أول بحرينية تحصل على جائزة لؤلؤة البحرين.. صاحبة خمسة إصدارات.. اختصاصي أول إعلام في المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية إيمان عبدالرزاق الخاجة لـ«أخبار الخليج»:
من أجمل ما قال الأديب العالمي شكسبير عن الأمل والتفاؤل: «الإصرار على التفاؤل قد يصنع ما كان مستحيلا»!
حقا، على المرء أن يكون إيجابيا، ويتذكر أن قليلا من التفاؤل قد يخلق ألف طريق نحو العطاء والسعادة، فهو يضاعف القوة، ويبني النجاح، ويجعل كل شيء جميلا من حولنا.
هذا ما تستشفه بالفعل حين تنظر إلى وجه تلك الفتاة البشوش، الذي لا تفارقه الابتسامة حتى عند حديثها عن الآلام والأوجاع، وكأنها تقول لنفسها في كل لحظة إن هناك فرحا ينتظرها عند أطراف الطريق وخلف تلك الأبواب المغلفة.
إيمان عبدالرزاق الخاجة، اختصاصي أول إعلام في المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، أول بحرينية تحصل على جائزة لؤلؤة البحرين، صاحبة خمسة إصدارات هي «رواحل»، و«مرسى»، و«شغف»، و«متكأ»، و«على ناصية الشعور»، مثلت البحرين في عديد من المحافل والفعاليات في الخارج، أطلقت بودكاست بعنوان «نبض» خلال جائحة كورونا لتحقق نوعا من الأمان النفسي والاجتماعي للآخرين لتؤكد أهمية العمل التطوعي الذي صنعت منه رسالة في الحياة.
حول هذه التجربة الإنسانية بامتياز كان الحوار التالي:
ما سر ابتسامتك الدائمة؟
- أنا إنسانة إيجابية إلى أبعد درجة، لا أتخيل نفسي دون ابتسامة على وجهي طول الأوقات، فكلي أمل تجاه مستقبل أجمل، صحيح أنني لا أعلم ماذا يخبئ لي الغد ولكني خبأت له التفاؤل، ودائما أستمد سعادتي من إسعاد الآخرين وإحداث التغيير في حياتهم وذلك من خلال الرسالة الإنسانية التي عاهدت نفسي على الاستمرار بها منذ الصغر، وهذا ما تربيت عليه، حيث غرست والدتي بداخلي حب الخير والعطاء وكانت لي مشاركات ومساهمات مجتمعية في عمر مبكر للغاية.
ومتى بدأت علاقتك بالكتابة؟
- لقد عشقت الشعر منذ طفولتي، وكنت مدمنة على سماعه وعلى كتابته، كما اعتدت على تدوين يومياتي وتسجيل الكثير من الخواطر نظرا إلى تمتعي بميول أدبية، وحين أنهيت الثانوية العامة قررت الالتحاق بجامعة البحرين لدراسة الإعلام والتصميم، وقد كان عملي التطوعي نافذة لدخول عالم الوظيفة.
أهم إصداراتك؟
أثناء المرحلة الجامعية حرصت على القيام بأنشطة اجتماعية متنوعة لذلك التحقت بالمؤسسة الملكية الإنسانية من حوالي 15 عاما تقريبا لممارسة ذلك بشكل أكثر مهنية واحترافية، ومن خلالها أصدرت كتابي الأول «رواحل»، حيث شجعني كثيرا على ذلك الكاتب القدير علي الشرقاوي، كما قدمت لي المؤسسة كل الدعم لخوض هذه التجربة كنوع من الدعم للأرامل وتحفيزهم على الاستمرار والمواصلة في مسيرتهم بكل قوة وتفاؤل، ثم أصدرت كتاب «مرسى» وهو يضم العديد من قصص النجاح لبعض الأيتام من أبناء المؤسسة منذ طفولتهم وحتى الكبر، واستعرضت خلاله الكثير من اللحظات الصعبة التي مروا بها وكيف تم تحويلها إلى نور قد يهتدي به غيرهم عبر مشوارهم، وحين أبدى بنك الأسرة إعجابه وتقديره بهذا العمل طلب منا تأليف كتاب تحت عنوان «شغف» عن المشاريع المتناهية الصغر وبداية انطلاقها.
والإصدار الرابع؟
الإصدار الرابع كان بعنوان «متكأ» وهو الأهم والأقرب إلى قلبي، ويمكن اعتباره حلما تأخر تحقيقه بعض الشيء، وقد استعرضت خلاله قصص نجاح لبعض الشخصيات التي التقيتها ولا يعلم عنها المجتمع، واكتشفت أن هناك الكثير من هذه النماذج تعمل في صمت، وحرصت على أن أقدم عبر رسالة للقارئ مفادها إعادة النظر في كثير من الأمور المؤثرة في حياته، تلا ذلك تأليف كتاب بعنوان «على ناصية الشعور» وتم ذلك أثناء جائحة كورونا، وتحدثت فيه عن نصوص ومقالات وتجارب أدبية متنوعة وقد شاركت به في عدد من معارض الكتاب في منطقة الخليج.
أصعب التجارب التي مرت بك؟
- يمكن القول إن إصابتي بمرض السرطان من أصعب التجارب التي مررت بها، ومن المؤكد أن رحلتي معه تشمل الكثير من المحطات، ولا شك أنها غيرت من نظرتي للكثير من أمور الحياة، كما دفعتني إلى إعادة ترتيب الأولويات بالنسبة إلي، ورغم أنني مازلت في المحطة الأولى منها، فإنني تعلمت الكثير منها وخاصة فيما يتعلق بأهمية تمتعي بالتريث وبالهدوء وبالثبات الانفعالي في كل خطواتي، علما بأنني أول حالة إصابة به في العائلة، ومن ثم كانت الصدمة شديدة على الجميع.
الدرس المستفاد من هذه التجربة؟
أهم شيء خرجت به من هذه التجربة الصعبة هو تمتعي بالقوة، كما أنني أصبحت أكثر نضجا عند تعاملي مع كثير من الأمور والمواقف، ومع الوقت تقبلت الأمر وتعايشت معه، ودائما أتسلح بالدعاء وبالتسبيح للتغلب على أي مشاعر سلبية، الأمر الذي يشعرني بالسلام الداخلي، فضلا عن استمراري في مسيرة العمل الإنساني الذي جعل مني شخصية إيجابية إلى أبعد الحدود.
أهم إنجازاتك التطوعية؟
- نظرتي إلى العمل التطوعي تنطلق من أنه وسيلة للتخلص من كثير من الهموم والأوجاع، ومصدر لتعلم مهارات القيادة وكيفية التعامل مع الآخرين، وهو يؤكد أهمية التكاتف والتكافل واللحمة بين الأفراد وخاصة في وقت الأزمات والشدائد ولعل أهم الإنجازات في هذا المجال والتي أعتز به كثيرا تأسيس فريق «ومضة أمل» وكان ذلك أثناء المرحلة الجامعية.
وأجمل التجارب؟
- أما أجمل التجارب الخيرية فكانت رحلتي الإغاثية إلى الأردن والتي أدركت خلالها قيمة الكثير من النعم التي وهبها الله لنا ويجب أن نحمده ونشكره عليها، وكذلك أهمية الحفاظ عليها، ولاشك أن تلك الرحلة أحدثت نقلة كبيرة في شخصيتي وبمسيرتي التطوعية، علما بأنني اخترت أن تكون رسالة الماجستير التي أعددتها في نفس الإطار حيث كان موضوعها عن دور الانستجرام في تحفيز الشباب البحريني على العمل التطوعي، وكيف يمكن تسخير التكنولوجيا الحديثة في عمل الخير والاستفادة الإيجابية منها.
أسعد اللحظات؟
- من أسعد اللحظات التي عشتها ولا تنسى بل حفرت في الذاكرة لما لها من رهبة كبيرة كانت خلال تمثيل المؤسسة الملكية للبحرين في مؤتمر يوم اليتيم العربي بجامعة الدول العربية في مصر، وذلك بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، وكم أنا فخورة بتمثيل وطني خير تمثيل في تلك الفعالية المهمة والتي أوصلنا من خلالها دور البحرين العظيم في العمل الإنساني بشكل عام.
مبدأ تسيرين عليه؟
- مبدئي في الحياة ينطلق من الإيمان بأن سعادة المرء تتحقق وتعلو بالعطاء، لذلك أسعى دائما لإدخالها على قلوب الآخرين من خلال عملي الخيري، وهذا هو سر ابتسامتي الدائمة، كما أنني أتمتع بقناعة تامة بأهمية النظر دائما إلى ما نتمتع به من نعم، وعدم التركيز على الشيء المفقود، ومن المبادئ الأخرى المهمة التي حرصت على الالتزام بها عبر مشواري هو عدم إطلاق الأحكام جزافا على الآخرين، فكل شخص يجب أن يلتزم بحدوده ولا يقحم نفسه في أمور تخص غيره، وللأسف بتنا اليوم لا نشعر بالإنسانية رغم وجودها من حولنا وذلك بسبب التوقف عند الشر بصورة غالبة في هذا العصر.
في رأيك ماذا يهدد الجيل الجديد؟
- يمكن القول إن هناك مفهومين خاطئين خطيرين يتم الترويج لهما اليوم على السوشيال ميديا الأول ما يطلق عليه «المرأة المستقلة» والآخر ما يسمي بـ«اعتزل ما يؤذيك»، وهما بحاجة إلى تصحيح فوري، فمصطلح الاستقلالية قد وصل مع الجيل الجديد إلى درجة مرعبة، حيث تعتقد الفتاة خاصة أنها بمفردها تستطيع تحقيق النجاح والاستغناء التام عن أي شخص، وهو شيء يتنافى مع الفطرة البشرية، كما أن اعتزال ما يؤذي الشخص قد يقوده إلى استسهال الهروب عند مواجهة أي مشكلة وعدم التفكير في الحلول أو البدائل أو المخارج، وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثيرون في هذا العصر.
حلم ضائع؟
- يمكنني الجزم بأنه ليست لدي أحلام ضائعة، وذلك لحرصي دوما على التخطيط ووضع أهداف محددة كل عام أسعى جاهدة نحو بلوغها، وأحمل معي ما لم يتحقق للعام التالي وهكذا، وعموما أنا على قناعة تامة بأن الطموحات تتحقق في توقيتها المناسب بتدبير من رب العالمين، والمهم هو الشعور بالرضا والإيمان، وفي الوقت نفسه بذل أقصى جهد لنيل ما نتمنى، والتركيز الدائم على تطوير الذات، والتغلب على أي عثرات، ومن ثم الاستمرار في مشوارنا، وعدم التوقف عن العطاء مهما واجهنا من تحديات.
طموحك القادم؟
- أتمنى امتلاك مشروع خاص بالأعمال اليدوية أمارس من خلاله شغفي بصورة احترافية، وهذا ما أحتاج إلى التركيز عليه خلال الفترة القادمة بمشيئة الخالق، وأنا أرى أن المرأة البحرينية بشكل عام قادرة على تحقيق أي طموح، فكل عوامل النجاح متوافرة، هي فقط بحاجة إلى السعي والإيمان بقدراتها والدعم المعنوي من الأهل والأصدقاء والمقربين لها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك