيار البطيخ والفجل والفلفل والمحاصيل الأخرى الموفرة للمياه وغيرها. وخلال العامين الماضيين، عادت مستويات المياه الجوفية إلى الارتفاع.
اليوم، لم تصبح هذه المدينة التي تعاني من نقص المياه وشح الأمطار أكثر اخضرارا فحسب، بل وجدت أيضا مسارا للتنمية المستدامة عالي الجودة. إن مفاهيم وممارسات التنمية في مدينة يولين للحماية والإدارة البيئية التي تجمع بين الإيكولوجيا والموارد المائية والزراعة وتطوير الصناعات الخضراء قد تكون درسا يمكن استلهامه من قِبل المناطق الجافة أو شبه الجافة لمواجهة التحديات البيئية بشكل أكثر فعالية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك