واشنطن (الوكالات): أعرب محللون سياسيون أمريكيون عن قلقهم من الأداء الضعيف للرئيس، جو بايدن، في أول مناظرة مع منافسه الجمهوري، دونالد ترامب، قبل الانتخابات المتقاربة التي من المقرر أن تجرى في نوفمبر المقبل. فقد هيمن دونالد ترامب بكثير من الثقة على أول مناظرة تلفزيونية في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية بمواجهة جو بايدن الذي تعثّر في الكلام ولو أنه كان هجوميا في المضمون. وفور انتهاء المناظرة، انتشرت في الصحافة ردود فعل تعبر عن هلع ودعوات إلى انسحاب بايدن صدرت عن ديمقراطيين لم يكشفوا هوياتهم.
وفي تصريحات لشبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأمريكية، التي استضافت المناظرة، التي جرت يوم الخميس، انتقد العديد من الخبراء بايدن (81 عاما) بسبب تصريحاته غير الواضحة وسلوكه المربك، في المواجهة، التي طال انتظارها. ووصف المعلق السياسي في «سي.إن.إن»، فان جونز، وهو مستشار خاص للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، أداء بايدن بأنه «مؤلم». وأضاف «إنه يبذل قصارى جهده. لكنه كان أمام اختبار الليلة ليستعيد ثقة البلاد وثقة القاعدة. وفشل في القيام بذلك».
وكان جون كينج، المراسل في الشؤون الوطنية في «سي.إن.إن» قد افتتح النقاش، بعد المناظرة، بالقول إن هناك الآن «ذعرا عميقا وواسعا وعدوانيا بشكل كبير، في الحزب الديمقراطي» في أعقاب الأداء «البائس» لبايدن. وأضاف كينج أنه نتيجة لذلك، أجرى البعض في الحزب «محادثات» بشأن احتمال مطالبة بايدن بالتنحي. ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن مشرع ديمقراطي، اشترط عدم الكشف عن هويته، قوله، بعد انتهاء المناظرة، إن بايدن ظهر كـ«قشرة» من شخصيته السابقة، مضيفا أنه يتعين على الحزب الديمقراطي إجراء حوار بشأن استبداله على البطاقة الانتخابية.
وكان بايدن قد طالب بهذه المواجهة مع سلفه الجمهوري في مثل هذا الوقت المبكر من الحملة، لكن الرئيس الديمقراطي البالغ 81 عاما أضاع فرصة أساسية لطمأنة ملايين الأمريكيين الذين تابعوا المناظرة عبر التلفزيون بشأن حالته الصحية والذهنية. وبدا بايدن أكثر من مرة متلعثما ومرتبكا في الكلام. أما ترامب البالغ 78 عاما والذي أدين جنائيا في نهاية مايو، ففرض أسلوبه ونبرته مضاعفا المبالغات والأكاذيب، لا سيما بشأن الهجرة، بدون أي تدخل من صحفيي شبكة «سي إن إن» اللذين كانا يديران المناظرة.
ورفض الرئيس السابق الذي لم يعترف يوما بهزيمته أمام بايدن في انتخابات 2020، التعهّد باحترام نتيجة الاستحقاق المقبل في الخامس من نوفمبر. كما نفى مرة جديدة أي مسؤولية له في اقتحام أنصاره لمقرّ الكونجرس في واشنطن في السادس من يناير 2021. وقال إن العنف السياسي «غير مقبول تماما»، وإنه سيقبل نتيجة الانتخابات «إذا كانت عادلة وقانونية». وقال بايدن من جهته «الآن يقول إنه إذا خسر مرة أخرى، سيكون هناك حمام دم (...) هذا الرجل لا يدرك بتاتا معنى الديمقراطية الأمريكية».
في المسائل الدولية، اتهم ترامب خصمه بعدم مساعدة إسرائيل على «إنجاز المهمة» في قطاع غزة حيث تخوض منذ أكثر من ثمانية أشهر حربا مدمّرة مع حماس بعد هجوم غير مسبوق للحركة على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر. وفي وقت يواجه بايدن انتقادات من قسم من قاعدته الديمقراطية يأخذ عليه دعمه لإسرائيل، قال ترامب «هو لا يريد القيام بذلك. أصبح أشبه بفلسطيني، لكنهم لا يحبونه لأنه فلسطيني سيئ جدا، فلسطيني ضعيف».
وقال بايدن «لا يمكن أن نسمح باستمرارية حماس»، مشيرا الى أن الحركة الإسلامية الفلسطينية «ضعفت كثيرا. ويجب أن تضعف. يجب أن تزال. لكن يجب أن ننتبه الى كيفية استخدام بعض الأسلحة في أماكن مأهولة». وتناول الخصمان مطولا مسائل جوهرية مثل التضخم والهجرة ودعم أوكرانيا.
وفور انتهاء المناظرة، انتشرت في الصحافة ردود فعل تعبر عن هلع ودعوات إلى انسحاب بايدن صدرت عن ديمقراطيين لم يكشفوا هوياتهم. وأقرّت مديرة العلاقات العامة السابقة لبايدن كايت بيدينغفيلد، في تعليق لـ«سي إن إن»، بأن «أداء (الرئيس) خلال المناظرة كان مخيبا للأمل حقا، ليست هناك طريقة أخرى لقول ذلك». وقال الخبير السياسي لاري ساباتو لوكالة فرانس برس «كانت هذه كارثة بلا أي شك».
وفي محاولة لمعالجة الأزمة، اعترفت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس بأن بايدن كان «بطيئا في البداية» لكنه برأيها «أنهاها بقوة». وذهبت الجمهورية نيكي هايلي التي نافست ترامب في الانتخابات التمهيدية والتي يسعى الطرفان لاستمالة ناخبيها، إلى حدّ الإشارة إلى أن بايدن لن يكون «مرشح الديمقراطيين في الانتخابات»، وحضّت معسكره على «لزوم الحذر».
غير أن سيناريو اختيار مرشح آخر يبقى في الواقع مستبعدا تماما. ومن المتوقع ما لم تحصل مفاجأة كبرى، أن يعيّن الحزب الديمقراطي رسميا بايدن مرشحا له للرئاسة خلال المؤتمر الذي سيعقده في شيكاغو في منتصف أغسطس. ولا شكّ أن أداء بايدن الرديء سيشكّل منعطفا في حملة شهدت حتى الآن منافسة شديدة بين المرشحين، لا سيما في الولايات التي يمكن أن ترجّح كفة الانتخابات. غير أنه من الصعب معرفة ما إذا كانت المناظرة ستحدث تغييرا جذريا في بلد يشهد استقطابا سياسيا عميقا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك