كتب: علي ميرزا
تساءلنا في أكثر من مناسبة، وتساءل غيرنا من المعنيين بالكرة الطائرة، كل بحسب موقعه واختصاصه، عن أسباب غياب واعتذار بعض المنتخبات والأندية عن المشاركة في البطولات العربية، ولم يكن أمامنا في «أخبار الخليج الرياضي» إلا حمل السؤال إلى أكثر من مختص وخبير كل في مجاله، ليتسنى لنا الوقوف على الأسباب والمسببات، وفي الوقت الذي نجد فيه العذر لكل من تغاضى عن التفاعل مع السؤال، فإننا نثمن في الوقت نفسه ردة فعل الثلاثي المدرب والمحاضر الدولي شريف الشمرلي (مصر) والدكتور إسماعيل السراحنة أمين سر الاتحاد الأردني للكرة الطائرة (الأردن)، وجمال المعمري مدرب منتخب عمان للكرة الطائرة(عمان) إذ كل منهم قدم أسبابه ورؤاه من زاويته الخاصة، وإن جاءت في بعض خطوطها متشاركة.
ثلاثة مستويات
وصف الشمرلي بأن موضوع مشاركة الفرق العربية في البطولات للمراحل السنية في غاية الأهمية والتأثير، ويحتاج إلى الدراسة وتحديد الأسباب، وقسم المنتخبات العربية إلى ثلاثة مستويات:
-المستوى الأول تندرج تحته الدول التي تهتم بالقاعدة والبناء، وتبدأ بإعداد لاعبيها من سن 7سنوات، وبالتالي عند وصولهم لسن فرق الناشئين يكون عمرهم التدريبي 10 سنوات، ويشاركون في البطولات القارية، وينافسون فيها، أو يفوزون بها ويتأهلون للبطولات العالمية، ويحققون فيها مراكز متقدمة، أو يقدمون أداء مميزا، ويترتب على ذلك ارتفاع مستواهم.
-المستوى الثاني، وهي الدول التي لا تعير القاعدة اهتماما بشكل كاف، ويبدأ الاهتمام بها في وقت متأخر نسبيا، ويترتب على ذلك أن يكون عمر اللاعب التدريبي أربع أو خمس سنوات، وبالتالي مستواه لا يؤهله للمشاركات القارية، ولا يتأهل لبطولات العالم، ومستواه يتوقف عن التطور.
-المستوى الثالث، ويتعلق بالدول التي ظروفها لا تسمح لها بأي تطوير، ولا يوجد برامج ولا اهتمام، وعمرهم التدريبي ضعيف جدا، وإعدادهم يقتصر على أيام محدودة قبل البطولات المزمع المشاركة فيها متى توافرت ظروف المشاركة، وتقتصر أهداف مشاركة مثل هذه الدول على الممارسة فقط، ويتصف مستواها بالضعف
وبحسب تصنيفه السابق يرى الشمرلي أن المستوى الأول يفضل المشاركة في البطولات القارية والعالمية، ويتهرب من العربية ما عدا بعضهم، بينما المستوى الثاني أغلب منتخباته تهتم بالبطولة العربية والمشاركة فيها، لأن القائمين عليها يرون في هذه البطولات الفرصة المتاحة بالنسبة إليهم كمشاركة مناسبة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ويرى في المستوى الثالث أنه يبحث عادة عن أي بطولة للمشاركة فيها لأجل التواجد لا غير، ولا يمتلك مقومات المنافسة، ومن هنا تقل مشاركة المستوى الأول، ويجتهد الثاني والثالث في المشاركة.
أسباب الغياب
ويرى المدرب والمحاضر الدولي شريف الشمرلي من جهة نظره الخاصة أن أسباب عزوف أو تهرب أو عدم مشاركة الدول الحقيقية في بطولات الناشئين إلى:
- عدم توافر إمكانات مالية للمشاركة، والإعداد الجيد.
- ضعف القاعدة في بعض الدول، وعدم وجود لاعبين للمشاركة.
- الظروف السياسية وحالات عدم الاستقرار.
- خوف بعض الدول من تبعات الخسارة لهذه البطولات على موقف اتحاد اللعبة، وتفادي الهجوم على كل المستويات حال الخسارة، مع تأثر مكتسبات هذه الدول ونجاحاتها بنتائج المشاركة إذا حدثت الخسارة.
- عدم مناسبة مواعيد إقامة هذه البطولات لبعض الدول.
- تفضيل الفرق المشاركة في البطولات القارية والعالمية في حال تأهلها إليها.
- ضعف القاعدة بشكل عام في أغلب الدول العربية، وعدم وجود دوريات ومسابقات محلية مناسبة كافية لفرز لاعبين للمشاركة، وقد تكون هناك أسباب لها علاقة بقلة عدد السكان، أو قلة المشاركين في اللعبة، أو ضعف المنظومة إداريا مما لا يوفر ظروف البناء والتطوير.
وتابع قائلا: أما السبب الرئيسي من وجهة نظري فيكمن في عدم وجود خطط منهجية استراتيجية شاملة للمنظومات والاتحادات العربية، وجزء منها يرتبط ببناء القاعدة، وكل الدول التي حققت الإنجاز فقد حققته بتواجد الخطط، حتى لو كانت لا تطبق تفاصيل خطط الاستراتيجية، لكنها جزئيا عندها خطط لبناء وتطوير القاعدة.
وأضاف: ومما له الأثر الأكبر أن بعض المسؤولين لا تتوافر لديهم القدرة على التخطيط، وإدارة المنظومات، أو العمل على البناء، وهذه بدوره يؤثر على مستوى البناء للقاعدة، وتسيير المنظومة والمشاركات الخارجية.
عدم الاهتمام
وتحدث الدكتور إسماعيل السراحنة أمين سر اتحاد الكرة الطائرة الأردني في شأن غيابات المنتخبات العربية عن مثل هذه البطولات قائلا من وجهة نظره كمدرب سابق وإداري وخبير للعبة: السبب واضح ويكمن فيه، ومرجع ذلك إلى عدم وجود دعم مالي لمثل هذه البطولات والمشاركات، إذ أن بعض المنتخبات لديها أكثر من فئة عمرية تقوم بتشكيلها، وتعيين كادر فني وإداري لكل فئة حتى تستطيع إيجاد جيل من اللاعبين للوصول إلى الفئات العمرية المطلوبة للمشاركة بها، ونحن كاتحاد أردني لدنيا منتخبات عمرية لمختلف الفئات لتشكل مستقبلا روافد لباقي الفئات العمرية سواء لفئات الرجال أو السيدات بمختلف الأعمار.
تطوير الكرة الطائرة العربية
وأكد السراحنة من زاويته الخاصة أنه متى أردنا أن نطور الكرة الطائرة العربية فينبغي أن تبدي جميع الاتحادات الاهتمام بتوفير الدعمين الفني والمالي لهذه الفئات العمرية كي يتسنى لنا بناء أجيال مستمرة، وتكون رافدة باستمرار لكافة منتخباتنا الوطنية، وتبقى على الاستمرارية بالتدريب. وشدد على أن الفئات العمرية الصغيرة مهمة جدا للعمل عليها، لافتا إلى أن الكثير من الدول العربية تهتم بالفئات العمرية ولديها منتخبات كبيرة من الفئة من كلا الجنسين تشارك بهم في البطولات القارية والعالمية.
العامل المادي
ويرى أمين سر اتحاد الطائرة الأردني أن العامل المادي يمثل المشكل الأكبر في المشاركات ومشكلة الرياضة بصفة عامة، وفي جميع الألعاب، وليست الكرة الطائرة وحدها.
التوقيت والعائق المالي
وتحدث جمال المعمري مدرب منتخب عمان للكرة الطائرة في الشأن نفسه، إذ عزا الأمر إلى عدم مناسبة توقيت إقامة البطولة بالنسبة إلى بطولات الفئات العمرية، فالتوقيت من وجهة نظره يراه عائقا في مشاركة أغلب المنتخبات، وخاصة أن هذا التوقيت يتزامن مع اقتراب الاختبارات المدرسية.
وتابع: ولا يقتصر الأمر على السبب الأول، بل هناك التكلفة المالية لرسوم الإقامة والإعاشة لبعض المنتخبات، هذا على مستوى منتخبات الفئات العمرية.
غياب الروزنامة
وتطرق لمنتخبات الرجال وغيابها مرجعا ذلك بالدرجة الأولى إلى غياب الروزنامة الواضحة واستمرارها سنويا، والمردود المادي من وراء المشاركة والتنافس والتسويق للبطولة، إذ يرى في البطولة العربية أنها بطولة إقليمية تفتقد للتصنيف الدولي، وغير معترف بها، ولا تمنح بطاقة مؤهلة لبطولة قارية.
وطالب المعمري من جهته الخاصة بتضافر جهود كل الاتحادات العربية وتكاتفها لأجل إيجاد حل سريع للاعتراف بالبطولة وإدراجها تحت مظلة الاتحاد الدولي، ودخولها في التصنيف، فضلا عن إيجاد التشويق عبر النقل التلفزيوني والجذب الجماهيري والإعلامي.
وتابع قائلا في السياق ذاته: إن تكون هناك جوائز مالية مجزية وكبيرة للفرق الفائزة حتى يترتب على ذلك رغبة قوية في المشاركة والتنافس، وهذا من شأنه يسهم في رفع كفاءة لاعبينا العرب، ويدفعون إلى الاحتراف الدولي.
ولفت المعمري إلى أن يكون هناك توجه من أعلى المستويات في كل بلد عربي، بحيث تكون المشاركة الزامية، حتى يتحقق هدف تقارب ولحمة الهوية العربية، فضلا عن تبادل الخبرات الإدارية والفنية، وإقامة ورشات عمل على هامش كل بطولة للحكام والإداريين والمدربين الفنيين، حتى تكون البطولة هي بمثابة منظومة رياضية بحتة تصقل كل المواهب، وتقديم كل ما هو جديد في عالم الكرة الطائرة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك